سفراء أبلغوا معطيات حول تصعيد كبير … “حيفا” مقابل “نهر الأولي”
لدى الجيش اللبناني كما لدى قوات “اليونيفيل” العاملة في جنوب لبنان معلومات تشير إلى توفّر نيّة إسرائيلية لتوسيع رقعة الاستهدافات والقصف جنوباً. يتقاطع ذلك مع معلومات مشابهة باتت في متناول الحكومة اللبنانية، وأخرى لدى سفراء، عرب تحديداً، قاموا خلال الأيام الماضية بإبلاغها إلى بعض المرجعيات والمسؤولين سواء عبر لقاءات مباشرة، أو من خلال قنوات معتمدة. كذلك، لدى حزب الله معطيات أو أجواء مستندة إلى معطيات حول جدية إقدام إسرائيل على توسيع رقعة القصف. لذلك رفع من جهوزيته، وإن كان أصلاً على جهوزية تامة منذ 109 أيام.
على المستوى الجبهة الداخلية اللبنانية رفعت حالة الجهوزية لدى المستشفيات والفرق الإسعافية والإغاثية بشكل يُشبه إلى حدٍ ما أيام القتال الأولى التي اندلعت يوم الثامن من تشرين الأول الماضي. أمّا بالنسبة إلى اللجان المُختصّة بشؤون النازحين في القوى، فهذه أيضاً عدّلت من برامج عملها وخُططها لمواكبة أي طارئ محتمل في ضوء الأجواء الراهنة وما بلغها من مرجعياتها، بما فيها وضع خطط لإجلاء النازحين من الخطوط الخلفية، أي تحديداً من القرى التي صنفت “آمنة” أو “بعيدة عن متناول القصف”، صوب مناطق أكثر أمناً.
يقودنا ذلك إلى حصول متغيرات واضحة على ساحة الحرب، من طريقة وأسلوب ورقعة القصف الإسرائيلي الذي أخذ، خلال الأسابيع القليلة الماضية، يستهدف المنازل السكنية في قرى الخط الثاني، كالطيبة ومجدل سلم والجميجمة، وإلى ما هو أبعد من خط “وادي الحجير” ويتقدم تدريجياً صوب شمال الليطاني، ومن نوعية ردود فعل المقاومة على الاعتداءات، التي باتت تشمل حيزاً واسعاً من مستعمرات الحافة الأمامية متضمنة مبانٍ سكنية ومؤسسات حيوية، وبعيداً باتجاه عمق الأراضي المحتلة وصولاً إلى مساحة 8 كلم حيث يقع الخط الدفاعي الأخير للعدو. كل ما تقدم، عبارة عن مؤشرات تقود إلى ارتفاع احتمال توسيع رقعة الإشتباك الذي قد يوفر ظروف توسيع الحرب بشكلٍ عام.
في الواقع ثمة أصوات إسرائيلية باتت ترتفع (أو مرتفعة) تتحدث عن ضرورات توسيع الحرب. في آخر اجتماع عُقد لرؤساء المستعمرات الشمالية مع قادة الجيش والمسؤولين عن “الجبهة الشمالية”، جاء الطلب واضحاً إلى الجيش بضرورة تعامله مع الخطر الآتي من حزب الله، والعمل أكثر على مشروع إعادة المستوطنين. من بين المستوطنين من طرح نظرية تتحدث عن تسوية قرى لبنانية بالأرض ضمن نطاق 10 كلم على الأقل لتوفير ظروف هذه العودة أو لإقناع المستوطنين بالقضاء على الخطر!
نتحدث هنا عن ما يقال إنها ضرورات أمنية تُريدها “إسرائيل” وقد تندفع تحت الضغط إلى محاولة تحقيقها.
عملياً، تعيش “إسرائيل” كابوس الأحزمة الأمنية التي بات اليوم بديلاً واقعياً عن “الجدار”.
عند الجبهة الجنوبية، شرعت تل أبيب إلى بناء “حزام أمني” مع قطاع غزّة بطول أكثر من 40 كلم وبعمق يتراوح بين 2 إلى 3 كلم. يُضاف إليه البدء بمشروع تقسيم المناطق الفلسطينية الغزوية وتقطيع سبلها بهدف خلق عدم تواصل فيما بينها.
عند الجبهة الشمالية (أو الجبهة الجنوبية بالنسبة للبنان)، لا يستطيع العدو انتهاج الخطط نفسها إنما عمل على قلبها. فقد خلق 3 مستويات أمنية داخل الأراضي التي يحتلها وفي المستعمرات، ونشر فرقتين عسكريتين وهو بوارد تعزيزهما بفرقة إضافية مع الإشارة بأنه يطوّر الجبهة عسكرياً باستمرار، بشكلٍ أوحى أنها خلق “حزاماً أمنياً” داخل المستعمرات، ما تسبب بانزعاج لدى المستوطنين.
هؤلاء، بحسب ما يصرحون ويتصرفون، يرفضون إقامة “حزام أمني” داخل “كيوبتساتهم”، ولا يريدون رؤية الجيش يتجوّل داخلها طوال العام، ببساطة لأنه يعد مؤشراً إلى عدم توفّر الأمن، ويعطي انطباعا أنهم في خطر، ويحتاجون بعد 7 أكتوبر إلى خدمات أمنية مستمرة، وإن مناطقهم الزراعية تحولت إلى “ثكن عسكرية”. أضف إلى ذلك خشية الجيش الإسرائيلي ببساطة من تكرار سيناريو “غلاف غزة”.
ولأجل ذلك، يندفع هؤلاء مدعومون بمستويات معينة ضمن الجيش إلى محاولة نقل “الحزام الأمني” المنشئ نحو جنوب الليطاني بأي طريقة، وسيكون بالتالي السبب الذي سيدفع نحو توسيع الحرب فعلاً، ببساطة لأن المقاومة لن تسكت عن أي تعديل يطرأ على امتيازات تحققت منذ عام 2000 وصولاً لمحطة 2006 وكل ما تلاها.
بالعودة إلى الداخل اللبناني، هناك فريق لبناني “سيادي” موجود دائماً لإزعاج حزب الله، والآن يتحضر لأداء دور ما بالتزامن مع الحرب خلالها وما بعدها. يمكن رصد ذلك من تكون مجموعة نيابية مؤلفة من 42 نائباً من قوى “سيادية وتغييرية ومستقلة” مختلفة، تكتلوا تحت ذريعة ما يسمى “رفض المقايضة بين فرض هدوء في الجنوب وملف الرئاسة”.
في الحقيقة، إن تكتّل هؤلاء نابع من وظيفة سياسية مقبلة، ومن الضرورات الدائمة في تحريك “الخنجر” في خاصرة حزب الله. وكما راهنوا في السابق على عامل خارجي يُضعف المقاومة يتجدّد الرهان اليوم على احتمال توسيع الحرب، وإنما إبعاد حزب الله عن جنوبي الليطاني، أو على الأقل إجباره على إخلاء المناطق والمواقع التي كان ينتشر فيها قبل 8 تشرين الأول كباب لإضعاف حضوره الميداني؛ وبالتالي السياسي وتأثيره في اللعبة السياسية بشكل عام.
في العودة إلى الأساس، هناك بين السفراء، العرب تحديداً، من أبلع حقيقة معطيات حول توسع الضربات الإسرائيلية، حتى تبلغ حدود “نهر الأولي”، بمعنى أن هذه المنطقة ستصبح مسرحاً للأحداث. قيل له من يضمن عدم إنشاء حزب الله “نهر أولي” داخل الأراضي المحتلة، ورسمه حدوداً لعمله العسكري ضمنها، أو على الأقل يُحوّل “خليج حيفا” إلى “نهر أولي”؟ من السفراء أيضا من ذهب إلى وضع موعد زمني للبدء بتوسعة الحرب، بشكلٍ يتزامن مع انهيار مباحثات “الدول الخمسة” الحالية المرتبطة بإيجاد مخرج حل سياسي / عسكري لكامل المشكلة الحالية، بما في ذلك رئاسة الجمهورية.
المصدر:”ليبانون ديبايت”