أخبار عربية ودولية

أول اختراق في الشمال السوري: تركيا تنجح في فتح «أبو الزندين»

نجحت تركيا، أخيراً، في خطو أولى خطواتها في الشمال السوري، عبر فتح معبر «أبو الزندين» في مدينة الباب، في ريف حلب، والذي يُنظر إليه على أنه مدخل إلزامي للتطبيع مع دمشق، وإجراء لا بدّ منه لتسهيل عودة اللاجئين السوريين، الذين ترغب أنقرة في إعادتهم إلى بلادهم. والمعبر الذي أُجهضت محاولات افتتاحه السابقة، جراء هجمات شنّها مسلحون رأوا فيه تهديداً لمعابر التهريب التي يديرونها، ادعت «وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة» المنبثقة عن «الائتلاف» المعارض الناشط من تركيا، أن افتتاحه جاء على خلفية «تفاقُم الأوضاع الإنسانية التي يعاني منها السوريون في لبنان نتيجة الحرب، وازدياد أعداد الراغبين في الدخول إلى الشمال السوري». ووفقاً لمصادر معارضة تحدثت إلى «الأخبار»، فإن أنقرة أعلنت، خلال اجتماع أمنيّ عقد، قبل يومين، وضمّ ضباطاً روساً وأتراك، استعدادها لفتح المعبر.

وشهد ريف حلب الشمالي، خلال الأيام الماضية، اشتباكات عنيفة، على خلفية رفض فصيل «صقور الشمال» المعارض افتتاح المعبر، وتنفيذ الأوامر التركية التي تلقتها «الحكومة المؤقتة» بحلّه وضمّ مقاتليه إلى «الجيش الوطني» بذريعة «مأسسة الفصائل». ولجأ الفصيل إلى «الجبهة الشامية» المناوئة لـ«المؤقتة»، أملاً في منع حله، خصوصاً أن «الجبهة» باتت تربطها علاقات متينة بـ«هيئة تحرير الشام»، لأسباب تجارية تتعلّق بالسيطرة على المعابر. غير أن جهود «صقور الشمال» باءت بالفشل، بعدما هاجمته مجموعات من «القوة المشتركة» (فرقتا «السلطان سليمان شاه» و«الحمزة» المرتبطتان بالاستخبارات التركية، وشركة «سادات» الأمنية لتصدير المرتزقة)، التي تحالفت مع «المؤقتة». وحاولت «الجبهة الشامية» مؤازرة «صقور الشمال»، غير أن الموقف التركي المتفرّج، دفع عدداً من فصائل «الجبهة» إلى الانطواء وعدم المشاركة، لينتهي الأمر بفرط عقد الفصيل، وإعلان «الشامية» التزامها بالقرارات التركية، وتقديم تعهدات بعدم المساس بمعبر «أبو الزندين»، خصوصاً بعدما رفضت «تحرير الشام» المشاركة في ما يجري خوفاً من الموقف التركي، ولأسباب تتعلق بأزمة داخلية تعيشها.
وخلال الأسبوعين الماضيين، عادت التظاهرات المناوئة لـ«الهيئة» في مناطق عدة من إدلب، رغم الحملات الأمنية المشدّدة التي نفّذها «جهاز الأمن» التابع لـ«تحرير الشام»، وما تبعها من محاولات عقد اتفاقات مع قوى محلية. وتسبّب ذلك في انتكاسة يبدو أنها ستكون كبيرة هذه المرة لمساعي الجولاني في وأد الحراك، خصوصاً بعدما ظهر تواطؤ عدد من القياديين الغاضبين في «الهيئة» في دعم تلك التظاهرات، على خلفية حملة اعتقالات داخلية سابقة نفّذها زعيم «الهيئة» بحقّ زملاء له، اتهمهم خصوصاً بـ«العمالة لقوى خارجية».

وجّهت تركيا تحذيراً إلى الجولاني من أنها لن تتدخّل لمساعدته في حال تورّط في حرب مع الجيش السوري


ووفقاً لمصادر ميدانية تحدثت إلى «الأخبار»، فإن إدلب تشهد انتشاراً جديداً مكثّفاً للدوريات الأمنية، بالتوازي مع حملة اعتقالات طاولت عدداً من القياديين في «الهيئة»، وبينهم شخصيات غير سورية. وأوضحت أن التهم الأولية التي وُجّهت إلى هؤلاء، تتعلّق بـ«التآمر ضدّ الهيئة»، ومحاولة «زعزعة الاستقرار»، الأمر الذي قد يفتح الباب على مصراعيه أمام حملة اعتقالات جديدة في ظلّ استمرار التظاهرات المناوئة للجولاني، والتي يتّهمها الأخير بأنها جزء من «مؤامرة مدعومة خارجياً». وتأتي هذه الأزمة الداخلية بعد أسبوعين على تراجع الجولاني عن فتح جبهات قتال جديدة مع الجيش السوري، وفقاً لما كان متفقاً عليه في لقاءات أجراها مع مسؤولين في الاستخبارات الأوكرانية التي تحاول دعم فصائل «جهادية» لاستهداف المصالح الروسية خارج روسيا، في الساحل الأفريقي وسوريا. إذ شنّت طائرات حربية روسية غارات عنيفة على مواقع تابعة لـ«الهيئة» تم خلالها تدمير مخازن أسلحة وورشات تعديل طائرات مسيّرة، في وقت استقدم فيه الجيش السوري تعزيزات عسكرية إلى خطوط التماس. ووجّهت تركيا، بدورها، تحذيراً إلى الجولاني من أنها لن تتدخّل لمساعدته، كما جرى سابقاً، في حال تورّط في حرب مع الجيش السوري، لِما لهذه المعارك من آثار مضرّة بخطوات التقارب مع دمشق، بالإضافة إلى تسبّبها في موجات نزوح جديدة نحو الحدود التركية.

علاء حلبي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *