قوانين إسرائيليّة جديدة لاستكمال العدوان
في معرض السعي لتصفية القضية الفلسطينية وإبادة الفلسطينيين وتهويد القدس، أقرّ الكنيست الإسرائيلي قوانين جديدة جرّمت وكالة «أونروا» ومنعت معظم دول العالم من إقامة قنصليات في المدينة المقدسة، وشرّعت إبعاد الفلسطينيين الذين يحملون «الجنسية الإسرائيلية» الى غزة إذا كانت لديهم صلة قرابة بمقاومين. فيما هدد وزير العدل الإسرائيلي بإصدار تشريعات لمعاقبة الإسرائيليين المعارضين لحكومة بنيامين نتنياهو والمطالبين بمحاسبته وطلب من المدعي العام سجنهم لمدة 20 عاماً.
جريمة تجريم الأونروا
في 28 تشرين الأول، أقرّ الكنيست قانوناً لـ«الحدّ من عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة»، بسبب مزاعم إسرائيل حول «اختراق» حركة حماس للوكالة، و«مشاركة» بعض موظفيها في عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول 2023، مدّعية بأن الاونروا سمحت لحماس بتحويل المساعدات الإنسانية إلى مقاتليها. ويتألف القانون من جزءين. يحظر الجزء الأول عمل الأونروا في القدس الشرقية، ما يحرم الفلسطينيين من التعليم والخدمات الصحية وخدمات النظافة في مخيم شعفاط حيث تدير الوكالة ثلاث مدارس وعيادة صحية وتقدم خدمات اجتماعية، وتجمع القمامة، وتقوم بصيانة شبكة الصرف الصحي. وستتوقف هذه الخدمات الأساسية بالكامل في شباط 2025، عندما يدخل القانون حيّز التنفيذ. أما بالنسبة إلى خدمات الأونروا في حيّ معالوت دفنة في القدس، فقد عطلتها الشرطة الإسرائيلية حتى قبل صدور القانون.
الجزء الثاني من القانون الجديد يلغي «تبادل الرسائل» بين الكيان الإسرائيلي والأونروا. وبموجب هذه الرسائل، كان الكيان الإسرائيلي يمنح للأونروا الإذن بالعمل في غزة والضفة الغربية منذ عام 1967. ويحظر القانون الجديد على أي وكالة حكومية أو جهاز رسمي إسرائيلي إجراء أي نوع من التواصل مع موظفي الأونروا. إلغاء هذه الترتيبات من شأنه أن يخلق عقبات خطيرة أمام دخول المساعدات الإنسانية الى الضفة الغربية وغزة، علماً أن القانون الدولي الإنساني وتحديداً اتفاقية جنيف الرابعة، التي وقّع عليها الكيان الإسرائيلي، تفرض تسهيل تقديم الإغاثة الإنسانية للسكان المدنيين في أوقات الحرب. ويحظر القانون الدولي استخدام المجاعة كسلاح حرب، في حين تحظر اتفاقية الإبادة الجماعية على الدول وضع إجراءات مصممة لتدمير مجموعة من الناس.
القانون الإسرائيلي الجديد يعني أن موظفي الأونروا المحليين سيصبحون مثل أي مدني فلسطيني آخر، من دون أي حماية قانونية دولية. أما الموظفون الأجانب فستمنع عنهم السلطات الإسرائيلية التأشيرات والوثائق اللازمة لتمكينهم من العمل. كما أن تقديم المساعدات إلى غزة سيتعطل بالكامل. اذ يحظر القانون على المسؤولين الإسرائيليين، بما في ذلك الجيش الإسرائيلي ومنسق الشؤون المدنية التابع لوزارة الحرب التي تتحكم بدخول أو منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، إجراء أي اتصال مع مسؤولي الأونروا، علماً أنه إذا لم تتمكن الأونروا من تنسيق تحركاتها، فسيكون موظفوها معرّضين لخطر شديد من استهدافهم من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء تنقلهم في غزة.
المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، وصف وكالة «الأونروا» بأنها «شريان حياة الشعب الفلسطيني»، محذّراً من أن القانون الذي «يمنع الأونروا من القيام بعملها في إنقاذ الأرواح وحماية الصحة، ستكون له عواقب مدمّرة».
قانون ترحيل فلسطينيين
وأصدر الكنيست قانوناً آخر يسمح للحكومة بـ«ترحيل أفراد من عائلات الإرهابيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية»، ما يعني ترحيل آلاف الفلسطينيين من المدن والبلدات التي احتلها العدو عام 1948 بحجة وجود صلات قرابة لهم بأشخاص يصنّفهم العدو «إرهابيين».
القانون اقترحه عضو الكنيست عن حزب الليكود حانوخ ميلويدسكي، مطالباً بطرد أي شخص لديه صلة قربى بمن يقول وزير داخلية العدو إنه نفذ «هجوماً إرهابياً» إذا تمنّع عن إبلاغ الشرطة الإسرائيلية بالأمر، أو عبّر عن دعمه لما قام به قريبه أو نشر كلمات مدح أو تعاطف أو تشجيع له ولما قام به. لكن القانون الجديد يسمح للفلسطينيين المطرودين بالاحتفاظ بـ«الجنسية الإسرائيلية»، ما يعني أنهم «مواطنون» يحملون جوازات سفر «دولة» تمنعهم من دخول «أراضيها». ويطبق القانون بعد تلقي معلومات بشأن فرد ما، فيعقد وزير داخلية العدو جلسة للاستماع الى أقواله، ثم يتخذ القرار بترحيله (خلال 14 يوماً).
القدس عاصمة لإسرائيل
وصادق الكنيست في 29 تشرين الأول على قانون قدمه النائبان زئيف إلكين (حزب «الأمل الجديد») ودان إيلوز («الليكود»)، يحظر إنشاء بعثات ديبلوماسية في مدينة القدس غير السفارات؛ وهي خطوة تهدف إلى تعزيز المطلب الصهيوني بتحويل المدينة الى «عاصمة أبدية لدولة إسرائيل»، وإلى منع إنشاء مكاتب قنصلية تخدم الفلسطينيين في «العاصمة الإسرائيلية».
وصرح إيلوز بعد إقرار القانون الجديد بأن «القدس هي جوهر سيادتنا»، مؤكداً أن القانون الجديد «يوضح مرة واحدة وإلى الأبد أن القدس لنا وليست للبيع. إنه قانون تاريخي ينضم إلى قوانين تاريخية أخرى جرى تمريرها في الأيام الأخيرة». فيما أشار إلكين إلى أن «أولئك الذين يرغبون في إنشاء بعثة أجنبية في القدس سيتعيّن عليهم التصرف وفقاً لهذا القانون وستكون البعثة ملزمة بتقديم الخدمة لسكان دولة إسرائيل. القدس هي العاصمة الأبدية غير القابلة للتجزئة لدولة إسرائيل، ولن يُسمح لأيّ دولة بتحدّي سيادتنا في القدس الموحدة».
ومعلوم أن معظم دول العالم لا تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل وتقيم سفاراتها في تل أبيب، وغالباً ما تفتح قنصليات أصغر في القدس. فيما هناك خمس دول فقط لديها سفارات في القدس المحتلة وهي: الولايات المتحدة وغواتيمالا وهندوراس وكوسوفو وبابوا غينيا الجديدة.
تشريع سجن الأطفال دون 14 سنة
الى ذلك، أصدر الكنيست قانوناً يسمح بسجن القاصرين الفلسطينيين دون سن 14 عاماً. ويتيح هذا القانون المؤقت المخالف لمبادئ القانون الدولي، للمحاكم الإسرائيلية إصدار أوامر باعتقال الأطفال دون سن 14 عاماً وسجنهم في معتقلات عسكرية بحجة قيامهم بـ«أنشطة إرهابية». ويسمح القانون الإسرائيلي الجديد للمحاكم بسجن القاصرين في معتقل مخصص للبالغين بدلاً من مرافق الأحداث. ويمكن تمديد فترة الاعتقال «إذا كانت الظروف تبرّر ذلك». ويعتقل الإسرائيليون حالياً أكثر من 270 قاصراً فلسطينياً، من دون اعتبار لقرارات الأمم المتحدة والمعاهدات الدولية التي تحظر سجن الأطفال.
عمر نشابة