أخبار عربية ودولية

ردّ إيجابي لـ«حماس» يفتح باب الحل: تهدئة مستدامة لـ 135 يوماً وضمانات تمهّد لوقف العدوان

فتحت المقاومة في فلسطين الباب أمام فرصة إنهاء العدوان على قطاع غزة. وبعد أيام من المشاورات التي جرت على صعيد القيادات الفلسطينية المعنية، سلّمت حركة «حماس» بوصفها الجهة الفلسطينية المخوّلة من قبل فصائل المقاومة بإدارة التفاوض السياسي، نسخة من ردّها على «اتفاق – الإطار» الذي كانت قد تسلّمته من الوسيطين القطري والمصري، على إثر الاجتماع الذي جمع مسؤولين رسميين وأمنيين من مصر وقطر والولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل في باريس، الأسبوع الماضي.وقد صاغت «حماس» ردّها، بطريقة تؤكد على رغبة المقاومة في إنهاء العدوان، وبدء إزالة آثاره عن أبناء قطاع غزة. ومع الإيجابية الواضحة في تعامل الحركة مع مساعي الوسطاء، فإنها جدّدت الثوابت التي توافقت عليها مع بقية الفصائل الفلسطينية والحلفاء في محور المقاومة، والتي تركّز على أن المقاومة لا يمكن أن توافق على أي حل لا يقود إلى وقف للعدوان بصورة تامة، وإنهاء الاحتلال القائم حالياً في قطاع غزة، وإطلاق عملية إغاثة دولية لمساعدة أبناء القطاع على إعادة ترتيب أمورهم مع السعي إلى الحصول على ضمانات أكيدة، لا تتعلق بمنع العدو من العودة إلى الحرب فحسب، بل في إطلاق ورشة إعادة الإعمار الشاملة للقطاع، ومعالجة أزمة النازحين الحالية.

وباعتبار أن «اتفاق – الإطار» يستهدف من الجانب الإسرائيلي التوصل إلى اتفاق يسمح بإطلاق سراح أسرى العدو لدى فصائل المقاومة، فإن ردّ «حماس»، ركّز في تفاصيله وآلياته، على أن تتم عملية التبادل بطريقة واضحة وحاسمة، من أجل تأمين إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو، والذين يناهز عددهم بعد 7 أكتوبر التسعة آلاف أسير، بينهم المئات من أبناء قطاع غزة، سواء المقاتلون الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال بعد عملية «طوفان الأقصى»، أو الذين عملت على اعتقالهم خلال عمليات التّوغل التي قامت بها داخل القطاع.
ردّ «حماس»، انطلق من حسابات واقعية تأخذ في الاعتبار، أن المصلحة الوطنية للشعب الفلسطيني تقضي اليوم بوقف العدوان في أسرع وقت ممكن، وأن الرد يستند إلى وقائع الميدان التي أظهرت عجز العدو عن تحقيق أي انتصار حقيقي، إن من الناحية السياسية، حيث يضطر هو ومعه الولايات المتحدة أن يتفاوضا مع «حماس» ولو عبر طرف ثالث، أو لناحية أنه لم يقد إلى الوصول إلى أي أسير حي في داخل القطاع، وأن جلّ ما قام به العدو، هو عمليات التدمير العشوائي والقتل الجماعي، التي أصابت نحو مئة ألف من أبناء القطاع، بين شهيد وجريح، عدا الدمار الهائل.

خشية من مماطلة إسرائيلية لتنفيذ مجزرة كبيرة في خان يونس وعملية كبيرة في رفح


ولكون المقاومة تعرف أن الوسطاء الحاليين، لا يقدرون وحدَهم على لعب دور الضامن، فإن الرّد أشار صراحة إلى ضرورة وجود أطراف دولية ضامنة. وقد حرصت المقاومة في ردّها، على نفي صفة الضامن عن الولايات المتحدة كونها شريكة للاحتلال في الجريمة الموصوفة، وطلبت إدخال روسيا كطرف ضامن، وهو أمر قد يثير حفيظة الأميركيين على وجه الخصوص. علماً أن ردّ المقاومة أصرّ على أن تلعب الأمم المتحدة بكلّ مؤسساتها دورها الضامن أيضاً، سواء لعدم تراجع العدو عن التعهدات المفترض الوصول إليها أو على إدارة عملية الإغاثة العالمية التي يحتاج إليها القطاع.
ومع أن العقدة كانت قد تركّزت على فكرة «الوقف الشامل لإطلاق النار»، فإن العدو أصرّ خلال اجتماعات باريس، على رفض فكرة إعلان الوقف الدائم لإطلاق النار، ووافق على أن يكون التوقف فقط خلال فترات الهدنة التي سيجري العمل على إقرارها خلال مراحل تنفيذ الاتفاق. ولكنّ المناقشات الجانبية، والتي جرت مع الوسطاء وليس بين قوى المقاومة فقط، أفضت إلى اعتماد صيغة «التهدئة المستدامة» كصياغة تمثل الحل الوسط، الذي لا يلزم العدو مباشرة بوقف كامل لإطلاق النار، ولكنه يمنح المقاومة الأرضية التي تسمح بقيادة هذه العملية نحو الوقف التام للعدوان.
وعلمت «الأخبار» أن الجانب الأميركي كرّر في اجتماعات القاهرة والدوحة، موقفه الداعم لتنظيم عملية الهدن، بحيث لا تكون العودة إلى الحرب ممكنة. وقد طلب الأميركيون من مصر وقطر «إفهام» حركة «حماس» وقوى المقاومة، بأن ضمان السير بعملية تبادل شاملة للأسرى، سوف يكون مفتاح الحل الدائم، إلى جانب بحثٍ لا تريد الولايات المتحدة الدخول فيه الآن حول «اليوم التالي»، وذلك ربطاً بمتغيّرات منتظرة في إسرائيل أولاً، وبانتظار تبلور موقف سعودي من مقترح واشنطن إعادة تنشيط الاتصالات للتطبيع مع إسرائيل.
وبينما كان العدو قد أخّر ردّه على ورقة باريس، بحجة انتظار موقف «حماس»، فإن الوسطاء يعرفون أن السبب الفعلي، هو خشية بنيامين نتنياهو من انفجار حكومته جراء رفض عدد غير قليل من وزراء حزبه وأنصار الفريق المتطرف للصفقة كلها، ومطالبتهم باستمرار العملية العسكرية. لكنّ رئيس حكومة الاحتلال، لمس أن تعاظم الحركة الاحتجاجية في الشارع ليس أمراً مفصولاً عن الضغوط الأميركية التي تُمارس عليه، لأجل إعادة تشكيل حكومة جديدة بالتعاون مع قوى المعارضة بزعامة يائير لابيد، وهي حكومة تعتقد الولايات المتحدة أنها «تساعد في احتواء التوتر الكبير في المنطقة والناجم أصلاً عن الحرب على غزة». وهي عبارات قالها مسؤول أميركي كبير لرئيس عربي، خلال مفاوضات الوساطة.
من جهة المقاومة في غزة، فإن قيادة الأجنحة العسكرية ولا سيما «كتائب القسام»، أبلغت القيادة السياسية بأنها تقف خلفها في هذه المعركة، وشدّدت في الوقت نفسه على أن المقاومة في حالة جهوزية دائمة لمواجهة المزيد من الاعتداءات الإسرائيلية. وقد أعربت مصادر في غزة لـ«الأخبار» عن أنه يجب رصد حركة العدو خلال اليومين المقبلين، إذ يوجد احتمال كبير، بأن تلجأ حكومة العدو إلى طلب وقت لدراسة ردّ «حماس»، وتحاول كسب أسبوع وأكثر، من أجل القيام بعملية عسكرية واسعة في منطقة رفح، ومن دون مراعاة لأي طرف، وخصوصاً المصريين، وأن يتزامن ذلك مع القيام بعمليات قصف وحشية إضافية في مناطق خانيونس، وارتكاب مجزرة كبيرة هناك بعد الفشل العسكري الذي أصاب كل الهجمات التي استهدفت بنية المقاومة وأماكن تواجد قادتها أو أماكن احتجاز الأسرى، كما روّج العدو.

المصدر:”الأخبار”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *