الحكومة تُعيد قوانينَ نافذة: ميقاتي يخرقُ الدستور؟
أثار قرار مجلس الوزراء، أمس، ردّ ثلاثة قوانين إلى المجلس النيابي، بعدما أقرّها في جلسته السابقة، ردود فعل غاضبة في صفوف المتضررين من عدم نشر القوانين، وعدد النواب لاعتبارهم أن القرار صلاحية لصيقة برئيس الجمهورية
عندما قرّر رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، تعليق نشر ثلاثة قوانين في الجريدة الرسمية، كان مجلس الوزراء قد أصدرها في جلسته التي انعقدت في 19 كانون الأول الفائت، ارتكب مخالفة دستورية. والقوانين هي: تحرير الإيجارات غير السكنية، تمويل صندوق التعويضات لأفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة وتعديل بعض أحكام قوانين المعلمين وتنظيم الموازنة المدرسية.وفقاً للخبير الدستوري وأستاذ القانون الدستوري في «الجامعة اليسوعية»، وسام اللحام، فالمشكلة اليوم ليست في ردّ هذه القوانين إلى المجلس النيابي، كون «هذه صلاحية منوطة بمجلس الوزراء حالياً، والذي يمارس صلاحيات رئيس الجمهورية وكالةً، كما أن الرّد أتى خلال مهلة شهر من تاريخ إحالتها إلى الحكومة (18 كانون الأول)». ولكن المشكلة تكمن أيضاً في «الانتهاك الدستوري المتمثل في توجيهات ميقاتي السابقة بعدم نشر القوانين، بعدما أصدرها مجلس الوزراء ووجب نشرها». ويؤكد اللحام أنه «لا يحقّ لرئيس الحكومة بأيّ شكل من الأشكال ذلك، كون صلاحية الإصدار تعود إلى رئيس الجمهورية، واستطراداً اليوم إلى مجلس الوزراء، ولا تعود إليه شخصياً»، موضحاً أن «التبعية الإدارية لمصلحة الجريدة الرسمية إلى رئاسة الحكومة لا يجب أن تعني إطلاقاً منح رئيس مجلس الوزراء القدرة على تعطيل العمل بأحكام دستورية». ويرى اللحام أن الموقف الدّستوري السليم هو «ألّا يُصدر مجلس الوزراء تلك القوانين من الأساس، وأن يردّها إلى مجلس النواب عبر مرسوم في مجلس الوزراء». واعتبر اللحام أن الكلام عن أن صلاحية الرّد لصيقة برئيس الجمهورية هو «كلام سياسي – طائفي وغير دستوري».
لكن عضو تكتل «لبنان القوي» النائب آلان عون، قال لـ«الأخبار» إن «مخالفتين قد ارتُكبتا: الأولى هي التراجع عن إصدار القوانين والثانية هي ممارسة صلاحية ردّ القوانين، وهي صلاحية لصيقة برئيس الجمهورية، ما يوسّع إطار استغلال الفراغ في هذا الموقع من دون ضوابط». ورأى عون أن «الحل يكون بنشر القوانين، ومن ثم تقديم اقتراحات لتعديلها، خصوصاً أننا لا نريد للمدارس الخاصة أن تنكسر، ولا للمعلم أن يجوع، ولا للمالك القديم أن يُعدم، ولا للمستأجر أن يعاني أزمة اقتصادية كبيرة»، مشيراً إلى أن «التعاطي بخفة مع القوانين سوف يعرض القرار للطعن أمام مجلس شورى الدولة».
ردّ القوانين إلى البرلمان من صلاحية الحكومة التي تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة
وعلى مقلب المتضررين من عدم نشر قانوني التعليم الخاص، ولا سيما الأساتذة المتقاعدين الذين كانوا سيستفيدون من تمويل صندوق التعويضات لتحسين رواتبهم التقاعدية، أعلن نقيب المعلمين، نعمة محفوض، أن النقابة سترفع، عبر محاميها زياد بارود، دعوى أمام «مجلس شورى الدولة» ضدّ ردّ القوانين. كما دعا المجلسَ التنفيذي لـ«نقابة المعلمين» إلى جمعيات عمومية تُعقد الإثنين المقبل في بيروت والمحافطات للتصويت على إضراب، يبدأ من يوم الثلاثاء. وحمّل محفوض، في اتصال مع «الأخبار»، رئيس الحكومة ووزير التربية عباس الحلبي «المسؤولية المباشرة عن حرمان أكثر من 5 آلاف متقاعد من سبل العيش بكرامة، لكونهما وعدا النقابة بدعم الأساتذة المتقاعدين وأخلّا بالوعد». وكانت «الأخبار» قد علمت أن المدارس الكاثوليكية ضغطت بشدّة في الأيام الأخيرة عبر البطريرك بشارة الراعي لمنع نشر القوانين.
وبشأن قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية، وصف المستأجرون بموجب عقود قديمة (قبل 23 تموز عام 1992) الخطوة بـ«بادرة خير»، مُعوّلين عليها لإعادة فتح الحوار بشأن تحرير عقود الإيجارات غير السكنية مع جميع الأطراف المعنية. ودعا رئيس «لجنة الدفاع عن حقوق المستأجرين القدامى»، كاسترو عبدالله، إلى «التّوصل إلى قانون أكثر إنصافاً للمستأجرين، بعد مراجعة: توقيت إقراره في ظلّ عدم الاستقرار الاقتصادي وعدم ثبات قيمة العملة الوطنية، المهلة الزمنية غير المنطقية لتحرير عقود الإيجار خلال 4 سنوات، إضافةً إلى مسألة الخلوات التي دفعها المستأجر لصاحب الملك ولم يتطرق إليها القانون».
أمّا المالكون، فلم تكتمل فرحتهم بالقانون الجديد، إذ استنكر رئيس «نقابة مالكي الأبنية المؤجّرة»، باتريك رزق الله، ردّ القانون، مُلوّحاً بتقديم شكوى أمام «مجلس شورى الدولة» لكسر القرار، والتواصل مع الكتل النيابية لاتخاذ موقف تجاه التّعدي على الصلاحيات الحصرية التي منحها الدستور لرئيس الجمهورية.