
هل يمكن اصدار (موازنة تصحيحية) بعد اصدار (الموازنة العامة)؟
تواجه الحكومة اللبنانية اشكاليات متعددة لتقدير ارقام الايرادات والنفقات العامة عند اعدادها لمشروع الموازنة العامة، خصوصا لناحية سعر صرف الدولار الاميركي الواجب اعتماده لاحتساب الايرادات الجمركية، وتعريفات الاتصالات. كذلك الامر توجد صعوبة في تقدير مدى تقيد ارقام الموازنة بالمؤشرات المطلوبة من قبل صندوق النقد. لذلك يوجد اتجاه الى اصدار مشروع الموازنة العامة بما تيسر من ارقام وفقا لتقديرات اولية، على ان يجري خلال العام اصدار "موازنة تصحيحية"، خصوصا بعد تطبيق الخطوات الاصلاحية المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي، بحيث تصبح الارقام اوضح والتقديرات اقرب الى الواقع، فهل يسمح النظام القانوني اللبناني اعتماد نظام الموازنة التصحيحية؟
بداية الموازنة التصحيحية هي موازنة تصدر بعد اصدار الموازنة العامة الاساسية، من اجل تصحيح التقديرات الواردة فيها، نتيجة العوامل التي تبرز خلال سنة تنفيذ الموازنة، وهذا النظام معمول به في عدة دول حول العالم.
اما الدستور اللبناني فانه يقضي في مادته ٨٣ على ان " كل سنة في بدء عقد تشرين الاول تقدم الحكومة لمجلس النواب موازنة شاملة نفقات الدولة ودخلها عن السنة القادمة ويقترع على الموازنة بندا بندا". ويتضح من النص الدستوري ان الموازنة يجب ان تكون شاملة لكل الايرادات والنفقات العامة ومخصصة لسنة مالية محددة، ولم يرد فيها امكانية اصدار موازنة تصحيحية تعدل الايرادات والنفقات السنوية.
كما ان مبدأ وحدة الموازنة الذي اعطي له قيمة دستورية بموجب قرارات المجلس الدستوري، يقضي بادراج جميع الايرادات والنفقات في وثيقة واحدة وعرضها مرة واحدة على البرلمان. واي استثناء على هذا المبدأ يقتضي ان يكون بنص دستوري غير موجود في الدستور اللبناني النافذ حاليا.
اضف الى ذلك ان المادة ٦ من قانون المحاسبة العمومية قضت بأن " تتألف موازنة الدولة من موازنة عامة، وموازنات ملحقة، وموازنات استثنائية." ولم يأت على ذكر الموازنة التصحيحية، اما الموازنة الملحقة الواردة في النص فالمقصود بها موازنة مرافق عامة ذات طابع صناعي وتجاري تديرها الدولة مباشرة، كموازنة مرفق الاتصالات الملحقة، ولا تعني باي حال ان لها الطابع التصحيحي او انها تصدر اثناء تنفيذ الموازنة العامة، بل هي ملحقة بالموازنة العامة وتقر معها بقانون واحد.
وخلاصة القول لا يحق للحكومة ان تعد موازنة تصحيحية لاحقة بعد اصدار الموازنة العامة من اجل تصحيح التقديرات القائمة فيها. وانما على من يعد الموازنة ان ينكب على اعدادها وفقا للاصول القانونية والمالية والاقتصادية، وان تكون تقديراته مرنة اقرب الى الواقع الاقتصادي والمالي القائم.
المزيد من الأخبار
الأكثر قراءة
- السؤال: هل يجوز للمرأة أن ترفض الجماع مع زوجها بسبب عدم شهوتها أو حاجتها حاليا؟وهنا سؤال يطرأ هل للزوجة الامتناع عن الفراش إذا كان زوجها لا يصل بها إلى نشوتها الجنسيّة؟
- جماهير كرة القدم عامة تطالب بتكملة البطولات المحلية وتنتظر مقررات الجمعية العمومية
- مفهوم مجلس النقد والعلاج الواقعي الممكن
- صوناً للبنان.. وفلسطين
- مسؤولية الفرد والمجتمع والمرجعيات الإسلامية في مواجهة التطرف لصالح الوسطية