انتكاسة جديدة للمفاوضات: العدو يريد صفقة «تحت النار»
على وقع المجزرة الدامية التي ارتكبها جيش العدو، أول من أمس، في منطقة مواصي خانيونس، والتي ادّعى أنها كانت محاولة لاغتيال قائد «كتائب القسام»، محمد الضيف، وقائد لواء خانيونس في الكتائب، رافع سلامة، سرَت أخبار عن انهيار المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، والتي كانت قد انطلقت في جولة جديدة الأسبوع الفائت. وبعدما نشرت وكالة الأنباء الفرنسية، تقريراً ادّعت فيه أن حركة «حماس» قررت وقف المفاوضات إثر المجزرة، أكّد القيادي في الحركة، عزّت الرشق، أمس، أن ما نشرته الوكالة الفرنسية «لا أساس له من الصحة». واعتبر، في منشور على «تيلغرام»، أن «هذا التصعيد النازي ضد شعبنا من نتنياهو وحكومته النازية، أحد أهدافه قطع الطريق على التوصّل إلى اتفاق يوقف العدوان على شعبنا، وهو ما أصبح واضحاً لدى الجميع».
كما أكّدت مصادر حركة «حماس» أن «المفاوضات مستمرّة على الرغم من المجزرة، وذلك لتفويت الفرصة على إسرائيل لاتهام حماس بتعطيلها». وأشارت المصادر إلى أن جولة جديدة من المحادثات غير المباشرة، من المفترض أن تُعقد في الدوحة هذا الأسبوع، فيما تحدّثت معلومات أخرى عن أن الوفود المفاوضة قد تتوجّه إلى الدوحة اليوم. وكانت قناة «كان» الرسمية الإسرائيلية قالت إنه من المنتظر توجّه رئيس «الموساد»، ديفيد برنياع، إلى قطر، الأسبوع الجاري، «لإجراء محادثات بشأن الرهائن». ومن مصر، أفادت معلومات «الأخبار» بأن المفاوضين الإسرائيليين، أبلغوا نظراءهم المصريين، بأن «تل أبيب لن تتوقف عن شنّ العمليات العسكرية طالما لم يجرِ التوصل إلى اتفاق»، وأن «عمليات استهداف قادة حماس داخل غزة ستستمر حتى في ظل استمرار التفاوض». كما اعتبر هؤلاء، وفقاً لمصادر مصرية مطّلعة تحدّثت إلى «الأخبار»، أن «المسار التفاوضي لا يمكن اعتباره عائقاً أمام تنفيذ عمليات عسكرية تخدم أهداف الحرب».
وكان رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، أجرى سلسلة من الاتصالات مع الوسطاء وبعض الدول الإقليمية في ضوء المجازر الوحشية التي ارتكبها جيش الاحتلال في منطقتي مواصي خانيونس ومخيم الشاطئ في قطاع غزة. وبحسب بيان الحركة، أشار هنية إلى أن «الحركة تعاطت إيجابياً مع المقترح الأخير بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف العدوان على شعبنا». واعتبر أن «الموقف الإسرائيلي الذي اتّخذه نتنياهو أدّى إلى وضع العراقيل التي تحول دون التوصل إلى اتفاق». كما طالب الوسطاء «بالقيام بما يلزم مع الإدارة الأميركية وغيرها لوقف المجازر».
وعلى المقلب الإسرائيلي، خرج رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بعد ساعات من المجزرة، في خطاب متلفز، ليعلن أن الهجوم في مواصي خانيونس، استهدف القياديين الضيف وسلامة، مشيراً إلى أنه «لا يعلم مصير الضيف». وزعم نتنياهو أن «قتل قياديّي حماس يقرّبنا من تحقيق أهدافنا، وهذا العمل رسالة إلى إيران وأذرعها في المنطقة». وأعاد القول إن «الحرب ستنتهي فقط عندما نحقق كل أهدافها ولن نوقفها قبل ذلك بثانية واحدة»، معلناً إصراره «على عودة أكبر عدد ممكن من الرهائن في المرحلة الأولى من صفقة التبادل». ورداً على الاتهامات الموجّهة إليه بأنه يحاول عرقلة التوصل إلى صفقة، قال: «أنا لا أعرقل إتمام أي صفقة، وإذا كانت هناك صفقة جيدة فعلينا الثبات على المبادئ التي وضعناها». وأضاف: «أنا لم أضف أي بند إلى البنود الأصلية التي كانت موجودة في مقترح الصفقة الأصلي».
من جهته، قال وزير الحرب، يوآف غالانت، أمس، في حديث موجّه إلى الطيارين الذين نفّذوا هجوم المواصي: «بفضل نشاطكم، لدينا حرية العمل والمرونة لتهيئة الظروف لعودة المختطفين»، مدعياً أن «حماس فقدت قدرتها على التجديد»، ومعلناً أن «ملاحقة المسلحين ستستمر لسنوات عديدة». وأشار رئيس أركان جيش الاحتلال، هرتسي هليفي، بدوره، إلى «أننا هاجمنا في الأمس مجمعاً في خانيونس كان فيه الضيف وسلامة»، مضيفاً أنه «من المبكر تحديد نتائج الهجوم التي تحاول حماس إخفاءها»، وزاعماً أن «عدداً قليلاً جداً من المدنيين أصيبوا في الهجوم».
إذاعة الجيش الإسرائيلي: لم تَرِد أي معلومات استخبارية تؤكد صحة خبر اغتيال الضيف
أما الإعلام الإسرائيلي، فعكس اعتقاداً بأن المجزرة قد تؤثّر سلباً على المسار التفاوضي في الوقت القريب، إلا أنها قد تدفع به قدماً على المدى المتوسط. وفي هذا السياق، أشارت المحللة السياسية في «القناة 12»، دانا فايس، إلى أن «التقديرات في إسرائيل هي أن محاولة تصفية محمد الضيف قد تؤدّي إلى تأخير مؤقت في الاتصالات الخاصة بالصفقة، لكنها قد تؤدّي في المستقبل إلى تسريعها». ولفتت فايس إلى اعتقاد في الكيان بأن الضيف كان أحد من قادوا جبهة معارضة التوصل إلى «تسويات»، وأنه «من الممكن التوصّل إلى اتفاق لأن حماس في نقطة ضعف». وفي الاتجاه نفسه، اعتبر الجنرال في الاحتياط، يسرائيل زيف، أن «استهداف الضيف له ضرر معنوي قد يؤدّي إلى تغيير في اتخاذ القرارات من قبل يحيى السنوار، حيث الضغط عليه الآن كبير جداً»، مضيفاً أنه «في المستقبل قد يدفع هذا السنوار إلى التحرك عندما يعلم أن السيف قريب من رقبته». ورأى المحلل العسكري في «هآرتس»، عاموس هرئيل، بدوره، أنه «إذا قُتل الضيف فعلاً، فقد يمرّ وقت إلى حين أن يتّضح تأثير ذلك على مواقف السنوار في المفاوضات»، معتبراً أن «استهداف شريكه الأقرب من شأنه أن يؤثّر مؤقتاً على تشديد موقف السنوار في المحادثات».
وبشكل عام، فإن المحللين الإسرائيليين، أشاروا إلى عدم قدرتهم على توقّع التأثير الذي ستحدثه محاولة الاغتيال على المفاوضات، بشكل يقيني، وذلك بسبب عدم تيقّن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية نفسها من مصير الضيف، ونفي «حماس» لاستشهاده. وكان المتحدث باسم جيش الاحتلال، دانيال هاغاري، قال، أمس، إن «رافع سلامة قائد لواء خانيونس في كتائب القسام، قُتل خلال عملية أمس في المواصي»، فيما نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين قولهم إنه «لم تَرِد أي معلومات استخبارية جديدة حتى الآن تؤكد صحة خبر اغتيال الضيف».
الأخبار