أخبار عربية ودولية

مذبحة في طولكرم: العدو يواصل استنزاف الضفّة

رام الله | منذ تصاعد حالة الاشتباك في الضفة الغربية المحتلة، والتي تصدّرها مخيم جنين، تحاول أجهزة الاحتلال الأمنية جاهدة اجتثاث هذه الظاهرة المتنامية من المخيم (سبق أن دمّرته رأساً على عقب قبل 21 عاماً)، ومنع تصديرها إلى المدن والمخيمات الأخرى. ولكن إسرائيل باتت، اليوم، مضطرّة لمقاتلة كل نماذج المقاومة التي حذت حذو مقاومي جنين، ومن بينها مدينة طولكرم شمال الضفة، والتي كانت على موعد مع ليلة دموية، ارتكب فيها جيش الاحتلال مجزرة مروعة راح ضحيتها 6 شبان، فجر الأربعاء، جرّاء غارة نفذتها طائرة مسيّرة على مخيم نور شمس.وتعرضت مدينة طولكرم ومخيمَاها (نور شمس وطولكرم)، مساء الثلاثاء، لاقتحام واسع امتدّ لنحو 9 ساعات، وهو الثاني من نوعه خلال 24 ساعة، حيث دفع جيش العدو بآلياته وجرّافاته العسكرية إلى المدينة وشوارعها وأحيائها، وطوّق مخيم نور شمس، وحاصر حارة المنشية، التي عادةً ما تشهد اشتباكات مسلّحة عنيفة بين المقاومين وقوات الاحتلال. ووفقاً لمصادر محلّية تحدثت إلى «الأخبار»، فإن طائرة مسيّرة قصفت مجموعة من الشبان بصاروخ واحد على الأقل في حي المحجر في «نور شمس»، ما أدى إلى استشهاد 6 شبان، وإصابة ثلاثة آخرين بجروح بعضها خطير. وأوضحت المصادر أن الشهداء من المدنيين وليسوا من المقاومين. وفي ظلّ الحصار المفروض على المخيم، منع جيش العدو مركبات الإسعاف من الدخول إليه، كما احتجز لأكثر من ساعة مركبة تابعة للهلال الأحمر كانت تنقل ثلاثة جرحى. وأكد الهلال الأحمر الفلسطيني أن «قوات الاحتلال احتجزت ثلاث مركبات إسعاف أثناء محاولتها الوصول إلى الإصابات داخل نور شمس في طولكرم»، قبل أن يؤكد استشهاد ثلاثة أشخاص، قال إن طواقمه تمكّنت من الوصول إليهم «سيراً على الأقدام».
كذلك، قامت القوات الإسرائيلية بالاعتداء على الجرحى والمصابين أثناء نقلهم في مركبات الإسعاف، إذ أفادت المصادر المحلّية بأن أحد الجنود طعن جريحاً في عنقه أثناء احتجاز مركبة الإسعاف، مهدّداً إيّاه بالقتل، لتفاقم الطعنة من خطورة إصابته، وفقاً لما أكده نقيب الأطباء في طولكرم، رضوان بليبلة. وأشار بليبلة إلى أن جنود الاحتلال أوقفوا مركبات إسعاف في داخلها مصابون من مخيم نور شمس واعتدوا عليهم، كما جرى الاعتداء بالضرب الشديد والشتم والإهانة على جرحى آخرين، ومنهم اثنان أنزلا من المركبة وتعرّضا للركل والضرب بأعقاب البنادق على أماكن إصابتهما، لمدّة 40 دقيقة في حالة أحدهما.

أيضاً، استهدفت قوات الاحتلال ممتلكات المواطنين، إذ قصفت بقذائف «الأنيرجا» منزلاً مهجوراً في ضاحية أكتابا مقابل مخيم نور شمس، كما استهدفت عدداً من المنازل في مختلف حارات المخيم، وتحديداً مناطق المنشية، والمحجر، والجورة والدمج، وجبل النصر، وأجرت عملية تفتيش واسعة داخلها، وخربت محتوياتها بعد إخضاع أصحابها للاستجواب، بينما اعتلى جنود أسطح المباني العالية داخل المخيم ومحيطه وحوّلوها إلى نقاط مراقبة. وكالعادة، قامت جرافات «D9» بجرف البنى التحتية في الشوارع الرئيسية لـ«نور شمس» وساحته وحارة المنشية، وهدم بعض جدران المنشآت والساحات والممتلكات العامة والخاصة، فيما اشتكى المواطنون من تعمّد الاحتلال إحداث تشويش كبير على الاتصالات وشبكات الإنترنت.

ما شهدته طولكرم ليس إلّا صورة واحدة من مشهد النزيف العام الذي لا يتوقّف في الضفة الغربية


في المقابل، خاض المقاومون في المخيم اشتباكات مسلّحة عنيفة استمرت لساعات، تمكّنوا أثناءها من تفجير عدد من العبوات الناسفة «المحلّية الصنع» في الآليات العسكرية، على أكثر من محور، وسط تحليق دائم لطائرات الاستطلاع في سماء المدينة وضواحيها. كذلك، عمّ الإضراب الشامل محافظة طولكرم حداداً على أرواح الشهداء، في حين شيّع مئات الفلسطينيين جثامينهم بموكب انطلق من مستشفى «الشهيد ثابت ثابت» الحكومي في مدينة طولكرم، وسط التكبيرات والهتافات الوطنية المندّدة بجرائم الاحتلال، والداعمة للمقاومة ولـ«كتيبة طولكرم»، وللكفاح المسلّح. وكان جيش العدو قد نشر في المدينة والمخيم، منشورات تحذيرية حملت عبارة: «مصير مدينتك بين يديك، لا تمشوا في طريق مخيم جنين»، ومن خلفها صورة لمدخل مخيم جنين (الأقواس) الذي هدمته قوات الاحتلال، طغى عليها لون النار المشتعلة في كل مكان في المخيم.
وما شهدته طولكرم، ليس إلّا صورة واحدة من مشهد النزيف العام الذي لا يتوقّف في الضفة؛ فعلى مدار الساعة، تتعرّض المدن والبلدات والمخيمات لاقتحامات من جانب قوات الاحتلال، من دون أن يقتصر ذاك على ساعات الليل فقط. وفجر الأربعاء، شنّت القوات الإسرائيلية حملة مداهمات واقتحامات، تخلّلتها مواجهات في بعض المناطق واعتقالات طالت عدداً من الفلسطينيّين، فيما دارت اشتباكات أثناء التصدّي للقوات المقتحمة، أسفرت عن وقوع إصابات. كذلك، قامت مجموعة من المقاومين باستهداف جنود الاحتلال بعبوات ناسفة والاشتباك معهم، في حين بلّغ عن إصابات بعضها خطير في مخيم الدهيشة في قضاء بيت لحم. كما اقتحم جيش العدو قرية تياسير شرق طوباس، وقام بمداهمة أحد المحلات في القرية وتفتيشه. أيضاً، اقتحم بلدة بيت أمر، واعتقل عدداً من المواطنين، بينما اندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال، التي تمركزت في عدد من الأحياء داخل البلدة.
وسجّلت الضفة الغربية، الثلاثاء، 25 عملاً مقاوماً، 4 منها اشتباكات مسلّحة وإطلاق نار، و4 أخرى تفجير عبوات ناسفة، و3 عمليات تصدٍّ ومواجهة مع المستوطنين، وعمليتا رشق وتحطيم لمركبات المستوطنين. وكان أبرز تلك العمليات إطلاق نار استهدف قوات الاحتلال أثناء اقتحام مدينة طوباس، وبلدة ميثلون ومخيم جنين ومدينة طوباس. في المقابل، ارتكب المستوطنون، يوم أمس، جريمةً في مدينة القدس، بتدنيسهم مقبرة باب الرحمة الملاصقة للمسجد الأقصى، وتعليقهم «رأس حمار» على أحد القبور الإسلامية.

المصدر:”الأخبار”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *