«أبو شجاع» شهيداً: طولكرم تودّ ع «معذّب إسرائيل»
رام الله | إذا قُدِّر لك السير في أزقّة مخيّم نور شمس، فستقرأ على جدرانها اسم «أبو شجاع» كثيراً. وإذا استرقتَ السمع لحديث الأطفال والفتية وكبار السنّ أمام المقاهي وبين الحواري وأمام المنازل فستجد «أبو شجاع» حاضراً. ولو حصل وصادفته في أحد شوارع المخيّم، فلن تعرف أن هذا الشاب النحيل جداً، والذي ملأ اسمه وفعله فلسطين كلها، هو «أبو شجاع»، قائد «كتيبة طولكرم»، وأحد مؤسّسيها، واسمه محمد جابر (26 عاماً)، الذي نجا من عدّة محاولات اغتيال واعتقال، حتى بات يُطلق عليه لقب «أبو مئة روح». وأمس، خصّصت وسائل الإعلام الإسرائيلية صدور صفحاتها، ومقدمات نشراتها، لتغطية خبر اغتيال المقاوم الشجاع في مخيم نور شمس، في اليوم الثاني من العملية العسكرية التي يشنّها العدو في شمال الضفة الغربية.وإذ سيصادف المارة في أزقة «نور شمس» جملة «أبو شجاع معذّب إسرائيل»، فإن صوره ستملأ برحيله جدران المنازل والحارات، هو الذي كان قد التحق بالمقاومة فتًى في الـ 17 من عمره، ما عرّضه للاعتقال عدة مرات، حيث أمضى خمس سنوات في سجون الاحتلال، وبعض الوقت في سجون السلطة الفلسطينية. وقبل اغتياله، وضعت إسرائيل، «أبو شجاع» على رأس قائمة المطلوبين في الضفة، واصفةً إيّاه بأنه «زعزع الاستقرار في شمال الضفة». وبعد استشهاده، كتب المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، يوآف زيتوني، مبالغاً في وصف قائد «كتيبة طولكرم»، لتضخيم صورة الانتصار الإسرائيلي: «كبير القَتَلة في كل الأزمنة، المخرّب ابن الـ 70 روحاً (…) ويحيى عياش طولكرم، والإرهابي الرقم واحد منذ حرب الأيام الستة، محمد جابر، وجّه عملية قتل إسرائيلي في شهر حزيران الماضي، وكان تحت إمرته 40 مسلحاً في مخيم نور شمس، قتل الليلة الماضية بعد تبادل إطلاق نار مع القوات الإسرائيلية».
ويُعدّ «أبو شجاع» من المساهمين الأساسيين في تأسيس «كتيبة طولكرم»، في آذار 2022، إلى جانب قائدها الأول سيف أبو لبدة، ومجموعة من المقاومين، ومن ثم تولّى قيادتها بعد استشهاد أبو لبدة في الثاني من نيسان من العام ذاته. وساهم الشاب في توسعة «الكتيبة» بانضمام العديد من الشبان المقاومين إلى صفوفها. وفي نيسان الماضي، شنّ الاحتلال اجتياحاً واسعاً لمخيم نور شمس، استمرّ لمدة 50 ساعة، واستشهد خلاله 14 مقاوماً. وآنذاك، تحدثت مصادر إسرائيلية عن اغتيال «أبو شجاع»، وراجت تلك الشائعة، قبل أن يعاود جابر الظهور لاحقاً في تشييع الشهداء وهو محاط بعدد كبير من المقاومين.
يُعدّ «أبو شجاع» من المساهمين الأساسيين في تأسيس «كتيبة طولكرم» في آذار 2022
وخلال الفترة التي كان فيها مطلوباً للاحتلال، لاحقت الأجهزة الأمنية «أبو شجاع»، وحاولت اعتقاله؛ ولعلّ الحادثة الأشهر ما جرى في تموز الماضي، حينما اقتحمت الأجهزة الأمنية، مستشفى «ثابت ثابت» الحكومي لاعتقاله بعد دقائق من وصوله إليه لتلقّي العلاج في يده التي أصيبت. على إثر ذلك، اندلعت مواجهات بين المواطنين والأجهزة الأمنية، وتوافدت عائلات الشهداء إلى المستشفى لحمايته ومنع اعتقاله، بينما صدرت دعوات للنفير العام في مخيمَي نور شمس وطولكرم، وفي مخيمَي جنين ونابلس، لمنع اعتقاله، وقد أطلق مسلحون النار على مقارّ السلطة في أكثر من مكان، أبرزها في جنين. كذلك ضغط الاحتلال بشكل كبير على عائلة جابر من أجل تسليم نفسه؛ إذ استشهد شقيقه محمود خلال اقتحام العدو مخيم نور شمس، واعتقل شقيقه الأكبر عدي عدة مرات، إضافة إلى شقيقه الأصغر أحمد. كما فجّر الاحتلال منزل عائلته بشكل كامل، مشرّداً إيّاها، لتنزح إلى منازل الجيران والأقارب في المخيم مع كل اقتحام.
ونعت حركة «الجهاد الإسلامي» و»سرايا القدس»، قائد «كتيبة طولكرم»، وأحد مؤسسيها الأوائل محمد جابر «أبو شجاع»، وعدداً من إخوانه، بعد مواجهة بطولية خاضوها مع جنود الاحتلال في المخيم. وقالت إن «العدو جنّد عشرات الجنود وسخّر المدرعات والطائرات المسيّرة للوصول إلى الشهيد أبو شجاع في قلب مخيم طولكرم لإدراكه بأنه وإخوانه لن يستسلموا وسيخوضون مواجهات بطولية ضده».
احمد العبد