نشوةٌ عارمةٌ بالكيان بعد اغتيال الشهيديْن شكر وهنيّة.. وزراء يحتفلون ويتوّعدون.. إسرائيل ترفع درجة التأهب للقصوى وتُغلِق مجالها الجويّ وتتوقّع ردًا عنيفًا من حزب الله ولا تستبعِد انضمام إيران للحرب الإقليميّة الشاملة
عبّرت وسائل الإعلام العبريّة، المرئية، المسموعة والمكتوبة، اليوم الأربعاء عن فرحتها الشديدة لاغتيال القائديْن فؤاد شكر، (62 عامًا) الرجل الثاني في حزب الله، وذلك في العاصمة اللبنانيّة بيروت مساء أمس الثلاثاء، وإسماعيل هنية، (62 عامًا) رئيس المكتب السياسيّ في حركة حماس، الذي قُتِل صباح اليوم في العاصمة الإيرانيّة، طهران، بصاروخٍ موجّهٍ أطلِق لمقّر إقامته، وشدّدّت المصادر السياسيّة والأمنيّة في دولة الاحتلال على أنّ الضربتيْن الاثنتيْن، خلال ساعاتٍ قصيرةٍ، تُعتبر ضربةً قاصمةً لحزب الله ولحركة حماس، ولكن الأهّم من ذلك، وفق المصادر عينها، أنّ الضربة أصابت في مقتلٍ الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، قائدة المحور “الإرهابيّ والمُتطرّف” في الشرق الأوسط، على حدّ تعبيرها.
وبحسب المُحلِّل العسكريّ في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، فإنّ عمليتيْ الاغتيال المزدوج في كلٍّ من بيروت وطهران تُعتبران من أقسى الضربات التي تلقاها كلّ من حزب الله وحماس، منذ اندلاع الحرب على غزّة في السابع من أكتوبر الفائت، علمًا أنّ حزب الله انضمّ للمعركة بعد مرور عدّة أيّامٍ كجبهة إسنادٍ للمقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّه على الرغم من أنّ إسرائيل لم تُعلِن مسؤوليتها عن اغتيال هنيّة في طهران، فإنّه من غير الممكن أنْ يكون الحديث يجري عن صدفةٍ بين العمليتيْن، كما نقل عن مصادره الأمنيّة في تل أبيب.
ومضى المحلل الإسرائيليّ قائلاً، نقلاً عن المصادر عينها، إنّه من المحتمل جدًا أنّنا أمام تصعيد آخر في الحرب الدائرة، وليس من المُستبعد بتاتًا أنْ تتحوّل المعركة إلى حربٍ إقليميّةٍ واسعٍ أكثر، ذلك أنّ إيران، بحسب مصادره، ستجِد صعوبة في عدم الردّ على عملية اغتيالٍ وقعت على أراضيها، ولكن بالمقابل، حتى اللحظة حاول حزب الله وإيران إبقاء المعركة مع إسرائيل أقّل من الحرب الشاملة، ولكن العمليات الأخيرة كشفت مدى ضعف محور إيران، إذْ أنّ الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، بات وحيدًا في قمّة الهرم القياديّ، ونفس الشيء بالنسبة لقائد حماس في غزّة، يحيى السنوار، بعد قيام إسرائيل بتنفيذ عدّة عمليات اغتيالٍ استهدفت قادة حركة المقاومة الإسلاميّة، كما قالت المصادر في دولة الاحتلال.
عُلاوةً على ما ذُكِر أعلاه، شدّدّت المصادر الإسرائيليّة على أنّ عملية اغتيال الشهيد إسماعيل هنيّة ستؤثّر سلبًا على المفاوضات للتوصل لصفقة تبادل أسرى بين كيان الاحتلال وحركة (حماس)، وهي المفاوضات المتعطلة أصلاً بسبب قيام رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو بالتشدد في مواقفه، وفق تعبير المصادر في تل أبيب.
وأشار المُحلِّل إلى أنّ حسن نصر الله يؤمن بوضع المعادلات، إذْ أنّه منذ العام 2006، أيْ بعد أنْ وضعت حرب لبنان الثانية أوزارها، يقوم الأمين العام لحزب الله بوصف عملياته ضدّ إسرائيل كجزءٍ من المحاولات لإيجاد توازن رعب بين منظمته وإسرائيل، مُضيفةً في الوقت عينه إلى أنّه خلال الحرب الجارية الآن، كان نصر الله قد صرح في مناسباتٍ عديدةٍ بأنّ استهداف بيروت من قبل إسرائيل سيدفعه إلى الردّ على ذلك بقصف منطقة (غوش دان)، وهي منطقة المركز، بما فيها مدينة تل أبيب، وبسبب الخشية من ردّ حزب الله على اغتيال شكر، قالت المصادر إنّ جيش الاحتلال رفع درجة التأهب للقصوى لمواجهة أيّ هجومٍ من حزب الله.
ولفتت المصادر إلى أنّ وزير الأمن الإسرائيليّ يوآف غالانط، كان قد صرح أمس بأنّ حزب الله اجتاز جميع الخطوط الحمراء، ولذا لم تستبعد أبدًا أنّ حزب الله يرى في عملية اغتيال قائده العسكريّ اجتيازًا إسرائيليًا للخطوط الحمراء، الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه لبدء الحرب الشاملة بينهما، طبقًا لأقوالها.
وخلُصت المصادر إلى القول إنّه على الرغم من التطورّات الأخيرة فإنّ دولة الاحتلال ما زالت بعيدةً جدًا عن إيجاد حلٍّ إستراتيجيٍّ لشمال إسرائيل ولمئات آلاف سُكّانه المُهجرين منذ أكتوبر الفائت، أيْ أنّ التهديد الإستراتيجيّ لحزب الله على الكيان باقٍ برغم الاغتيالات.
على صلةٍ بما سلف، قال محلل الشؤون الاستخباراتيّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، رونين بيرغمان، إنّ إسرائيل تمكّنت من مفاجئة حزب الله وتنفيذ العملية في معقله، أيْ في الضاحية الجنوبيّة ببيروت، وأوضح، نقلاً عن مصادره المطلعة في جيش الاحتلال، أنّ إسرائيل تترّقب عدّة أيّامٍ من القتال ضدّ حزب اله، ولكنّ المؤسسة الأمنيّة لا تعتقد بأنّ إمكانية اندلاع الحرب الشاملة واردة حتى اللحظة، ومع ذلك، شدّدّ على أنّ السؤال المفصليّ هو هل يستطيع نصر الله الحفاظ على الهدوء وعدم جرّ المنطقة إلى حربٍ واسعةٍ؟
وأفادت وسائل الإعلام العبريّة أنّه على الرغم من طلب نتنياهو من الوزراء عدم التعقيب على عمليات الاغتيال، فإنّ ثلاثة وزراء من حكومته عبّروا عن فرحتهم الشديدة بمقتل شكر وهنيّة، وقال أحدهم إنّ عهد الاتفاقيات والسلام انتهى، وسنضربهم بالحديد والنار، لأنّهم يجِب أنْ يموتوا، على حدّ قوله. وقال الوزير العنصريّ عميحاي إلياهو إنّ العالم دون هنية بات أجمل أكثر، على حدّ وصفه.
رأي اليوم