أخبار عربية ودولية

هاريس «تصدم» بيبي: بداية تحوّل؟

في أول «استحقاق» خارجي لها بصفتها المرشحة الأوفر حظاً عن الحزب الديموقراطي للرئاسة، وبعدما كثرت التوقعات حول آلية مقاربتها المحتملة للحرب في غزة، وضعت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، عقب لقائها رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، محدّدات لتلك المقاربة، بدت مزعجة لإسرائيل، وفتحت الباب على تكهنات بإمكانية لحظ تغييرات في السياسة الأميركية تجاه الكيان في المرحلة المقبلة. وشددت هاريس، في البيان الذي تلته أمام وسائل الإعلام، على ضرورة إنهاء الحرب، بلهجة أثارت «غضب» إسرائيل وجعلت نتنياهو «يحتج» لدى البيت الأبيض، واضعةً، في المقابل، شرطين أساسيين لذلك، هما ضرورة «ضمان أمن الأخيرة»، في مواجهة إيران «والجماعات المدعومة منها، على غرار (حماس) وحزب الله»، «وإطلاق سراح جميع الأسرى». كما دانت هاريس ما وصفته بـ«هجوم (حماس) الإرهابي» على إسرائيل، محملةً المقاومة مسؤولية اندلاع الحرب. ولم يسلَم حتى المتظاهرون ضدّ زيارة نتيناهو من انتقادات هاريس، التي حرصت على التنديد بما زعمت أنّها «الأعمال الدنيئة التي يقوم بها المتظاهرون غير الوطنيين»، الذين «أحرقوا علم إسرائيل وشوهوا التماثيل بشعارات معادية لها خارج مبنى الكابيتول يوم الأربعاء». وفي بيان مكتوب صدر قبل ساعات من اجتماعها مع نتنياهو، قالت نائبة الرئيس: «أدين أي أفراد مرتبطين بمنظمة (حماس) الإرهابية الوحشية التي تعهدت بإبادة دولة إسرائيل وقتل اليهود»، مشيرةً إلى أنّ «الكتابة على الجدران والسردية الموالية لـ(حماس) بغيضتان، ويجب ألا نتسامح معهما في أمتنا». وأثارت تصريحات هاريس، طبقاً لمصادر مطلعة، «استياء» نتنياهو، الذي حذّر حتى من إمكانية أن تُلحق «ضرراً» بالمفاوضات حول اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار. وعلى رغم أن موقف هاريس يتسق مع مواقفها السابقة، وموقف الإدارة الأميركية المعلَن بشأن ضرورة إنهاء الحرب في غزة، قال مسؤولان إسرائيليان، لموقع «أكسيوس»، إن لقاء نتنياهو مع الرئيس الأميركي، جو بايدن، كان «بنّاءً أكثر بكثير من اجتماعه مع هاريس»، على رغم أنه لا يمكن القول إن الأخير كان متوتراً بشكل عام. وتابع المسؤولان أن نتنياهو وفريقه فوجئا ببيان نائبة الرئيس جو بايدن أمام الكاميرا، «وبنبرته» التي بدت أكثر «انتقاداً» من نبرة الأخير، وأكثر حدة بكثير ممّا قالته لنتنياهو خلال الاجتماع، لا سيما أن كلامها جاء في «مرحلة حساسة» من المفاوضات.

أثارت تصريحات هاريس في أعقاب الاجتماع «استياء» نتنياهو


وكانت هاريس قد عبّرت، في بيانها الصادر عقب لقائها نتنياهو، عن «قلقها الشديد بشأن حجم المعاناة الإنسانية في غزة، بما في ذلك مقتل عدد كبير جداً من المدنيين الأبرياء»، لافتةً إلى أنّها أعربت لنتنياهو عن مخاوفها «بشأن الوضع الإنساني المتردي هناك، حيث يواجه أكثر من مليوني شخص مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي، ويواجه نصف مليون شخص مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد». وفي انتقادات هي «الأشد» من الإدارة الأميركية لإسرائيل، تحدثت هاريس عن «صور الأطفال القتلى والجوعى اليائسين وهم يفرون بحثاً عن الأمان، وأحياناً ينزحون للمرة الثانية أو الثالثة أو الرابعة»، متابعةً: «لا يمكننا أن نغض النظر عن هذه المآسي. لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا أن ننكر المعاناة، ولن أصمت». وعلى غرار التصريحات التي صدرت عن البيت الأبيض خلال الاجتماع بين نتنياهو وبايدن، أكدت هاريس أن الوقت «حان لانتهاء هذه الحرب»، مضيفة أنها حثّت نتنياهو على «إنهاء الصفقة»، ومعلنةً أنها لا تزال ملتزمة بمسار «حل الدولتين». ووفقاً لموقع “بوليتيكو”، فإن تصريحات نائبة الرئيس “لم تختلف في الجوهر، عن تعليقات سابقة للرئيس، لكن أسلوبها كان لافتاً، وقدّم أوضح صورة لرؤية هاريس إزاء الصراع”. ولا يزال من غير الواضح، بحسب الموقع، ما إذا كانت نائبة الرئيس “تحاول إبعاد نفسها عن سياسة بايدن الإسرائيلية، أو كيف ستفعل ذلك”. ففي نهاية العام الماضي، طلبت هاريس من مسؤولي الإدارة، بمن فيهم الرئيس، أن يُظهر البيت الأبيض المزيد من الاهتمام العام بالدمار الإنساني في غزة، وأن تبدأ الإدارة في وضع خطط لـ”اليوم التالي” لكيفية التعامل مع عواقب الحرب. على أن بايدن لم يَعُد قلقاً بشأن مستقبله السياسي بعد إنهاء مساعيه لإعادة انتخابه، وهو تعهّد بتبنّي لهجة أكثر صرامة مع “بيبي”، علماً أن الرئيس الأميركي وعد، في أعقاب انسحابه من السباق، بجعل اتفاق وقف إطلاق النار محوريّاً، خلال المدّة المتبقية له في منصبه.
وإلى جانب تصريحات هاريس، كانت العقوبات التي تفرضها الإدارة الأميركية على المستوطنين الإسرائيليين من جملة الأمور التي «احتج» عليها نتنياهو خلال لقاءاته الأخيرة. وفي هذا الإطار، أفاد موقع «أكسيوس»، نقلاً عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، بأن نتنياهو أجرى، على هامش اجتماعاته مع بايدن في البيت الأبيض، «محادثة صعبة» مع مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، وهاريس، بشأن العقوبات الأميركية التي تستهدف المستوطنين، زاعماً أن الأخيرة «جاءت بنتائج عكسية». كما أعرب عن قلقه بشأن احتمال فرض واشنطن عقوبات على الوزيرين المتطرفين، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. وإذ أبلغ سوليفان، نتنياهو، أن الولايات المتحدة «لا تخطط» لمعاقبة المسؤولَين المشار إليهما، إلا أنه أكد أنّ سياسة واشنطن تجاه المستوطنين «ستستمر» في المستقبل.

الأخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *