أخبار عربية ودولية

تحديث «غير مسبوق» للعلاقات الأميركية – اليابانية: «احتواء» الصين هدفاً أولَ

خلُصت المحادثات الرفيعة المستوى التي عقدها كبار المسؤولين الأميركيين واليابانيين، في طوكيو الأحد، إلى الإعلان عن رفع مستوى قيادة القوات الأميركية في اليابان ودرجة نفوذها، بالإضافة إلى تعزيز إنتاج الصواريخ المرخّصة من الولايات المتحدة في البلد الواقع شرق آسيا، في ترقية وصفها وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، بأنّها «أهم تغيير تشهده القوات الأميركية – اليابانية منذ إنشائها»، وواحد من «أقوى التحسينات» في علاقة واشنطن العسكرية مع طوكيو «منذ 70 عاماً». كما «طمأنت» الولايات المتحدة، اليابان، في ما يتعلق بالردع النووي الذي ستقدّمه لها «في حال نشوب صراعات»، وذلك بعد جلسة وزارية هي الأولى من نوعها بين الطرفين، تمحورت حول ما سُمّي «الردع الموسّع». وتمّ الإعلان عن ترقية العلاقات الدفاعية المشار إليها، في بيان مشترك، بعد محادثات تُعرف باسم «2 زائد 2»، بين وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن، ونظيريهما اليابانيين، يوكو كاميكاوا، ومينورو كيهارا. وتضمّن البيان «هجوماً شرساً» على الصين، التي وصفها بـ«أكبر تحدّ استراتيجي».وفي الواقع، وعلى الرغم من أنّ عديد القوات الأميركية المتمركزة في اليابان يبلغ نحو 54 ألفاً، فإنّ «قيادة المحيطين الهندي والهادئ»، الواقعة في هاواي، أي على بعد حوالى 6 آلاف و500 كيلومتر، وحيث يبلغ فرق التوقيت 19 ساعة، هي المسؤولة حالياً عنها. وعليه، أعلن الجانبان عن خطط لتأسيس «مقر قوة مشتركة» جديد في اليابان، يرأسه قائد عسكري أميركي، لقيادة القوات الموجودة هناك، يعمل جنباً إلى جنب «قيادة القوات المشتركة» التي تخطط لها اليابان لجميع قواتها المسلّحة، بهدف جعل الجيشين «أكثر يقظة، في حال اندلاع أزمة مرتبطة بتايوان أو شبه الجزيرة الكورية». وبحسب صحيفة «بوليتيكو»، تندرج التعزيزات المشار إليها في إطار تكثيف طوكيو لخططها حول دورها المحتمل «في حال غزت الصين تايوان»، باعتبار أنها ستكون قاعدة رئيسية للقوات الأميركية التي قد يتم نشرها في حال تحقق مثل هذا السيناريو.
ومع احتدام السباق الرئاسي في الداخل الأميركي، سعى بلينكن إلى «طمأنة» نظرائه اليابانيين، متحدّثاً عن أنّ «التحالف المستمر» بين الولايات المتحدة واليابان لم يصمد لعقود فحسب، بل «أصبح أقوى»، مؤكداً أنّه سيستمر «بغضّ النظر عن نتيجة الانتخابات في أي من بلدينا»، وذلك وسط مخاوف يابانية من أنّ فوز دونالد ترامب لن يصب في مصلحة «التحالفات» الخارجية لواشنطن. وتزامناً مع الإعلان عن رفع مستوى العلاقات، اتهمت الولايات المتحدة واليابان، الأحد، الصين، بأنها «تسعى لإعادة تشكيل النظام العالمي من أجل مصلحتها الخاصة على حساب الآخرين»، فيما جدّد الوزراء الأربعة «اعتراضاتهم القوية على مطالب جمهورية الصين الشعبية البحرية غير القانونية، وعسكرة المواقع التي سيطرت عليها، والتهديدات والأنشطة الاستفزازية في بحر الصين الجنوبي».

مراقبون صينيون: التحالف الأميركي – الياباني المحدث قد يثير جولة جديدة من «سباق التسلح» النووي


وأشار البيان إلى أن تحرّكات الصين «المزعزعة للاستقرار في هذه المنطقة تشمل مواجهات غير آمنة في البحر والجو، وجهوداً لعرقلة استغلال موارد البلدان الأخرى في البحر، إضافة إلى الاستخدام الخطير لخفر السواحل وسفن الميليشيات البحرية». أيضاً، عبّر الوزراء عن قلقهم حيال «توسيع الصين المستمر والسريع لترسانة أسلحتها النووية، والذي يتواصل في غياب أي شفافية في ما يتعلّق بنواياها، وترفض الاعتراف به رغم الأدلة المتاحة علناً»، على حدّ تعبيرهم. كما هاجم البيان روسيا، معبّراً عن «القلق من التعاون العسكري الاستراتيجي الروسي المتزايد والمستفزّ مع بكين، بما في ذلك من خلال العمليات المشتركة والمناورات قرب اليابان، ودعم جمهورية الصين الشعبية لقاعدة الصناعات الدفاعية الروسية»، مديناً كذلك «بشدّة تعميق التعاون الروسي – الكوري الشمالي، والمتمثّل في شراء روسيا صواريخ باليستية، ومعدات أخرى من كوريا الشمالية، في انتهاك مباشر لقرارات مجلس الأمن الدولي، لاستخدامها ضد أوكرانيا».
هكذا، وبعدما كانت وسائل الإعلام الصينية تتحدّث، في الأسابيع الماضية، عن «إشارات إيجابية» في العلاقات مع طوكيو، بعد جولات من التبادلات المتكررة والرفيعة المستوى مع كبار المسؤولين والبرلمانيين اليابانيين الذين زاروا الصين أخيراً، محذّرة من أنّ «الاتجاه إلى اليمين» في الأوساط السياسية اليابانية، والنية المتزايدة بشكل واضح للعمل مع الولايات المتحدة لاحتواء الصين، يلقيان بظلالهما على تحسّن العلاقات الثنائية، أكد محللون صينيون، في أعقاب الاجتماع في طوكيو، أنّ المحادثات لتعزيز التعاون العسكري، بما في ذلك رفع مستوى قيادة القوات الأميركية، وإعادة تأكيد التزام الولايات المتحدة بـ«الردع الموسّع»، تعكس نية الولايات المتحدة استخدام اليابان كـ«موقع استيطاني»، في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، لتعزيز ردعها النووي، وبالتالي احتواء دول من بينها الصين، ورفع دور قوات الدفاع الذاتي اليابانية في التحالف العسكري الأميركي – الياباني.
وحذّر المحللون، في حديث إلى صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية، من أنّ هذه الخطط ستجعل طوكيو «في الخطوط الأمامية» أمام أي هجوم مضاد من دول أخرى، بما في ذلك في حال نشوب صراع نووي، مشيرين إلى أنّ التحالف الأميركي – الياباني المحدث من المرجّح أن يثير جولة جديدة من «سباق التسلح» في الأسلحة النووية التكتيكية في المنطقة. وبعد اجتماعهما في اليابان، اجتمع بلينكن وكاميكاوا، أمس، مع نظيريهما الهندي سوبرامانيام جيشانكار، والأسترالية بيني وونغ، في إطار تحالف «كواد» الرباعي الذي يهدف أيضاً إلى مواجهة الصين. كما كانت الولايات المتحدة وقّعت، في وقت سابق الأحد، اتفاقاً ثلاثياً مع اليابان وكوريا الجنوبية، خلال محادثات جمعت وزراء دفاع الدول الثلاثة، متعهدة باستخدام قوتها العسكرية الكاملة للدفاع عن حليفتيها في منطقة الهندي – الهادئ. ويضفي الاتفاق الأخير، طبقاً لمراقبين، طابعاً رسمياً على خطط التدريب العسكري المنتظم، والتي تضمّنت في العام الماضي تدريبات على إسقاط الصواريخ ومطاردة الغواصات، فيما تتطلع الدول الثلاث أيضاً إلى تعزيز المحادثات الأمنية الرفيعة المستوى، والبناء على اتفاق لتبادل البيانات في الوقت الفعلي، حول إطلاق كوريا الشمالية للصواريخ.

ريم هاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *