أخبار عربية ودولية

سيول تقرع طبول الحرب: مخاوف من «طوفان» كوري شمالي

وصلت التوترات بين سيول وبيونغ يانغ، في الأسابيع الأخيرة، إلى مستويات غير مسبوقة، بعدما كان إطلاق الأخيرة قمراً صناعياً، في تشرين الثاني، وما تلاه من توترات، قد جعل المراقبين يتحدثون عن انهيار «اتفاق خفض التوتر» الذي أُبرم عام 2018 بين الجارتين. وعلى ضوء ما تقدم، يصبح مفهوماً سبب افتتاح رئيس كوريا الشمالية، كيم جونع أون، العام الجديد بخطاب يدعو فيه إلى «تسريع» الاستعداد للحرب، بما يشمل تطوير البرنامج النووي للبلاد، وذلك رداً على أي استفزازت أو خطوات عدوانية قد تشنّها الجارة الجنوبية، بدعم من الولايات المتّحدة وحلفائها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. ومنذ أمر كيم، الجيش، في ختام اجتماع كبير بمناسبة نهاية العام، حدّد فيه أيضاً التوجهات الاستراتيجية لبلاده، بـ«محو» كل من كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، في حال قررتا شنّ هجوم مسلح على بلاده، تستمر التوترات على الحدود بين الكوريّتين بالتصاعد، في مؤشر إلى غياب أي أفق لحل قريب، علماً أنّ الزعيم الكوري الشمالي كان قد استبعد، بنفسه، أيّ «مصالحة» قريبة مع كوريا الجنوبية، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية، الأحد. أمّا شقيقته، كيم يو جونج، فأكدت مجدداً، في بيان، أنّ «جيش الشعب الكوري» «فتح الزناد»، وهو «سيطلق على الفور وابلاً من النيران في حال حدوث أي استفزاز بسيط».وفيما تتهيّأ بيونغ يانغ فعلياً للحظة «الضغط على الزناد»، تستمر سيول، في المقابل، في إجراء تدريبات عسكرية «استفزازية» على الحدود مع جارتها، العديد منها بمؤازرة أميركية. ويرى بعض المراقبين أنّ تكثيف هذه المناورات، أخيراً، مدفوع جزئياً بتخوف السلطات الكورية الجنوبية من تكرار «السيناريو الإسرائيلي» مع سيول، مستشهدين بحديث مسؤولين كوريين جنوبيين عن «دروس عظيمة» جرى اكتسابها، في أعقاب «عدم جهوزية نظام الدفاع الإسرائيلي المتقدم» للهجوم المفاجئ الذي شنته حركة «حماس» بمجموعة من الأسلحة «التقليدية».
وفي إطار التوترات المشار إليها، أصدرت بيونغ يانغ، الخميس، تحذيراً من أنّ مخاطر وقوع اشتباكات مع سيول، هي «في أعلى مستوياتها» هذا العام، منبهةً إلى أنّها قد تنتهي بـ«ضربة نووية»، فيما أجرت القوات الكورية الجنوبية، نهاية الشهر الماضي، تدريبات تحاكي التصدي لهجوم مستقبلي محتمل من كوريا الشمالية. كما أجرت كوريا الجنوبية، الجمعة، تدريبات مدفعية بالذخيرة الحية فى الجزر الشمالية الغربية، رداً على إطلاق كوريا الشمالية، في وقت سابق من اليوم نفسه، «أكثر من 200 قذيفة في مناطق جانغسان – غوت في الجزء الشمالي من جزيرة بانغيوندو، والمناطق الشمالية من جزيرة يونبيونغ»، ما جعل سيول تصدر أوامر إلى المدنيين في جزيرتَي يونبيونغ وباينغنيونغ، بالقرب من الحدود الغربية البحرية، بالتوجه إلى الملاجئ على الفور. وذكرت «هيئة الأركان الكورية الجنوبية المشتركة»، في بيان، أن الوحدات التابعة لمشاة البحرية في الجزيرتين المذكورتين أجرت تدريبات مدفعية بالذخيرة الحية، باستخدام مدافع الهاوتزر الذاتية الدفع من طراز «كيه-9»، علماً أنّ هذه هي المرة الأولى التي تجري فيها تلك الوحدات تدريبات من هذا النوع، منذ توقيع الاتفاق العسكري بين الكوريتين في عام 2018. بدورها، عادت بيونغ يانغ وأطلقت، السبت، «أكثر من 60 قذيفة مدفعية بالقرب من الحدود البحرية المتنازع عليها»، طبقاً لمعلومات صادرة من جهة سيول، فيما لم تصدر بعد أي معطيات عن أي رد كوري جنوبي محتمل.

يبدو أنّ تكثيف المناورات العسكرية أخيراً مدفوع بتخوّف من تكرار «السيناريو الإسرائيلي» مع سيول


ورداً على اتهامات سيول لبيونغ يانغ بإطلاق القذائف، نفت شقيقة الزعيم الكوري الشمالي، الأحد، مزاعم سيول في هذا الصدد، مشيرةً إلى أنّ بلادها نفذت «عملية خادعة»، وأنّ الجيش الكوري الشمالي «لم يطلق ولا حتى قذيفة واحدة في المنطقة البحرية». وفي تعلقيات ساخرة، تابعت كيم يو جونج أنّ الجيش فجر «قنابل تحاكي صوت الأعيرة النارية 60 مرّة»، ثمّ «راقب «رد فعل» القوات الكورية الجنوبية. وأضافت: «كانت النتيجة تماماً كما توقعنا. أخطأوا في تحديد صوت التفجير وظنّوا أنه إطلاق نار، وافترضوا بأنه استفزاز. حتى إنهم أصدروا بياناً كاذباً ووقحاً يشير إلى أن القذائف سقطت في المنطقة العازلة في البحر»، لافتةً إلى أنّ «العدو قد يتصرف بحماقة، وقد يخطئ أيضاً في تقدير حتى صوت الرعد في سماء الشمال، ويعتقد أنه نيران مدفعية يطلقها (جيش الشعب الكوري)».
على أنّ عدداً من المراقبين يرون أنّ بيونغ يانغ تهيّئ نفسها، على الأرجح، لمواجهة مباشرة مع واشنطن، وهو ما يفسّر ربط كيم جونغ أون أوامر «تسريع الاستعدادات للحرب»، بمواجهة ما وصفه بـ«التحركات الصدامية الأميركية غير المسبوقة». وبالفعل، بعدما أرسلت واشنطن إلى كوريا الجنوبية، الشهر الماضي، الغواصة «ميزوري» العاملة بالدفع النووي، وأشركت حاملة الطائرات «رونالد ريغان» وقاذفة استراتيجية من طراز «بي-52» في مناورات عسكرية مع سيول وطوكيو، ردّت بيونغ يانغ، في تحذير صريح لواشنطن، بإجراء تجربة لإطلاق الصاروخ البالستي العابر للقارات «هواسونغ-18»، وهو الأقوى في الترسانة الكورية الشمالية، والذي يرجّح محلّلون أنه قادر على بلوغ كل الأراضي الأميركية.

الصين وروسيا
وجنباً إلى جنب مع التوترات العسكرية المتزايدة، يؤرّق التقارب المستمر بين بيونغ يانغ وموسكو وبكين، واشنطن وشركاءها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وقد دفع ذلك الولايات المتّحدة إلى اتهام كوريا الشمالية، في أكثر من محطة، بـ«تزويد روسيا بالصواريخ البالستية والقاذفات المخصصة لها». وطبقاً للرواية الأميركية الأخيرة، فقد «أطلقت القوات الروسية على أوكرانيا في 30 كانون الأول و2 كانون الثاني صواريخ بالستية من تلك التي زوّدتها بها كوريا الشمالية»، على أوكرانيا. وفيما حضّت الصين، الجمعة، جميع الأطراف المعنية، على «ضبط النفس»، فإنّ اتصالاً هاتفياً كان قد جمع، في وقت سابق، بين الرئيس الصيني، شي جين بينغ، والزعيم الكوري الشمالي يوم رأس السنة، وشهد إعلان الزعيمين عام 2024 «عام الصداقة بين الصين وكوريا الشمالية»، وفق ما ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا». وأضافت الوكالة أنّ شي أكد أنه، في السنوات الأخيرة، دخل التعاون بين الصين وكوريا الشمالية مرحلة تاريخية جديدة، بفضل الجهود المشتركة»، مشيرةً إلى أنّ سياسة الصين الثابتة تتمثل «في الحفاظ على العلاقات الودية والتعاونية الطويلة الأجل بين البلدين وتوطيدها وتطويرها».

المصدر:”الأخبار”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *