أخبار عربية ودوليةمقالات

حلّ الدولتين عند حدود 67 لا يتوافق مع حدود “إسرائيل الكبرى”صمود غزة ووحدة ساحات المقاومة أسقطا المشروع الصهيوني التوسّعي

عندما يُطرح حل للصراع الفلسطيني ـ “الاسرائيلي”، يستند اصحابه الى حدود حرب العام 1967، والانسحاب الصهيوني من الاراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية وغزة، ومن الجولان السوري المحتل، والالتزام بقرارات الشرعية الدولية وتطبيقها، ومنها القرار 242 ، وهذا ما لم يحصل منذ عقود، لا بل منذ انشىء الكيان الغاصب في العام 1948 عمد العدو الاسرائيلي الى احتلال واقتطاع اراض وضمها الى “دولته العبرية”، ومنها سبع قرى وبلدات من لبنان، جرى تهويدها وتحويلها الى مستوطنات.

فالحدود التي تدعو انظمة عربية ان يحصل الحل على اساسها، ومنها المبادرة العربية التي طرحها العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز في قمة بيروت العربية عام 2002 واقرتها، لم يعترف بها العدو الاسرائيلي، كما لم يلتزم بما جرى الاتفاق عليه في اوسلو في ايلول من العام 1993 بين الحكومة “الاسرائيلية” برئاسة اسحق رابين ومنظمة التحرير الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات، فقتل رابين لانه تنازل عن “ارض اسرائيل” في الضفة الغربية، المسماة “يهوذا والسامرة” في التوراة، التي على اساسها تأسست “الدولة العبرية”، التي نالت وعداً بريطانياً عبر مندوبها آرثر بلفور في تشرين الثاني من العام 1917، ثم تلقت دعماً غربياً وتحديداً من اميركا، التي سلّحت وموّلت الكيان الغاصب، ووقفت في مجلس الامن الدولي والامم المتحدة الى جانبه، فرفضت القرارات التي تدين اجرام هذه الدولة وعنصريتها، وفق ما يؤكد مرجع اكاديمي مطلع على “الحركة الصهيونية” ومشاريعها واهدافها، في ازالة فلسطين من الوجود، بتهجير شعبها بارتكاب المجازر ضده، وهو ما باشرته العصابات الصهيونية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، ومستمرة فيه في غزة بالحرب التدميرية عليها، ودعوة اهلها الى الخروج من القطاع، وهذا ما سينفذ في الضفة الغربية ايضاً، وكل ذلك لاقامة “اسرائيل الكبرى” بحدودها من “الفرات الى النيل”، والتي تحاول تنفيذها بالحرب التدميرية والمجازر والارهاب.

فالحدود عند “اسرائيل” مختلفة عن تلك التي تطالب انظمة عربية ومعها منظمة التحرير الفلسطينية، اضافة الى دول العالم، ظناً منها بان الكيان الصهيوني سيقبل ذلك، وهو الدولة التي لم يتم تحديد حدودها، لان حدودها التوراتية ـ التلمودية تختلف عن الدول التي نشأت تاريخياً وجغرافياً وباتفاقات استعمارية، وحروب امم ومصالح، حيث يؤكد المرجع على ان الحرب مع العدو الاسرائيلي ليست على الحدود بل على الوجود، وهو ما لم يدركه من يدعون الى حل على اساس الحدود، في وقت تقضم “اسرائيل” الارض وتضمها وتقيم المستوطنات عليها، اذ جرى بناء مئات المستوطنات في الضفة الغربية بعد اتفاق اوسلو، ويسكن فيها نحو 800 الف مستوطن جيء بهم من دول العالم، في هجرة يهودية لم تتوقف منذ ما قبل القرن العشرين، لكن مع الحرب على غزة والانتفاضة الفلسطينية في الضفة الغربية، بدأت هجرة معاكسة من الكيان الصهيوني، حيث سجل هجرة نحو 400 الف مستوطن منذ عملية “طوفان الاقصى” في 7 تشرين الاول الماضي.

فحل الدولتين على حدود العام 1967 لم يطبق وأسقطه المسؤولون الصهاينة، ولم تقم اميركا كراعية “للسلام” منذ مؤتمر مدريد بمتابعة تنفيذ “اتفاق اوسلو” بانشاء “دولة فلسطينية مستقلة” وعاصمتها “القدس الشرقية”، وانتهى هذا الحل مع مبادرة الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب والتي سميت “صفقة القرن”، التي كان من نتائجها اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة “لاسرائيل”.

فاعتبار الصراع مع “اسرائيل” على الحدود، هو نقص معرفة او تجاهل للمشروع الصهيوني، الذي حدود دولته من “الفرات الى النيل”، وهو الشعار المرفوع في “الكنيست”، ويعتمده قادة الاحتلال في مواقفهم وتصاريحهم، وفق ما يشير المرجع، الذي يؤكد ان الصراع طويل مع هذا المشروع التوسعي الاستيطاني،  والذي يستخدم المجازر لاقتلاع الشعب الفلسطيني من ارضه ليحل مكانه مستوطنون، لكن “الديموغرافيا” الفلسطينية ستربح في الجغرافيا، بحيث تساوى عدد الفلسطينيين مع “الاسرائيليين”، لا سيما في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، وهذا ما يضع الكيان الصهيوني امام ازمة وجود بدأ قادته يقرون بها، لا بل ان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو اعطى عمراً لا يفوق خمس سنوات فوق 75 سنة منذ ان نشأ الكيان، الذي وعد نتنياهو بان يمد عمره الى مئة عام، وهذا ما يفسر الحرب على غزة والاعمال العدوانية في الضفة الغربية، وفتح جبهة عسكرية مع لبنان في جنوبه.

لكن حسابات المقاومة، اسقطت رهانات العدو الاسرائيلي، فصمود غزة والمواجهة في الجنوب، وتحرك العراق واليمن والجولان السوري، كشفت ان الكيان الصهيوني الى زوال كما يتوقع قادته، لان وحدة الساحات حاصرت المشروع الصهيوني التوسعي، وستنتهي معه حركة الهجرة اليهودية، وسيتوقف بناء المستوطنات، ولا يعود له من وظيفة في المنطقة.

المصدر:”الديار”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *