أخبار عربية ودولية

العدوّ يجرّب حظّه في وسط القطاع: مقاومة غزّة أكثر شراسة

يزداد المشهد الميداني في قطاع غزة، تعقيداً أمام الجيش الإسرائيلي، الذي باتت قواته عرضة لهجمات يومية من المقاومة، التي لا تكاد تتوقّف حتى في الأحياء التي اعتبر العدو أنه تمكّن من إحباط أي إمكانية للمقاومة فيها، عبر تصفية المقاومين، وتدمير بناهم التحتية، وخصوصاً في أقصى شمالي القطاع، إذ عاد هؤلاء، مثلاً، لتفجير عبوة ناسفة بآلية عسكرية قرب أبراج الندى، بين بيت حانون وبيت لاهيا، وتصوير العملية وتوثيقها. كذلك، تستمرّ العمليات في مختلف المحاور، على نحو لم تَعد معه من أهمية لخريطة السيطرة الميدانية وألوانها ونطاقاتها، فيما تُظهر المشاهد التي وزّعها «الإعلام العسكري في كتائب القسام»، تطوّر تكتيكات عمل المقاومة، والتي باتت أكثر دقّة ونوعية، وأسرع وتيرة، وأفضل توثيقاً. وهو ما يؤكّد أنه كلما طالت المعركة، تعرّض العدو لضربات أقسى وأكثر احترافية من قبل المقاومين، الذين باتوا يراكمون معرفة وخبرة ميدانيتين يومياً، سيكون لهما بالغ التأثير في أدائهم. وفي حين أظهرت الصور الجوية تموضع الدبابات الإسرائيلية في منطقة خانيونس في جنوب غزة، وعدم تحرّكها إلا قليلاً، أعلن الجيش الإسرائيلي تعزيز محاور العمليات هناك بلواء كامل، إضافة إلى لواء لمنطقة الشمال. كما تُظهر المعطيات الميدانية نية الجيش الإسرائيلي تنفيذ عملية واسعة في وسط القطاع، وتحديداً في اتجاه المخيمات هناك.ويوم أمس، أعلنت «القسام» استهداف «طائرة مروحية بصاروخ «سام 18» شرق معسكر جباليا شمال قطاع غزة»، إضافة إلى «الاشتباك مع العدو 6 ساعات أمس (الثلاثاء) في الصفطاوي شمال مدينة غزة، حيث تدخّل طيران العدو لإنقاذ قواته». كذلك، أعلنت «القسام» تمكّن مقاتليها من قنص جندي إسرائيلي شرق مدينة خانيونس. وفي تطوّر لافت أيضاً، أعلنت «الكتائب» استهداف «قوة صهيونية تحصّنت في منزل في جباليا البلد بصاروخ RPO-A لأول مرّة، ما أدّى إلى مقتل وإصابة كل أفرادها». وهذا النوع من الصواريخ الروسية، يظهر لأول مرة في غزة، وهو من إنتاج الاتحاد السوفياتي سابقاً، ثم روسيا، كما أنه ذو رأس حراري فراغي ويتمتّع بقدرة كبيرة على قتل الجنود المشاة داخل الغرف والتحصينات. اللافت أيضاً، نشر «القسام» مقطع فيديو للأسيرين الإسرائيليين لديها منذ سنوات، شاؤول آرون وهدار غولدن، مرفقاً بعبارة: «شاؤول … هدار … رون أراد»، متوجّهة إلى عائلات الأسرى بالقول: «معاناتكم مع نتنياهو لم تبدأ بعد!». في المقابل، أعلن جيش الاحتلال مقتل ضابط وجنديين في معارك شمال القطاع، وهو ما يرفع حصيلة خسائره منذ بدء العملية البرية إلى 170 قتيلاً. أيضاً، أعلن الجيش إصابة 44 عسكرياً في معارك الساعات الأربع والعشرين الأخيرة.

يقف المستويان الأمني والسياسي في الكيان أمام ثلاث خطوات بات أخذ القرار فيها يشكّل تحدياً معقّداً


في هذا الوقت، يقف المستويان الأمني والسياسي في الكيان أمام ثلاث خطوات بات أخذ القرار فيها يشكّل تحدياً معقّداً؛ وهي المرحلة الثالثة من الحرب، واليوم التالي للحرب، ومسألة التصعيد مع لبنان. وهذه الخطوات الثلاث، فضلاً عن حساباتها الميدانية والعسكرية، يتداخل فيها الرأي العام الأميركي ومصالح الرئيس جو بايدن الشخصية والسياسية، ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة في ضوء احتمالات وقوع تصعيد إقليمي. كذلك، تتداخل فيها الحسابات الشخصية لرئيس حكومة العدو، ووزير أمنه، وقادة الجيش والأجهزة الأمنية، الذين يرون أنفسهم جميعاً أمام المحاسبة والمحاكمة بمجرّد انتهاء الحرب، ولذا من الأفضل بالنسبة إليهم إطالة أمدها، وتحقيق أكبر إنجازات ممكنة فيها، لمقابلة لجان المحاسبة والتحقيق، والجمهور أيضاً.

وفي هذا السياق، اعتبر الكاتب الإسرائيلي، طل ليف رام، في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن الانتقال إلى المرحلة التالية أمر معقّد لأن القضايا الكبيرة جداً لا تزال من دون إجابة منظورة: تحرير المخطوفين، واستمرار القتال على الجبهة الشمالية، والأعمال العدوانية المستمرّة من جانب الحوثيين والشركاء الآخرين لإيران». ورأى الكاتب أن إسرائيل تخطّط للانتقال إلى المرحلة التالية «في نهاية الجزء الرئيسي من السيطرة العملياتية على خانيونس ومخيمات الوسط، وفقاً لجداول زمنية يمكن تقديرها بين منتصف كانون الثاني المقبل ونهايته»، لكن «حتى لو انخفضت حدّة القتال، فإن الوضع الإقليمي، وخاصّة استمرار التصعيد على الحدود الشمالية مع حزب الله، قد يؤدّي في الواقع إلى تصعيد حالة الحرب، حيث لا تزال مسألة إطلاق النار على المستوطنات بعيدة عن حلّ منظور». أما ناحوم برنياع، فاعتبر، في مقالته في الصحيفة نفسها، أن «وضع العمليات العسكرية مأساوي، وسيؤثر على عمليات الجيش في حال جرى الانتقال إلى المرحلة الثالثة»، مضيفاً أن «رئيس الحكومة ووزير الأمن تحدّثا عن الحسم والإبادة والتدمير والتصفية والانتصار (…) كانت هذه إعلانات غير واقعية. الخطاب ابتلعَ الاستراتيجية، والشعبوية ابتلعت الجوهر. إنه وضع مأساوي».
وفي السياق نفسه، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إن «الخبراء العسكريين في جميع أنحاء العالم يشكّكون في قدرة الجيش الإسرائيلي على تحقيق هدفه قريباً في ما يتعلق بهزيمة حماس في غزة». ونقلت الصحيفة عن رئيس «مجلس الأمن القومي» الإسرائيلي السابق، قوله إن «حماس أظهرت قدرة على الاستبدال السريع لقادتها القتلى». كما نقلت عن ضابط سابق في المخابرات الإسرائيلية قوله إن «القول إن حماس تنهار ليس صحيحاً، وكل يوم نواجه معارك صعبة».
من جهته، دعا أريك هاريس بربينغ، في مقالته في موقع «القناة 12» الإسرائيلية، إلى «التأكد من أن حماس لن تعاود السيطرة على المنطقة (غزة) عسكرياً ومدنياً، أو أن يتحوّل قطاع غزة إلى No man›s land في اليوم التالي، ونجد أنفسنا نواجه مجموعة ميليشيات مستقلّة ومتطرّفة». لذلك، وفقاً لرأيه، «على إسرائيل أن تقود وتبادر إلى تنفيذ خطوات، إلى جانب الولايات المتحدة ومصر ودول عربية سنية في الخليج وجهات فلسطينية معتدلة، لإدارة الحياة المدنية في القطاع، وأن تضمن مواصلة الجيش الإسرائيلي والشاباك السيطرة أمنياً على المنطقة، وأن تتيح لمواطني الغلاف إعادة بناء حياتهم والعودة إلى منازلهم».

المصدر:”الأخبار”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *