الغرب يشهر سلاح العقوبات: هكذا نحاسب إيران
في وقت تعكف فيه إسرائيل على دراسة خياراتها العسكرية للردّ على إيران، على رغم مناشدة حلفائها الغربيين إياها الإحجام عن ذلك، بدعوى عدم رغبتهم في تصعيد التوتر في الشرق الأوسط، يبدو هؤلاء، في واقع الأمر، خاضعين لتأثير الحملة السياسية التي يتولّاها رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لحشد المجتمع الدولي ضدّ الجمهورية الإسلامية، بخاصة على المستوى الدبلوماسي. تلك الحملة، والتي ترمي إلى تشديد العقوبات على البرنامجَين العسكري والصاروخي الإيرانيَّين، وتكثيف المساعي لتصنيف «الحرس الثوري» كـ»منظمة إرهابية» على قوائم الحلفاء الدوليين، هي بالضبط ما أشار إليه وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قبل أيام، حين أكّد أن حكومته تقود «هجوماً دبلوماسياً» ضدّ إيران وحلفائها من حركات المقاومة في المنطقة، بالتنسيق مع عشرات الدول.واشنطن تلوّح بعقوبات جديدة: القوة الناعمة أَولى
في ضوء ما سبق، لا يعود مستغرباً ما جاء على لسان وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، من تهديدات بفرض تدابير عقابية جديدة على إيران على خلفية هجومها على إسرائيل. وتباهت يلين، على هامش مشاركتها في اجتماع ينظّمه «صندوق النقد الدولي» لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية من جميع أنحاء العالم في واشنطن، بالنهج العقابي الذي تتبعه إدارة جو بايدن، مؤكدة أن العقوبات الأميركية طاولت في عهد الرئيس الثمانيني أكثر من 500 فرد وكيان في إيران، بتهم تتعلّق بـ»الإرهاب».
وتأتي تصريحات يلين في سياق جهد دولي تقوده واشنطن للتحريض على طهران، تجلّى أولاً في تضمين البيان الصادر عن قمة «مجموعة السبع»، إدانة للقصف الذي تعرّض له كيان الاحتلال، وتأكيداً لالتزام دول المجموعة بضمان «أمن إسرائيل»، وسعيها نحو «تنسيق ردّ ديبلوماسي موحّد» على ما وصفته بـ»الهجوم الإيراني الوقح». وفي هذا السياق، يشير موقع «أكسيوس» إلى أنّ كلام وزيرة الخزانة يندرج ضمن «المساعي الحثيثة التي يقوم بها الرئيس الأميركي، لحمل نتنياهو على ضبط النفس، من الناحية العسكرية، ولإظهار استعداد الإدارة للانتقام من إيران، ومعاقبتها بوسائل اقتصادية». وبحسب الموقع الأميركي، فإن «يلين ستضغط على زملائها من وزراء المالية، من أجل حثّ حكوماتهم، وبالتنسيق مع الولايات المتحدة، على تركيز جهودها على الخيارات العقابية المحتملة (ضد إيران)».
أوروبا تلحق بالركب الأميركي: «الحرس الثوري منظمة إرهابية»؟
أخفقت الحكومات الأوروبية في الاتفاق على تصنيف «الحرس الثوري» منظمة إرهابية
من جهتها، حذت البلدان الأوروبية حذو الولايات المتحدة، إذ ندّدت ألمانيا، على لسان وزيرة خارجيتها أنالينا بيربوك، بالقصف الإيراني، داعية طهران إلى وقف «أعمال العنف ضدّ إسرائيل»، ومؤيدة توسيع العقوبات على إيران. وفي اتصال هاتفي مع نظيرها الإيراني، حسين عبد اللهيان، طالبت بيربوك بالإفراج عن سفينة الشحن «MSC Aries»، المملوكة جزئياً لإسرائيليين، ووقف التصعيد. كذلك، أقدمت المملكة المتحدة على فرض عقوبات على أفراد من «الحرس الثوري» الإيراني بسبب مزاعم تورّطهم في محاولة اغتيال اثنين من مذيعي قناة «إيران إنترناشونال» التي تبثّ من الأراضي البريطانية. وبحسب صحيفة «ذا غارديان»، فإنّ رئيس الحكومة البريطانية، ريشي سوناك، يواجه ضغوطاً من أحزاب وشخصيات سياسية عدة، من أبرزها وزير دفاع الظلّ، جون هايلي، وزعيم «حزب المحافظين» السابق، إيان دنكن سميث، ورئيسة مجلس نواب اليهود البريطانيين، ماري فان دير زيل، لدفعه نحو تصنيف «الحرس» منظمة إرهابية، أسوة بالولايات المتحدة. وضمن السياق نفسه، أكّدت وزارة الخارجية البريطانية أن لندن بصدد دراسة كلّ خياراتها للتعامل مع إيران بعد قصفها إسرائيل، على رغم تأكيدها أن القنوات الدبلوماسية بين البلدين مثّلت «إحدى القنوات الأكثر فعالية لتجنّب التصعيد» في المنطقة.
في المقابل، وكمؤشر إلى وجود مخاوف لدى بعض الحكومات الأوروبية من مغبة الانسياق خلف السياستَين الأميركية والإسرائيلية، أخفقت تلك الحكومات في الاتفاق على وصم «الحرس» بالإرهاب. ووفقاً لصحيفة «فايننشال تايمز»، فإن عدداً من الدول، ومن بينها بريطانيا، تشعر بالقلق من أن مثل هذه الخطوة ستهدّد بإجراءات انتقامية من جانب إيران، بما في ذلك احتمال قطع طهران العلاقات الدبلوماسية معها. ونقلت الصحيفة البريطانية عن مسؤولين ألمان قولهم إنّه «لم تُستوفَ الشروط القانونية لإدراج الحرس الثوري على قائمة الاتحاد الأوروبي للإرهاب، لأسباب تتعلّق على وجه الخصوص بعدم ارتكاب الحرس الثوري الإيراني أيّ هجوم إرهابي على أراضي الاتحاد الأوروبي».
خضر خروبي