أخبار عربية ودولية

جنوب أفريقيا ترافع عن فلسطين: هكذا أبيد الغزيون

وسط ترحيب فلسطيني وتخوّف إسرائيلي، اختُتمت جلسة الاستماع الأولى، أمس، في الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام «محكمة العدل الدولية»، وتتّهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم ترقى إلى الإبادة الجماعية في غزة. وتطالب بريتوريا في دعواها، الواقعة في 84 صفحة، بأن تصدر المحكمة تدابير مؤقّتة وعاجلة لحماية المدنيين في القطاع من «أيّ ضرر إضافي وغير قابل للإصلاح» بفعل العدوان الإسرائيلي، ومن ضمنها وقف سياسة التهجير والحرمان من الغذاء والمياه وعرقلة المساعدات الإنسانية الكافية، تزامناً مع العمل على تعليق جميع العمليات العسكرية، في انتظار البتّ في أصل القضية محلّ الشكوى، والذي يُتوقّع أن يستغرق فترة أطول. وبعد الاستماع إلى مرافعات الفريق الجنوب أفريقي، تلت رئيسة المحكمة، القاضية الأميركية جوان دونوغو، قائمة بالمسائل الإجرائية التي ستتّخذها «العدل الدولية»، لضمان سير المحاكمة وفق الأصول المعمول بها قانوناً، قبل أن تَرفع الجلسة. ومن المنتظر أن تُعقد اليوم مرافعة الجانب الإسرائيلي، للاستماع إلى دفاعه، علماً أن قانون المحكمة ينصّ على تشكيل لجنة من 17 قاضياً – منهم اثنان من طرفَي القضيّة – بقصد الاستماع إلى مرافعات مدّتها 3 ساعات لكلّ منهما.ومع استهلال الجلسة، أعاد الفريق القانوني الجنوب أفريقي، مرتكزاً إلى تقارير أممية موثّقة وتصريحات صحافية لمسؤولين دوليين، من بينهم أميركيون وإسرائيليون، التشديد على ضرورة أن تشمل التدابير المؤقتة التي يتعيّن على المحكمة اتّخاذها، عملاً بأحكام المواد 41 و73 و74 و75 من نظامها، وضعَ حدّ لكلّ الممارسات الإسرائيلية التي تندرج في إطار جريمة الإبادة الجماعية بحقّ سكان قطاع غزة، كالحرمان من الوصول إلى الإمدادات الإغاثية والغذائية، إلى جانب المستلزمات الحياتية، وتدمير المرافق الحيوية في القطاع.
وخلال الجلسة، أدلى وزير العدل الجنوب أفريقي، رونالد لامولا، بمطالعة ذكّر فيها بأنّ «العنف والتدمير الحاصليْن بحقّ الفلسطينيين لم يبدآ في 7 تشرين الأول/ أكتوبر»، مستعرضاً واقع الشعب الفلسطيني الذي «يعاني منذ عام 1948»، مع إشارته إلى الحصار على غزة حيث «تسيطر إسرائيل على المعبرَين الوحيدين في القطاع، وهي تُعدّ وفق القانون الدولي قوّة محتلّة» لكلّ من غزة والضفة الغربية منذ عام 1967. وأضاف الوزير الجنوب أفريقي أنّ بحوزة حكومته أدلّة على «شروع إسرائيل في ارتكاب إبادة جماعية» بحقّ أهالي غزة، موضحاً أنّ الأذى الذي سبّبته في القطاع «شامل».

على مدى ثلاث ساعات من الوقت، تتالت مرافعات أعضاء الفريق القانوني لجنوب أفريقيا في المحكمة


وعلى مدى ثلاث ساعات من الوقت، تتالت مرافعات أعضاء الفريق القانوني لجنوب أفريقيا، والمؤلّف من نخبة من القانونيين والمحامين ذوي الخبرة المشهود لهم على المستوى الدولي، ومن أبرزهم عديلة حاسيم، وهي قاضية سابقة، وأحد مؤسّسي منظّمة «مكافحة الفساد» في بلادها، فضلاً عن كونها أحد المشاركين في إعداد «دليل حقوق الإنسان وقانون وسياسة الصحة في جنوب أفريقيا ما بعد الفصل العنصري»، إلى جانب أستاذ القانون السابق في «جامعة ويتواترسراند» في جنوب أفريقيا ومدير «مركز الدراسات القانونية التطبيقية»، جون دوجارد، المعروف بمواقفه الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، والمندّدة بالسياسات الإسرائيلية، والذي عمل، منذ عام 2001، مقرّراً خاصاً للجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، إضافة إلى عضويّته في مجلس أمناء منظّمة «القانون من أجل فلسطين» منذ عام 2020، واشتراكه في مفاوضات صياغة دستور جنوب أفريقيا بعد سقوط نظام الفصل العنصري، فضلاً عن عمله قاضياً خاصاً لدى «محكمة العدل الدولية» في عام 2008.

كذلك، يضمّ الفريق، المحامي والمتخصّص في القانون العام وحقوق الإنسان والقانون الدولي، ماكس دو بليسيس، الذي عمل لسنوات عديدة باحثاً في القانون الدولي في «معهد تشاتام هاوس» في لندن، إضافة إلى عمله مستشاراً قانونياً للعديد من المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية، من بينها «المحكمة الجنائية الدولية» (ICC)، و»اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب»، و»محكمة العدل لشرق أفريقيا»، فضلاً عن المساعد القضائي السابق لدى المحكمة الدستورية في جنوب أفريقيا، تشيديسو راموغالي، وهو حائز درجة ماجستير من «جامعة هارفرد»، إلى جانب عمله مدير تحرير تنفيذياً لمجلة حقوق الإنسان التابعة للجامعة المذكورة.
كما أن الفريق القانوني نفسه، يضمّ عضوين من خارج جنوب أفريقيا، هما: فوغان لوي، وهو محامٍ بريطاني متخصّص في القانون الدولي، وقد سبق له العمل قاضياً بالنيابة في «المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان»، فضلاً عن تعيينه من قِبَل حكومة بلاده قاضياً ممثّلاً لها لدى المحكمة الأوروبية للطاقة النووية، مع العلم أن تمثيله لفلسطين أمام «محكمة العدل الدولية» في مسألة جدار الفصل العنصري في الأراضي المحتلّة، يُعدّ من العلامات الفارقة في مسيرة الرجل المهنية. أمّا البريطانية الأخرى، فهي بليني ني غرالايغ، المعروفة بـ»المحامية المقنعة»، و»صاحبة التكتيك الرائع» في أسلوب مرافعتها، وأحد المحامين المدرجين في قائمة «المحكمة الجنائية الدولية»، والفائزة بالعديد من الجوائز والأوسمة.
ومن جملة القضايا التي أثارها الفريق الجنوب أفريقي، هي إدانة إسرائيل بمخالفة بنود اتفاقية منع الإبادة الجماعية، بخاصة المادة الثانية، وخصوصاً ما يتعلّق بجرم الإبادة الجماعية المرتكبة عن قصد التدمير الكلّي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو دينية ما، وبسياسات التهجير والحصار وحرمان السكان من المأوى والاحتياجات والخدمات الأساسية، فضلاً عن القصف المتعمّد للمباني السكنية، وللممرّات التي زعمت إسرائيل أنها آمنة.
كما توقّف الفريق الجنوب أفريقي عند تصريحات أكثر من مسؤول إسرائيلي، ومن بينهم رئيس الحكومة ووزراء وضباط، تدين إسرائيل تصريحاً أو تلميحاً بالسعي إلى إبادة الشعب الفلسطيني، وتهجيره. وأكّد حقّ الشعب الفلسطيني، أسوة بغيره من الشعوب، في الحماية، داعياً «العدل الدولية»، ومن خلفها المجتمع الدولي، إلى القيام بمسؤولياتهما في هذا الصدد. أيضاً، عرض سلسلة توصيات ختامية، شملت مطالبة إسرائيل بالكفّ عن انتهاكاتها للقانون الدولي، محذّراً من أن تجاهل تلك الانتهاكات، سوف يعكس فشل المجتمع الدولي في منع تعرّض الشعب الفلسطيني لهذا النوع من الجرائم على يد إسرائيل.

المصدر:”الأخبار”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *