أخبار عربية ودولية

حرب استباقية على الوعي: إسرائيل وأميركا تتحصّنان بالتهويل

تنشغل إسرائيل وشركاؤها، وفي المقدمة الولايات المتحدة، بخوض حرب على الوعي ضد أعدائها، في المدة التي تفصل الأولى عن تلقي الضربات الموعودة، رداً على اعتداءاتها في أكثر من ساحة مواجهة إقليمية. وتبدو تلك الحرب مشبعة بالتهديدات، والحديث المفرط عن ردات فعل على الردود، بأحجام ومستويات وأضرار لا تقارَن بأي من اعتداءات إسرائيل السابقة، توازياً مع العمل على تعزيز الموقف الدفاعي عبر إجراءات وتدابير وقائية استباقية داخل فلسطين المحتلة وخارجها، بما يشمل حلفاً إقليمياً تقوده الولايات المتحدة للدفاع عن الكيان. على أن تلك المبالغات، المقرونة باستعراض مفرط للقوة، تبدو مفهومة؛ فهي موجهة أكثر إلى طاولة القرار في الطرف الآخر، بهدف محاولة التأثير على قراراته والحدّ من ردات فعله، وإن كانت هذه الأخيرة شبه حتمية. ومن جهته، يشارك الراعي الأميركي، رغم تظهيره تباينات في المواقف، مع وكيله الإسرائيلي في الحرب على الوعي ضد ساحات المواجهة في طهران وبيروت وصنعاء وغيرها، علّ ذلك يحدّ بدوره من ردات الفعل المتوقعة ويقلّص مفعولها إلى الحدّ الأدنى، وهو ما تستهدفه أيضاً الإجراءات الدفاعية على الأرض.على أن التسريبات والتقديرات التي تملأ الإعلام الإسرائيلي، والتي ينخرط فيها الشركاء الإقليميون والدوليون، وتحديداً ما يتعلق منها بإمكانية التدحرج إلى حرب إقليمية واسعة النطاق، هي سلاح ذو حدين، ومن شأنه التأثير سلباً أيضاً لدى إسرائيل وشركائها، علماً أن احتمال وقوع هكذا حرب بات أكبر بكثير، أقلّه نظرياً، مما كان عليه في السابق. ومع ذلك، فإن الإجراءات والمواقف والتهديدات والفرضيات المتطرفة، تشكل جزءاً لا يتجزأ من ديناميات الاستعداد لمواجهة ما يلي، وليست بالضرورة جزءاً مما سيلي، وهو ما يجب أن يكون حاضراً لدى معاينة الموقف، خاصة أن الكثير من العوامل والمقدمات ما زالت غير متبلورة إلى الآن، ومن بينها حجم رد الفعل المنتظر على اعتداءات إسرائيل، وتأثيره المادي والمعنوي، وموقف محور المقاومة من الردّ الإسرائيلي على الردّ – إن حصل -، وإلى أي حدّ سيصل… إلخ. وكل تلك متغيرات ما زالت ضبابية، ويتعذر حصرها وتقديرها من الآن.
وعلى أي حال، تأمل إسرائيل والولايات المتحدة في أن تدفع الحرب على الوعي، والتي تخوضانها بشراسة، ساحات محور المقاومة إلى التأني في اتخاذ قرارات ردات الفعل، بما يشمل دراسة نتائج الهجمات المتناظرة على إسرائيل، بعناية وتناسق، وأخذ رد الفعل الإسرائيلي – الأميركي في الحسبان، علماً أن واشنطن وتل أبيب تريدان أن تكون التوقعات في خصوص هذا الأخير تحديداً مرتفعة جداً، ولا سيما في لبنان حيث الأذية لا تحصر بتبادل ضربات، بل وتتّسم بمستوى عالٍ من الأضرار. على أن القدر المتيقن في هذه المرحلة، هو أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وصلت إلى مفترق تتحدد فيه مسارات ما سيلي. وإذ لا يبعد أن نكون أمام انفجار إقليمي، محدود أو موسع، يكون مقدمة لإنهاء الحرب، فإن هذه الأخيرة، على أهميتها وكونها مفتاحاً لأي تسوية لاحقاً، باتت جزءاً واحداً من أجزاء المشهد الحالي، حيث الغليان الإقليمي وما ينذر به، يتقدّمان عليها.

يحيى دبوق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *