نتنياهو يواصل «عنترياته»: حَراك متجدّد لدفع التبادل
بعد مضي 107 أيام من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لا يزال رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، يحاول الهروب إلى الأمام، على وقع الضغوط المتزايدة التي تواجهها حكومته، في ظلّ عجزها عن تحقيق أيّ من الأهداف التي وضعتها للحرب، فضلاً عن التخبّط الذي يعتريها حول «اليوم التالي»، والذي تحاول الولايات المتحدة هندسته. وأمس، أعلن نتنياهو، في مقطع فيديو، أنه يرفض «بشكل قاطع» شروط حركة «حماس» المتمثّلة في «وقف فوري للعدوان» من أجل التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى. وقال نتنياهو: «إنني أعمل على هذا الأمر (عودة الأسرى) على مدار الساعة. ولكن ليكن الأمر واضحاً: أنا أرفض رفضاً قاطعاً شروط استسلام وحوش حماس»، مضيفاً: «إذا قبلنا بذلك، فقد سقط جنودنا سدى. إذا قبلنا ذلك، فلن نتمكن من ضمان أمن مواطنينا». وما إن رسم نتنياهو، بهذا التصريح، خطاً أحمر جديداً، حتى تحدّث الإعلام العبري عن أنه «خلافاً لكلام رئيس الحكومة، هناك فرصة للتحرك نحو الصفقة». وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن رئيس «الموساد»، ديفيد برنياع، سيطلع مجلس إدارة الحرب غداً على صورة الاتصالات الجارية لصفقة تبادل جديدة، بينما أجرى كبير مستشاري الرئيس جو بايدن، بريت ماكغورك، زيارة لمصر وقطر، هي الثانية هذا الشهر، لمعرفة كيفية بدء الاتصالات من أجل التوصل إلى اتفاق آخر. كذلك، نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، أمس، عن دبلوماسيين قولهم إن كلاً من «الولايات المتحدة ومصر وقطر والإمارات» تمارس ضغوطاً على دولة الاحتلال و«حماس» من أجل إجراء مفاوضات جديدة و«متدرّجة» تبدأ بإطلاق سراح المختطفين، وتؤدي في النهاية إلى انسحاب جيش العدو من غزة ونهاية الحرب.
ويتضمن الاقتراح الجديد الذي تدعمه واشنطن والقاهرة والدوحة، بحسب «يديعوت أحرونوت»، ثلاث مراحل: الأولى تمتد على 90 يوماً، ويتوقف خلالها القتال لعدد غير محدد من الأيام، وتتضمن إطلاق سراح المقاومة للأسرى الإسرائيليين، بالتزامن مع إطلاق إسرائيل سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، وسحب قواتها من مدن القطاع، والسماح بحرية العمل، وتوقف مراقبة الطائرات المُسيّرة، ومضاعفة كمية المساعدات الإنسانية لغزة. وفي المرحلة الثانية، تطلق «حماس» سراح الأسيرات المجنّدات، وتعيد جثث الإسرائيليين، بينما تطلق إسرائيل سراح المزيد من الأسرى الفلسطينيين. وفي المرحلة الثالثة، تفرج «حماس» عن المجنّدين الإسرائيليين، في حين تعيد دولة الاحتلال نشر قواتها خارج غزة. وبدوره، قال المعلّق الإسرائيلي في «يديعوت أحرونوت»، شيلي يحيموفيتش، إنه «على الرغم من كل الأهوال والإخفاقات المريعة في 7 تشرين الأول، لا يوجد جبن وعمى وإخفاق أكبر وأخطر من جبن بنيامين نتنياهو في هذه الساعات». وأضاف: «عملياً، وعلى الرغم من التصريحات المتهوّرة والمتغطرسة، فإن إسرائيل باتت في مراحل متقدّمة من الاستجابة لشرط حماس من أجل إعادة المخطوفين: وقف إطلاق النار».
«إسرائيل باتت في مراحل متقدّمة من الاستجابة لشرط حماس من أجل إعادة المخطوفين»
وجاءت تصريحات نتنياهو الأخيرة، في وقت تزايدت فيه الخلافات حول «اليوم التالي»، داخل «كابينت الحرب»، ومع الإدارة الأميركية أيضاً، إذ أكّد نتنياهو لبايدن، بحسب بيان أصدره الأول السبت الماضي، أنه «يجب أن تسيطر إسرائيل أمنياً على كامل غزة لضمان ألا يصبح القطاع تهديداً آخر لإسرائيل». وأضاف أنه «إذا كان لدى شخص ما موقف مختلف، فليظهر القيادة ويعلن موقفه بأمانة لمواطني إسرائيل»، في ما بدا إشارة إلى بايدن الذي أعرب عن قناعته «بإمكانية تطبيق حل الدولتين». من جهته، وعلى رغم اعتراف كبار المسؤولين الإسرائيليين بأن العملية البرية إلى جانب الضربات الجوية، لم تستطع تحقيق الأهداف الإسرائيلية المتوقّعة، واصل وزير الحرب، يوآف غالانت، تضخيم نتائج القتال، مطلقاً المزيد من الوعود الفضفاضة، فيما كان أشار تقدير وكالات الاستخبارات الأميركية، بحسب صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، إلى أن الجيش الإسرائيلي تمكّن من القضاء «على 20 إلى 30% فقط» من عناصر «حماس»، وأن الأخيرة «لا تزال تمتلك كميات من الذخيرة والقدرة القتالية». وقال غالانت للجنود، خلال زيارة أجراها لـ«السرب 100» التابع لسلاح الجو في قاعدة «حاصور»: «مدافعنا وطائرات سلاح الجو ستستمر في تغطية سماء قطاع غزة حتى نحقّق أهدافنا وفي مقدّمتها دحر حماس وإعادة المختطفين إلى ديارهم»، مشيراً إلى أن العملية في خانيونس جنوبي غزة «ستتوسّع قريباً» إلى مناطق أخرى.
في هذا الوقت، وجّه نحو 130 من القادة وضباط الاحتياط في جيش العدو، ومن بينهم رؤساء أركان الألوية والفرق في الاحتياط، رسالة إلى أعضاء حكومة الحرب، ورئيس الأركان، هرتسي هليفي، طالبوا فيها صناع القرار «بعدم الانسحاب من شمال القطاع من دون عودة المختطفين»، وعدم السماح بعودة سكان غزة. وقال هؤلاء، في رسالتهم: «لقد احتشدنا منذ حوالي 100 يوم وحاربنا في كل الاتجاهات لصالح الأهداف التي حددتموها لنا، وهي إطلاق سراح المختطفين وتدمير منظمة حماس»، والتي «تمّ تنفيذها»، لكن من يقود الحرب «قادة غير جديرين»، متسائلين: «في الأيام الأخيرة، بدأ الجيش الإسرائيلي في إطلاق ألوية احتياطية، وتتبادر إلى الأذهان على الفور الأسئلة: هل ارتقينا إلى مستوى المهمة التي حشدنا من أجلها، وكيف تُترجم الإنجازات الكبيرة التي حقّقناها في ساحة المعركة إلى إنجازات على المستوى الاستراتيجي؟». ويأتي ذلك فيما تزداد لدى المستوطنين مشاعر الاستياء؛ إذ يرى 16% فقط منهم أن سياسة الحكومة «توفّر لهم الأمن»، وفق استطلاع جامعي نشرته صحيفة «معاريف» العبري
المصدر:”الأخبار”