مقالات

محطات حاسمة أمام الملف اللبناني؟!

تعيش الساحة اللبنانية، في المرحلة الحالية، على وقع مجموعة من التوترات، من القلق القائم حيال إحتمال مبادرة إسرائيل إلى شن عدوان شامل، في ظل المواقف التصعيدية التي تصدر عنها، وصولاً إلى الخلافات الداخلية المستمرة، أبرزها في الوقت الراهن المتعلق بآلية تصويت المغتربين في الإنتخابات النيابية.

من حيث المبدأ، المواقف الأميركية والإسرائيلية تبقي الملف اللبناني مفتوحاً على كافة الإحتمالات، نظراً إلى أنها، من الناحية العملية، تصب في إطار أن الأمور لا تسير بالشكل المطلوب، من وجهة نظر كل من تل أبيب وواشنطن، لكن في المقابل، حتى الآن، ليس هناك ما يستدعي العمل العسكري الفوري، أي الذي يخرج عن السياق القائم منذ توقيع إتفاق وقف إطلاق النار، الذي أنهى عدوان أيلول من العام الماضي.

في هذا السياق، ترى مصادر سياسية مطلعة، عبر “النشرة”، أنه لا بد من التوقف عند مجموعة من الملاحظات التي لا يمكن تجاهلها لفهم المشهد العام، تبدأ من أن لبنان يواجه ضغوطاً كبيرة للذهاب إلى مفاوضات واضحة مع إسرائيل، تطرح الكثير من علامات الإستفهام حول ما إذا كان الهدف منها الوصول إلى إتفاق حقيقي، في ظل المعطيات التي تصب بأن لا مصلحة لتل أبيب في ذلك، طالما أنها تتعامل مع هذا الملف من منطلق قدرتها على التحرك بكل راحة.

وتشير المصادر نفسها إلى أن الملاحظة الثانية تكمن بأن بيروت تنتظر البت بملف لا يقل أهمية، هو مصير الإنتخابات النيابية، على إعتبار أن الخلاف حول تصويت المغتربين قد يؤدي إلى تطييرها، في حين أن هذه الإنتخابات ينظر إليها، من قبل القوى المعادية لـ”​حزب الله​”، على أنها من المفترض أن تقود إلى تكريس نتائج “الهزيمة” العسكرية التي تعرض لها، بينما الحزب يعتبر أن هناك من يريد أن تكون إستمراراً للحرب عليه.

وتلفت هذه المصادر إلى أن الملاحظة الثالثة هي مستقبل التطورات على مستوى المنطقة، التي تشهد مفاوضات حول أكثر من ملف، من المفترض أن يكون لكل منها تداعياته، المباشرة أو غير المباشرة، على الساحة المحلية، حيث الجميع ينتظر المسار الذي سيسلكه إتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بالإضافة إلى المفاوضات القائمة بين دمشق وتل أبيب، من دون تجاهل النقطة الأهم، في هذا المجال، أي كيف ستتطور العلاقات الأميركية والإيرانية في المرحلة المقبلة.

في هذا الإطار، ترى المصادر السياسية المطلعة أن الأهم هي الملاحظة الرابعة، التي من الممكن أن تكون مفصلية بسبب إرتباطها بموعد محدد، وهي إنتهاء موعد الشق المتعلق ب​جنوب الليطاني​ من خطة حصر السلاح بيد الدولة، التي كان قد أقرها مجلس الوزراء، نظراً إلى أن ذلك قد يكون اللحظة التي سترتفع عندها الضغوط المفروضة على الجانب الرسمي، والتي كانت في الأصل قد بدأت بالإرتفاع، في الأسابيع الماضية، من خلال الإنتقادات التي توجه من مسؤولين أميركيين وإسرائيليين.

بالنسبة إلى المصادر نفسها، أهمية الملاحظة الرابعة تكمن بأنه عندها من المفترض أن يكون مصير الإنتخابات قد توضح، ليس فقط لناحية إمكانية الوصول إلى تسوية تقود إلى حصولها في موعدها، بل أيضاً لناحية دورها الوظيفي، أي فرص الرهان عليها لتحقيق أهداف معينة، تحديداً على مستوى إحتمال أن تكرس نتائجها مرحلة جديدة من الحياة السياسية، يراد أن يكون عنوانها إضعاف نفوذ “حزب الله”.

في المحصلة، ترى هذه المصادر أنه بعد وضوح مصير الإنتخابات، من الممكن حسم التوجهات التي قد يذهب إليها المسار العسكري، الذي من المرجح أن يبقى ضمن الوتيرة المتصاعدة الحالية، دون أن يلغي ذلك فرضية مبادرة تل أبيب إلى قلب الطاولة قبل ذلك، مع العلم أن بعض المسؤولين اللبنانيين، أبرزهم رئيس الجمهورية جوزاف عون، يسعون إلى تفادي ذلك، من خلال المبادرات التي تقدم، بهدف إقناع الجانبين الأميركي والإسرائيلي بإمكانية الوصول إلى نتائج عبر الخيار الدبلوماسي.

ماهر الخطيب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *