مقالات

كل مسلم داعية إلى الله

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد،،

فإن كلّ مسلم يقتضي إيمانه أن يكون من الدعاة إلى الله، ولا يتصور أبداً أن يكون أحد ينتمي إلى هذا الدين العظيم ولا يكون داعية له، وهذا يوضحه قول الله جل وعلا: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)، كما يوضحه قول النبي صلى الله عليه وسلم: “بلِّغوا عنِّي ولو آية”.

وينبغي على المسلم الداعي مراعاة وضوح دعوة الإسلام، وسلامتها من الغموض والتعقيد في عقائدها أو في عبادتها ومعاملاتها، فيعرضها على الناس كما هي واضحة سليمة، لا يدخل عليها عناصر غريبة عنها نتيجة تشدده أو تزمته وغلوه، أو حتى جهله، فيفقدها أكبر عوامل قبول الناس لها واعتناقهم إياها، وهو الوضوح والسلامة.

والدعوة السليمة هي التي لا يهدف صاحبها من ورائها إلى تحقيق أي هدف مادي أو كسب شخصي، وإنّما تقوم على أساس التجرد فيها لله، والدليل في ذلك قوله تعالى: (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ).

والدعوة السليمة هي التي لا يكون من أغراضها نشر الشر أو الفساد، وإنّما تكون أغراضها مقصورة على الخير والإصلاح، شعار صاحبها دائماً: (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ).

والدعوة السليمة هي التي لا يكون من طبيعتها العنف أو الشدّة، ولا تقود معتنقيها إلى المشقة أو الحرج، وإنّما يكون من طبيعتها السهولة واليسر، وبلك صرح القرآن، فقال تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، وقال سبحانه: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ).

ولنجاح أي داعي إلى الله وفوزه يتعيّن عليه معرفة أهداف الدعوة الإسلامية وأصول أركانها الخمسة الموضحة في قوله صلى الله عليه وسلم: “بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ”.

كما على الداعي أن يكون عالماً بأحوال وظروف ونفسيات من يدعوهم ويتصدى لهم، وأن يختار الطريقة الصحيحة لدعوتهم؛ وكل ذلك من شروط تحصيل العلم بالدعوة وهي البصيرة التي ذكر الله تعالى في قوله: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي).

والله تعالى نسأل أن يوفقنا جميعاً إلى التعاون على البر والتقوى، وأن يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر، اللهم آمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *