قراءة وجيزة حول اتجاه المنطقة
الدكتور الفاضل الكثيري . كاتب تونسي
في ظل استمرار الحرب على غزة للشهر الثامن، وفي ظل تعنت نتنياهو وعناده وإصراره على الإجرام وحرب الإبادة في حق الشعب الفلسطيني في غزة وتهويد القدس والإرهاب الذي يمارسه في الضفة الغربية وجنوب لبنان تتجه المنطقة إلى حرب ضروس تغذيها أطراف متضاربة المصالح والمآرب … ففي حال تدهور الوضع في الشرق الأوسط وعدم توقف الحرب، فإن الأمريكان الذين زودوا الصهاينة في أول يوم من حرب غزة بأربعة آلاف وخمسمائة جندي وخبير واسلحة وقنابل حتى أوقفوالقوات الصهيونية على رجليها؛ وجدوا أنفسهم أمام واقع جديد؛ أكثر خطورة من حرب غزة. فالروس وجدوا في الوضع المستجد فرصة سانحة للسيطرة على أوكرانيا وبدأوا التوسع في احتلال المدن والقرى، والصين ستجد الفرصة ساحنة لالتهام تايوان، وإيران ستجد مبررات لتحريك أذرعها في دول الخليج وضرب كل مرافق النفط … وتزويد الحوثيين للسيطرة على المذائق. والإيذان لحزب الله بضرب آبار النفط والغاز في البحر الأبيض المتوسط والتي يسيطر عليها الصهاينة … إذن الوضع أخطر مما يتصور الصهاينة الذين لم يتعودوا على التخطيط الاستراتيجي، وكرة الثلج لا يعرف احد أن يتكهن بنتائجها…
والأمريكي إلى الآن مازال متحيزا للكيان الصهيوني رغم مجازر الإبادة في حق الشعب الفلسطيني و ما اتهام بيدن لحماس إلا جزء من هذا التضليل؛ والسحر الذي -يمارسه الصهاينة للحفاظ على ثكنة الغرب الاستعماري … والحقيقة أن حماس لن تقبل بأقل من انسحاب الصهاينة من غزة ولن تقبل بأقل من فتح المعابر وإعادة الإعمار والسعي لدولة فلسطينية مستقلة .
لن يكون هناك شيء خسارة نوعية المقاومة اكثر مما خسرت خاصة أن بنك الأهداف قد استنفذ عند الأعداء الصهاينة وان الحركة الطلابية في العالم والفنية قد قلبت المعايير …. وقد شكل هذا المتغير الجديد قوة معنوية للفلسطنيين وجبهة مقاومة جديدة لا تقل أهمية عن الجبهات الأخرى.
أما الحقيقة الثانية أن شركاء حماس لن يقبلوا بشروط الصهاينة وخاصة أن الهجوم على المحكمة الدولية من قبل الصهاينة زاد القضية الفلسطينية أهمية وجعل الكثير من دول العالم يعترف رسميا بهذه الدولة. ويفضح إجرام الصهاينة وكذبهم ومرضهم بمتلازمة الدم والعهد المزعوم.
كما أن التحول التكتيكي في حرب المسيرات وما الحقنه من الخسائر والحرائق التي عمت شمال فلسطين جعلت القتال يأخذ مرحلة جديدة؛ وهذا ما قامت المقاومة الإسلامية وعلى راسها حزب الله حيث حيرت العدو بتصيد جنوده وإفراغ مستعمراته في الجليل … وهي جادة في تحرير الأرض والانسان واسترجاع الحق المطلوب منذ 1947 فإن لم يتم تدارك ذلك سيقع الجميع تحت قبضة الإبادات، ولا يعرف أحد ماذا سيجرى إذا استعملت أسلحة فتاكة والخوف من دخول حلف المقاومة إلى الجليل فيظل الصراع متصاعد من قبل الصهاينة الغاصبين او من قبل المقاومة المطالبين باسترجاع مقدساتهم وأرضهم ، كما تريد اليوم جبهة الشمال في جهدها المقدس (حزب الله حماس قوات فجر الجهاد والشعبية أمل والحبل على الجرار انصار الله … ) جبهات عز واباء تسطر ملاحم للتاريخ.
و هنا تتبلور المسألة التي حددها قادة المقاومة بشكل منهجي واضح. فهذه الجبهة لن تنتهي حتى تحقق أهدافها: تحرير المقدس والمجاور …فإذا تكثف المدد النوعي من إيران والدول التي تعاني من غطرسة أمريكا والصهيونية المجرمة،فلات حين مناص .
فهل يتدارك الأمريكي الأمر ويستوعب ان ثكنته المتقدمة في الشرق ستغرقه في وحل المنطقة، فيخرج بأخف الأضرار؛ أم أن التحيز المطلق والأعمى للإدارة الامريكية والأنظمة المتخاذلة معها سيعمي الأبصار والقلوب وفتح الصراع على متاهات سديمية؛ وبالتالي تدخل المنطقة في نفق ليس له نهاية.
أمام هذه الوضعية لا يمكن أن يستثنى محور المقاومة ومن معهم والذين تحولوا إلى رقم صعب في استعمال التقنيات الذكية؛ يستحيل ازالته؛ ولو في الوقت الراهن. في المقابل لن يجد من لم يتحرك من المصريين والخليجيين مربط عنز يلوذون به إذا أفلتت الأمور من عقالها. وبخاصة ان حكام هذه الأقاليم يفتقدون للشرعية الشعبية والعدالة والحكم الرشيد. وحصر بطشهم ومهاراتهم في التغول على مواطنيهم.
وكنظرة واقعية لما يحدث الآن وفي المتغيرات المفاجئة؛ سواء في اعتداء الصهاينة على اهل غزة او على رجال المقاومة او على رجال الدولة والسفراء كما حدث مع ايران؛ فإننا قدمون على وهج بركاني لا يعرف أحد نتائجه، إذا لم يرتدع بني صهيون عن غييهم، و توقف هذه الحرب الهمجية أوزارها في كل محاور المقاومة ….عندها فقط يسقط جدار الوهم والعمالة ويمد بساط أخوة الجهاد في رحاب طريق الله المبين عندئذ يفرح المؤمنون.ا.ه.