أخبار عربية ودولية

التفاف إيراني حول «استراتيجية الردع» | طهران لـ«تل أبيب»: التصعيد بالتصعيد

طهران | بعد خمسة أيام من الردّ الإيراني الانتقامي على إسرائيل، بدأ التأييد لهذا الردّ يتزايد في الأوساط السياسية داخل إيران، مع اصطفاف تيارات سياسية مختلفة، من الأصوليين إلى الإصلاحيين، خلف ما جرى. وأیّد حزب «وحدة الشعب الإیراني»، أحد الأحزاب الإصلاحية الرئيسيّة في الجمهورية الإسلامية، في بيان أمس، الهجوم الإيراني على إسرائيل، واعتبره «حقاً مشروعاً» لبلاده، فيما دان «إرهاب الدولة الذي يمارسه الکیان الصهيوني»، مؤكداً أن «حقّ إيران في الدفاع المشروع ضدّ هذا العمل الاستفزازي يستند إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة». والحزب المذكور يُعدّ من أشدّ المنتقدين للأوضاع على الساحة السياسية الداخلية، إذ رفض المشاركة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة بسبب ما قال إنه «غياب التنافس». لكن يبدو أن ضرورة الوحدةِ ومواجهةِ العدوّ الأجنبي قد قرّبت مواقف التيارات السياسية في إيران بعضها من بعض.وفي هذا السیاق أيضاً، أكّد حزب «کوادر البناء» الإصلاحي، في بيان، «حقّ إيران في الدفاع المشروع على أساس استراتيجية الردع» و»استراتيجية تعزيز مقاومة الشعب الفلسطيني»، محذّراً من نيّة إسرائيل «توسيع نطاق الحرب في المنطقة بهدف نسيان الجريمة في غزة». كذلك، أيّد حزب «الاعتدال والتنمية» المقرّب من الرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني، عملیة «الحرس الثوري» ضد إسرائيل، لافتاً إلى أن «النهج الاستراتيجي الأهمّ هو الحفاظ على الوحدة والتماسك الوطني والدعم الموحّد من جميع شرائح الشعب الإيراني لركائز النظام ضدّ المعتدين المخادعين والمستكبرين». من جهته، علّق الرئيس الإيراني الأسبق، محمود أحمدي نجاد، الذي نادراً ما يدلي بتعليقات سياسية، على التوتّرات الأخيرة بين إيران وإسرائيل، بالقول إن «أيّ دولة تهاجم دولاً أخرى بشكل غير قانوني يجب أن تتلقّى ردّاً. وهذا هو حقّ البلد الذي تعرّض للهجوم».
في هذا الوقت، وفي ظلّ تداول أخبار متضاربة حول الردّ الإسرائيلي على الهجوم الإيراني، يواصل المسؤولون الإيرانيون التأكيد أن القوات المسلحة الإيرانية ستردّ بشكل حاسم على أيّ هجوم. وأکّد الرئیس الإیراني، إبراهیم رئیسي، خلال مراسم العرض العسكري لجيش الجمهورية الإسلامية في طهران لمناسبة «اليوم الوطني للجيش الإيراني»، أمس، أن «عملیة الوعد الصادق كسرت هيمنة الكيان الصهيوني، ولکنها کانت إجراءً عقابياً ومحدوداً، لكن إذا اتّخذوا إجراءات ضدّ مصالحنا، فسيكون ردّنا أكثر حسماً وحزماً». وأضاف رئیسي: «اليوم، لم يَعُد هناك أيّ خيار عسكري ضدّ الأمة الإيرانية، وهذا مهمّ بسبب قوّة الردع والاقتدار التي تتمتّع بها قواتنا المسلّحة». أيضاً، هدّد القائد العام للجيش الإيراني، اللواء عبد الرحيم موسوي، خلال المناسبة، بأن «أيّ اعتداء صهيوني على مصالح البلاد سيواجَه بردّ قوي وحازم يجعل العدو يندم على فعلته، وإذا تحرّك الأعداء فسنردّ بمزيد من القوة والقسوة». وفي تطوّر لافت، أعلن قائد القوة البحرية في الجیش الإیراني، الأدميرال شهرام إيراني، أن قواته سترافق السفن التجارية للبلاد إلى البحر الأحمر. وقال: «نرافق سفننا من خليج عدن إلى قناة السويس، ومستعدّون لحماية سفن الدول الأخرى أيضاً… المدمّرة جماران موجودة في خليج عدن حالياً، وستستمر مهمّتها هذه حتى البحر الأحمر».

ثمّة شكوك كثيرة في الأوساط السياسية والإعلامية الإيرانية حول مدی تأثير العقوبات الجديدة


يأتي ذلك فيما تستمرّ التكهنات حول ردّ إسرائيل المحتمل على الهجوم الإيراني، لجهة زمانه ومكانه وشكله، علماً أن «هيئة البث الإسرائيلية» أفادت، أمس، بأن تل أبيب قرّرت كيفية الردّ على الهجوم الإيراني، إلّا أن الخلافات لا تزال قائمة حول التوقيت. ووفق الصحافي ومحلّل قضايا الشرق الأوسط في مقابلة مع صحيفة «اعتماد»، ما شاء الله شمس‌ الواعظین، «قد ترغب إسرائيل في تعويض وضعها السيئ في غزة ولدى الرأي العام العالمي بمواجهة أخرى (الهجوم على إيران). لكن إيران تتمتّع بأرض كبيرة وعمق استراتيجي، ولهذا السبب، فإن وضعها أفضل من إسرائيل ولا داعي للقلق من التعرّض لهجوم». من جهته، كتب الدبلوماسي الإيراني السابق، أبو الفضل ظهره وند، في مذكّرة نُشرت في صحيفة «إيران» الحكومية: «توصّل المسؤولون الإسرائيليون إلى نتيجة مفادها أن الردّ العسكري المباشر على إيران سيؤدي إلى خسائر فادحة وغير قابلة للتعويض لهذا الکیان. وإسرائيل تعرف أبعاد الحرب المحتملة مع إيران ونتائجها، ولذلك تستمرّ في تصعيد التوتّرات في المنطقة الرمادية (الحرب غير المباشرة)». وأضاف: «وبعيداً من القوة الصاروخية والطائرات من دون طيار التي تمتلكها إيران، فإن السبب الآخر الذي دفع إسرائيل إلى هذا اليأس هو أن الأميركيين والدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي ليست لديهم الرغبة في اللعب في ملعب بنيامين نتنياهو».
على خط موازٍ، وإذ تخطّط الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، لفرض عقوبات جديدة على إيران، رداً على هجومها الذي استهدف إسرائيل، تسود شكوك كثيرة الأوساط السياسية والإعلامية الإيرانية، حول مدی تأثير تلك العقوبات. وفي هذا المجال، كتبت وكالة أنباء «تسنيم» المقرّبة من «الحرس الثوري»، في تقرير لها أمس، أن «هذه العقوبات لن يكون لها أيّ تأثير، لأن إيران تعلّمت كيفية الالتفاف عليها وتحييدها». وجاء في التقریر: «إن شدّة العقوبات المفروضة خلال السنوات الـ 13 الماضية كانت في أعلى مستوياتها، وهذا ما جعل الاقتصاد الإيراني يصمد في وجهها، وقد تعلّم أساليب التهرّب منها بشكل جيّد جداً». وبحسب «تسنیم»، فإن «حاجة الدول الصناعية في العالم، بما فيها الصين، إلى النفط الإيراني، قيّدت يد واشنطن في فرض عقوبات نفطية جديدة على الجمهورية الإسلامية».

محمد خواجوئي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *