أميركا تُجدّد غاراتها على اليمن: تمديد العدوان لا يردع صنعاء
صنعاء | للمرة الثانية في غضون شهر واحد، تعرّضت العاصمة اليمنية صنعاء لهجوم جوي شنّته الولايات المتحدة وبريطانيا، طاول أهدافاً كان الطيران السعودي – الإماراتي قد استهدفها خلال السنوات الماضية. ويعكس الهجوم، الذي توسّع نحو منطقة حرف سفيان، الواقعة في نطاق محافظة عمران شمالي العاصمة، مدى انزعاج واشنطن ولندن من استمرار عمليات صنعاء البحرية والجوية ضد الكيان الإسرائيلي. وإلى جانب ضرب حرف سفيان بثلاث غارات، استهدفت الغارات منطقتي النهدين والحفا الواقعتين ضمن مديرية السبعين، إحدى مديريات العاصمة، بنحو ست غارات. وفي رد أولي على الاعتداء الجديد، ألمح عضو المجلس السياسي الأعلى في صنعاء، محمد علي الحوثي، إلى إمكانية استهداف المصالح الأميركية والبريطانية بهجمات صاروخية، مخاطباً، في مقطع فيديو عبر منصة «أكس»، الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، بالقول إن «الصواريخ التي كانت تنطلق خلال ولايته الأولى لا تزال بأيدي صنعاء”.
وفي الوقت الذي نفى فيه مصدر أمني في العاصمة، في حديث إلى «الأخبار»، أن تكون قد نتجت من الغارات الأربع أي أضرار مادية أو بشرية، زعمت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون»، أمس الأحد، أن مقاتلاتها هاجمت، مساء السبت، «منشآت تخزين أسلحة متطورة تابعة للحوثيين في اليمن»، فيما نقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤول دفاعي أميركي كبير قوله إن «الأسلحة كانت تُستخدم لمهاجمة سفن عسكرية ومدنية في البحر الأحمر وخليج عدن». وكانت واشنطن قد زعمت، منذ نحو شهر، أنّ الـ15 غارة التي نفذتها باستخدام قاذفات من طراز «بي-2 سبيريت»، استهدفت «منشآت الحوثيين المحصّنة تحت الأرض»، والتي تضم صواريخ ومكوّنات أسلحة وذخائر أخرى تُستخدم لاستهداف السفن العسكرية والمدنية، لافتةً إلى أنّها «أضعفت القدرات العسكرية لصنعاء»، لكنها عادت وغيّرت من أقوالها، في وقت لاحق، متحدثة عن استهداف مخازن سبق لها أن ادّعت، خلال الأشهر الماضية، استهدافها في منطقتي النهدين والحفا.
من جهته، قدّر المحلل العسكري اليمني، علي النسي، في منشور على «تيلغرام»، أن يكون الهجوم قد نُفذ بواسطة طائرات «أف – 15»، وأن تكون هذه الأخيرة قد أقلعت من حاملة الطائرات « يو إس إس أبراهام لينكون»، المتواجدة شمال بحر العرب منذ أيام، نظراً إلى أنّ الطائرات المعادية حلّقت من الاتجاه المشار إليه.
وعلى أي حال، يرى مراقبون في صنعاء أنّ الهجوم الأخير يعكس «مدى الوجع الأميركي من العمليات العسكرية اليمنية»، التي طاولت عمق الكيان الإسرائيلي، وأسقطت عدداً غير قليل من الطائرات الأميركية الحديثة، من طراز «أم كيو ناين «، علماً أنّ صنعاء نجحت أخيراً في إسقاط الطائرة الرقم 12 من هذا النوع منذ مطلع العام الجاري، جنباً إلى جنب تكثيف قواتها البحرية من إجراءاتها ضد السفن المرتبطة بالكيان، في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، خلال الساعات الماضية.
وفي هذا الإطار، أكدت «هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية» رصدها حادثتين تعرّضت لهما سفن تجارية، وقعت إحداهما، أمس، بعدما تلقّت سفينة أمراً من القوات البحرية اليمنية بتغيير مسارها، وذلك على بعد 57 ميلاً بحرياً جنوب غربي مدينة عدن، فيما وقعت الثانية، الجمعة، طبقاً لبلاغ تلقّته الهيئة البريطانية من سفينة تجارية. وبحسب البلاغ، اقترب زورق صغير يحمل مسلحين من السفينة، أثناء إبحارها على بعد 53 ميلاً من خليج عدن، فيما رصد طاقمها «نحو 15 زورقاً صغيراً في المنطقة نفسها. ولا يبدو عدم إعلان صنعاء عن العمليتين مستغرباً، نظراً إلى أنّها لا تعلن، عادة، عن الأعمال التي تنفذها وفقاً للقانون البحري اليمني، والتي لا تنجم عنها، غالباً، أي صدامات عسكرية.
إلى ذلك، كشفت الولايات المتحدة، أمس الأحد، عن تفاصيل جديدة حول معركتها في البحر الأحمر؛ إذ نشرت صحيفة «ناشيونال إنترست» الأميركية المتخصّصة بشؤون الدفاع والأمن، تقريراً حديثاً، توضح من خلاله حجم القوة الأميركية التي تمّ استدعاؤها لردع «أنصار الله». وبحسب الصحيفة، فإنّ «قوة أميركية ضاربة تضاهي تلك التي قد تستخدمها واشنطن لردع الصين، قد استُخدمت لمواجهة الحوثيين»، بيد أنّه، وعلى الرغم من «تجنيد كل التقنيات والقوة الضاربة الأميركية، بما في ذلك بوارج وغواصات وحاملات طائرات، فقد ثبُت فشل الولايات المتحدة في ردع اليمن». وتردف المجلة أنّ القوات الأميركية أنفقت نحو مليار دولار من الذخائر العالية الدقة، للتصدي للطائرات المُسيّرة والزوارق المنخفضة التكلفة التي تستخدمها «أنصار الله»، محذّرةً من أنّ الاستراتيجية الأميركية المتّبعة منذ 9 أشهر ضدّ اليمن، ومن ضمنها الغارات الجوية، قد «فشلت في معالجة التوتر بشكل جذري”.
رشيد الحداد