أخبار عربية ودولية

تململ متزايد داخل «القيادة»: نتنياهو يخسّرنا الحرب

يتصاعد استياء مسؤولين إسرائيليين يشغلون مناصب حساسة تتعلّق بملفات مرتبطة بالحرب على غزة، من طريقة إدارة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لتلك الملفات، وخصوصاً منها التفاوض، وتعثر الجيش في تحقيق الأهداف الإستراتيجية قياساً بمدّة القتال الطويلة. ومن بين هؤلاء المسؤولين، مسؤول «ملف الأسرى والرهائن الإسرائيليين»، بالإنابة عن الجيش، الجنرال في الاحتياط، نيتسان ألون، الذي عقد، الأحد الماضي، اجتماعات «استثنائية» مع وزير الأمن، يوآف غالانت، ورئيس الأركان هرتسي هليفي، اشتكى خلالها من الكيفية التي تتعامل بها حكومة نتنياهو مع ملف الأسرى. إذ طبقاً لما كشفته قناة «كان – ريشت بِت»، جاءت الاجتماعات المذكورة بعد يوم واحد من عقد «الكابينيت» جلسة لبحث الخطوات التي قد تفضي إلى صفقة تبادل مع حركة «حماس»، وقد عبّر ألون فيها عن «خيبته من سلوك نتنياهو». ورغم أن حديث القناة تقاطع مع ما أوردته «القناة 13» بشأن احتمال استقالة ألون، إلّا أن الأولى أفادت بأنه بعد الاجتماع مع غالانت وهليفي «قرر ألون البقاء في منصبه لمواصلة الدفع نحو التوصل إلى صفقة»، مشيرةً إلى أن اجتماعاً سيُعقد قريباً لإجراء مداولات إضافية في «الكابينيت» للضغط على نتنياهو بشأن الصفقة. والجدير ذكره، هنا، أن رئيس الحكومة ردّ على ما استعرضه أمامه ألون وطاقمه، في اجتماع «الكابينيت» الأخير، بازدراء، ساخراً من الاقتراح الجديد القائم على «تراجع إسرائيلي بشأن عدد الأسرى الذين ستشملهم المرحلة الأولى من الصفقة»، ومناقشة «الهدوء المستدام في المرحلة الثانية»، بالقول :«أنتم لا تعرفون كيف تفاوضون».وإلى جانب ما تقدّم، سُجّلت استقالة المسؤول عن السياسة الأمنية والتخطيط الإستراتيجي في «مجلس الأمن القومي» الإسرائيلي، ونائب رئيس الأخير، يورام حيمو، الذي كان قد أعدّ وثيقة رسمية استعرضها أمام «الكابينيت» المصغّر (مجلس الحرب)، وكذلك أمام «مجلس الأمن القومي» التابع لمكتب نتنياهو، أكد فيها أن «النهج الإستراتيجي لإسرائيل فشل في الحرب، ولا يمكن أن ينجح»، معتبراً أن مواصلة الحرب بالتوجّه ذاته ستؤدي إلى «تآكل في الإنجازات». وفي هذا الإطار، كشفت «القناة 12» أن الوثيقة التي أعدها حيمو والمؤلّفة من عشر صفحات، تضمّنت انتقادات حادة للطريقة التي تدير بها الحكومة الحرب؛ إذ جاء فيها أن «هذه الطريقة وصلت إلى منتهاها إلى حد كبير؛ فالفشل في إيجاد بديل سلطوي في غزة سيؤدي إلى حكم عسكري، وقضية الرهائن قد تتحوّل إلى قضية دائمة». وهو موقف سبق أن عبّر عنه غالانت في مؤتمره الصحافي الأخير الذي طالب فيه نتنياهو بالإعلان أن إسرائيل لن تحكم غزة لا مدنياً ولا عسكرياً، وعاد وكرّره أخيراً في اجتماع كتلة «الليكود» في «الكنيست»، قائلاً، وفقاً لتسجيلات مسرّبة، إن «حكماً عسكرياً في القطاع يحتاج إلى أربع فرق عسكرية، وإسرائيل لا تملك عدد جنود كافياً لذلك».

نبّه حيمو إلى أن «عدم وجود بديل لسلطة حماس في غزة يمكن أن يقودنا إلى فرض حكم عسكري في القطاع»


وبالعودة إلى حيمو، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤولين كبار في «الكابينيت» أُطلعوا على ما خلص إليه، أنهم خرجوا بانطباع مفاده بأن نائب رئيس «مجلس الأمن القومي» المستقيل «يؤيد إنهاء الحرب على غزة في هذه المرحلة». ولفتت الصحيفة إلى أن استعراض مضمون الوثيقة أمام مجلس الحرب أثار حفيظة رئيس «مجلس الأمن القومي»، تساحي هنغبي، الذي طالب المجتمعين بتجاهل ما جاء فيها، لكن الوزير غادي آيزنكوت دعا إلى مناقشتها، وأعدّ تقريراً حول ما استعرضه حيمو، ثم عمّمه على مسؤولين سياسيين رفيعي المستوى. وبحسب ما جاء في الوثيقة، فإنه «من دون حل سريع، وخصوصاً بعد انتهاء العملية في غزة، ثمة مخاوف من تحوّل قضية الأسرى إلى قضية دائمة تُعالج لسنوات عدّة، مع كل ما يترتب على ذلك من تأثيرات على حالة الصمود والمناعة القومية، وحرية العمل لإسرائيل (عسكرياً)، والفشل في تحقيق أهداف الحرب (استعادة الرهائن)».
ونبّه حيمو إلى أن «عدم وجود بديل لسلطة حماس في غزة يمكن أن يقودنا إلى فرض حكم عسكري في القطاع». ولفت إلى أن «حكماً عسكرياً في غزة، قد يعيد حماس إلى السلطة مع مرور الوقت»، معتبراً أنه «في ظل الظروف المتغيرة، فإن النهج الذي تدار به الحرب، لم يعد قادراً على تحقيق أهدافها. إن مواصلة الحرب بالنهج الحالي لن يكون مفيداً، وقد يؤدي إلى مزيد من التآكل في الإنجازات من الناحية الإستراتيجية». ورأى أن «الطريق إلى تحقيق هدف إزالة حماس طويل جداً في ظل النهج الحالي، ومن المشكوك فيه أن يتحقق على الإطلاق»، مضيفاً أنه «من الممكن الاستمرار في النهج الحالي أو في العملية في رفح، ولكن في النهاية سنعود إلى المشكلات ذاتها وربما إلى مشكلات أكبر». كما حذر من أن «الفشل في تشكيل سلطة بديلة في المدى المنظور سيجعل من الصعب التعامل مع محاولة حماس البقاء في السلطة»، خالصاً إلى أن «إسرائيل في طريقها إلى خسارة أوارق المساومة التي لم تستخدمها بعد»، موضحاً أن «وقف الحرب هو ورقة لها قيمة خصوصاً في الوضع الحالي، لكن بعد عملية رفح قد تفقد معظم قيمتها».
وفي مقابل تلك التحذيرات، فإن وثيقة حيمو لم تعامَل بجدية، وهو ما دفعه إلى الاستقالة، بحسب «القناة 12»، فيما ادعى «مجلس الأمن القومي»، في وقتٍ سابق، أن حيمو غادر منصبه «لأسباب شخصية. استقالته لا علاقة لها بالقضايا العامة»، نافياً أن يكون رئيس المجلس، هنغبي، قد تعامل بغضب مع الوثيقة أو طالب المسؤولين في «الكابينيت» بتجاهلها.

بيروت حمود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *