ترحيل «قانون الحاخامات»: أزمة نتنياهو – بن غفير تتعمّق
عادت الأزمة بين حزبي «عوتسماه يهوديت» بقيادة وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، ورئيس حزب «شاس»، أريه درعي، إلى الواجهة، بعدما قرر رئيس الائتلاف الحاكم، أوفير كاتس، أمس، تأجيل طرح «قانون الحاخامات» الذي يستميت «شاس» لدفعه، وذلك في ظل محاولات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، التوصل إلى تسوية مع بن غفير تتيح للأخير الانضمام إلى هيئة أمنية مصغّرة، مقابل ضمان دعمه للقانون، بما يسدّ الطريق أمام إمكانية تفكيك الحكومة من جانب الأحزاب «الحريدية». ويعود تأجيل طرح القانون المذكور، إلى كون درعي يرفض رفضاً قاطعاً أن يحظى بن غفير بأي مكانة في الهيئة الأمنية العتيدة، أو أن يُعطى صلاحيات واسعة لصناعة القرار، وخصوصاً في ما يتعلّق بسير الحرب، ولو كان ثمن هذا الرفض سقوط «قانون الحاخامات». وفي السياق، أعلن رئيس الائتلاف «(أنني) قررت تأجيل طرح القانون إلى يوم الأحد المقبل. لن أعرّض للخطر قوانين مهمة لمواطني إسرائيل وأمنها. كما أن زيارة نتنياهو للولايات المتحدة، هي ذات أهمية حاسمة وممنوع السماح بالتشويش عليها»، في إشارة إلى ما وصف به نتنياهو وزراء حكومته من أنهم أشبه بـ«روضة أطفال»، بسبب الأزمات الداخلية التي ما فتِئوا يفتعلونها.وفي وقتٍ سابق، قالت مصادر من «عوتسماه يهوديت» إن «هناك استجابة لمطلب بن غفير بأن يكون المنتدى شريكاً في رسم السياسات والمبادئ الإستراتيجية في ما يتعلق بالحرب»، مشيرةً إلى أن «المفاوضات مستمرة، لكن الاتفاق النهائي بين الطرفين لم يتم التوصل إليه بعد. وفي حال نجاح المفاوضات، فسنصوت لمصلحة قانون الحاخامات». وبالفعل، انعقدت، في الأيام الأخيرة، محادثات عدّة بين بن غفير ونتنياهو حول إقامة منتدى أمني استشاري، وهي أفضت، في اليومين الماضيين، إلى تسجيل تقدم في شأن مكانة المنتدى السلطوية، وكان من المفترض أن يتابعها الوزير والمسؤولون أمس، غير أنه في اللحظة الأخيرة أُعلن إلغاؤها؛ والسبب، وفقاً لموقع «واينت»، أنه، على ما يبدو، لن يكون للمنتدى أي دور في اتخاذ القرارات.
إلا أنه طبقاً لمقرّبين من بن غفير، فإن إلغاء المحادثات وتأجيل طرح القانون «لا يعنيان أن المباحثات تفجّرت». ومع ذلك، فإن رئيس «شاس» مُصّر على وضع «فيتو» على مشاركة زعيم «عوتسماه يهوديت» في مجلس الحرب، الأمر الذي دفع الأخير إلى التعليق بالقول: «من المؤسف أنه (درعي) لم يضع فيتو على (اتفاق) أوسلو»، فيما نقل «واينت» عن مصادر في «شاس» قولها: «كنا قريبين من اتفاق مع بن غفير، ولكن الاتفاق انتهى. لا نتوقع طرح القانون في الأسبوع المقبل. انتهى الأمر». وكان قد تكشّف أن نتنياهو يحاول «إرضاء» بن غفير الذي دئماً ما كرر مطالبته بضمه إلى «كابينيت الحرب»، وذلك عبر «حل مؤقت ينشِئ بموجبه مجلساً للمشاورات»، بدلاً من المجلس الذي حُلّ عقب استقالة حزب «المعسكر الوطني»، بقيادة بني غانتس، منه. ومنذ حلّ هذا الأخير، تصاعدت الخلافات بين «عوتسماه يهوديت» و«شاس»، الذي يلمس «غُبناً» يلحق بجمهوره «الحريدي»، على خلفية سلسلة من القرارات والقوانين التي أُقرت من جانب الحكومة و«الكنيست»، ما دفعه إلى أن يقاتل بكل قوّته، والتهديد بحل الحكومة، بغية تحصيل منافع لجمهوره، عبر الدفع بمشاريع قوانين، يرهن بن غفير، بدوره، دعمها بضمّه إلى مجلس الحرب.
قبل أن يبدأ «الكنيست» عطلته الصيفية، يحاول ائتلاف نتنياهو حل الأزمة مع بن غفير
وقبل أن يبدأ «الكنيست» عطلته الصيفية، يحاول ائتلاف نتنياهو حل الأزمة مع بن غفير، وإقناعه بتمرير «قانون الحاخامات»، فيما لم يتبقَّ الكثير من الوقت لاستكمال التشريع في الدورة الحالية، التي تنتهي في الـ28 من الشهر الحالي، وتسقط من بعدها إمكانية تمرير القوانين. وفي السياق، أوضحت مصادر مطلعة، لـ«واينت»، أن الهيئة أو المنتدى الذي سيشكله نتنياهو «بلا أهمية، ودوره فقط حل أزمة بن غفير»، مبينةً أن هذه الهيئة لن تتخذ قرارات أو تحدد سياسات، علماً أن «الخلاف الرئيسي بين نتنياهو وبن غفير، يتمحور حول سياسات الاحتواء في الجبهة الشمالية، وصفقة المختطفين، وهما مسألتان يرغب بن غفير في أن يكون صاحب تأثير على كليهما»، بحسب الموقع.
ومن جهته، قال مكتب نتنياهو إن «إدارة الحرب يتولاها رئيس الحكومة، ووزير الأمن، والأجهزة الأمنية، والقرارات المبدئية يتخذها مجلس الوزراء السياسي – والأمني بأكمله، وهذا لم يتغير، وهو مستمر»، مشيراً إلى أن «المسألة تتعلق بإمكانية إنشاء (هيئة) للتشاور، لا تحل محل الهيئات القائمة، ولا تنتزع صلاحياتها». على أن هذه الصيغة لا يبدو أنها مرضية لوزراء «عوتسماه يهوديت»؛ إذ كما قال وزير التراث، عملحاي إلياهو، في مقابلة مع الموقع، فـ«إنهم يضعون بن غفير وحزبنا جانباً، ولا يتصرفون كائتلاف. إلى أي حد نستطيع فيه التأثير، سنؤثر»، مكرراً «(أننا) نطالب بما طالبنا به بداية، نحن جزء من المفهوم الأمني لإسرائيل، ولن نسمح لروح الانفصال (روح قادة خطة فك الارتباط عن غزة) بأن تقود».
وفي المقابل، اتهم وزير التربية والتعليم من حزب «الليكود»، يوآف كيش، بن غفير بالابتزاز السياسي، وقال إن «الطريقة التي يتبعها غير مناسبة إطلاقاً خصوصاً في ظل الحرب. من يتصرف على هذا النحو لا يفهم حجم الساعة، وأهمية الوحدة في مثل هذه الأوقات، وهو منفصل عن التحديات الماثلة أمام إسرائيل». كذلك، أشار عضو «الكنيست» من حزب «ييش عتيد»، يوآف سيغالوفيتش، أمس، إلى «(أنهم) يبحثون في أن يكون بن غفير في هيئة ما لاتخاذ القرارات، وينبغي أن يلتقي نتنياهو مع بايدن، ماذا سيقول له؟ وجدت الشخص الأكثر ملاءمة لمساعدتي في إدارة الحرب؟ ماذا سيجيبه بايدن؟»، في إشارة إلى استياء إدارة الأخير من الوزيرين، بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. أما زميلة سيغالوفيتش في الحزب نفسه، وزيرة الطاقة سابقاً، كارين إلهرار، فقالت إنه «من المحرج أن رئيس الوزراء يُشكل هيئة خاصة لإرضاء وزير الفشل القومي حتّى لا يفكك حكومته. إن الدولة تتفكك، وهم يلعبون، على حساب مواطني إسرائيل».
بيروت حمود