أخبار عربية ودولية

تحذيرات غربية لترامب: ضم الضفة سيُفيض «كأس الفوضى»

منذ فوز المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، بالانتخابات الرئاسية، «استبشر» المستوطنون المتطرفون «خيراً» بإمكانية المضي قدماً في «السيطرة» على الضفة الغربية المحتلة، وصولاً حتى إلى استيطان قطاع غزة وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، من دون أي «عقبات» تُذكر. وعززت بعض الشخصيات التي عينها ترامب، بمن فيها السفير الأميركي إلى إسرائيل، مايك هوكابي، الذي لا يعترف، على ما يبدو، بوجود دولة فلسطينية، من «التفاؤل» المشار إليه. وفي خضمّ الاضطرابات المستمرة في الضفة، واستمرار العملية التي تشنّها قوات السلطة ضدّ المقاومة هناك، اشتدّت، في الأسابيع الأخيرة، طبقاً لمصادر عبرية، الدعوات داخل حكومة الاحتلال إلى ضمّ الضفة، بعدما أشعل بعض أعضاء الحكومة المتطرفين، وعلى رأسهم وزير المالية بتسلئيل سموتريش، النقاش في هذا الصدد مجدداً. على أنّ ترامب لا يبدو، قبيل توليه منصبه، «مندفعاً»، على المدى المنظور أقله، في الاتجاه المذكور، وسط مخاوف عدد من المسؤولين الجمهوريين والمراقبين من أنّ خطط فريق نتنياهو قد تسهم في «إشعال» المنطقة، وخلق فوضى في مختلف دولها، وعلى رأسها الأردن، وتقوّض خطط الرئيس المنتخب في الشرق الأوسط، بدلاً من خدمتها.
ويرد في تقرير نشرته مجلة «تايم» الأميركية أنّه من غير الواضح ما إذا كانت خيارات ترامب لأعضاء فريقه المستقبلي تؤشر إلى تأييده لضم الضفة، إلا أنّه في حال «فسّر» نتنياهو الموضوع على النحو المذكور، فإنّ ذلك قد يؤدي إلى «نتيجة مأساوية». ويضيف التقرير أنّه في حال مضى نتنياهو في الضمّ، فإنّ ذلك سيؤدي إلى محو أي أمل في قيام دولة فلسطينية، وإلحاق أضرار جسيمة بمكانة الولايات المتحدة العالمية، وإغراق منطقة يتمركز فيها أكثر من 40 ألف جندي أميركي في أسوأ فوضى شهدتها منذ الحرب العربية – الإسرائيلية عام 1973. وعليه، ينصح أصحاب الرأي المتقدم، ترامب، بالعمل بقوة على «إحباط» السيناريو المشار إليه.
ويردف التقرير أنّ السيطرة على «قلب» الدولة الفلسطينية «المستقبلية» ستطلق العنان لاضطرابات هائلة، «يمكن أن تحفز موجات جديدة من الإرهاب الموجه ليس فقط ضد إسرائيل، بل الولايات المتحدة أيضاً»، مذكراً بأنّ دعم واشنطن لتل أبيب شكل أحد «الأسباب الثلاثة المعلنة لأسامة بن لادن لإعلان الجهاد ضد الولايات المتحدة». ويأتي ذلك وسط تحذيرات متزايدة من مسؤولين أميركيين أمام الكونغرس من أن دعم الولايات المتحدة للحرب الإسرائيلية في غزة يمكن أن «يحفز الإرهاب المعادي لأميركا في المستقبل»، والذي قد يستمر لـ«أجيال» قادمة، نظراً إلى أن واشنطن هي المورد الرئيسي للأسلحة إلى تل أبيب. ورغم أنّ مثل تلك المظاهر لن تشكل «تهديداً وجودياً» للولايات المتحدة، إلا أنّها كانت السبب الأساسي لانخراط القوات الأميركية في أفغانستان لأكثر من عشرين عاماً، والحملة المستمرة ضدّ «داعش» في سوريا والعراق، جنباً إلى جنب «مغامرات أخرى» على الساحة العالمية. وتكرار مثل هذه العمليات، سيقوض، طبقاً للخبراء في الولايات المتحدة، قدرة الأخيرة على تركيز مواردها «المحدودة» لمواجهة الصين الصاعدة والقضايا «الملحة» في الداخل.

«تايم»: يمكن أن يحفز ضم الضفة موجات جديدة «من الإرهاب» ضد إسرائيل والولايات المتحدة


ومن جملة المخاطر الأخرى التي قد تتعرض لها الولايات المتحدة، دفع أعداء إسرائيل، لا سيما إيران «التي لا تزال قادرة على شنّ هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة»، على القيام بذلك بالفعل، ما قد يجر القوات الأميركية إلى التدخل، كما حصل في وقت سابق، بهدف الدفاع عن إسرائيل. والجدير ذكره، هنا، أنه بعد نشر أفراد أميركيين في إسرائيل لتشغيل نظام الدفاع الصاروخي «ثاد»، فإن هؤلاء سيكونون، جنباً إلى جنب القوات الأميركية المتمركزة في أماكن قريبة في العراق وسوريا والأردن، أهدافاً واضحة لأعمال «انتقامية من طهران»؛ وإذا أصابت ضربة عسكرية إيرانية أو قتلت أفراداً أميركيين، فإن الضغط على واشنطن للرد عسكرياً سيكون كبيراً، رغم أن الحرب مع طهران ستضر بالمصالح الأميركية، بحسب المجلة الأميركية.
وبناءً على وجهة النظر المتقدمة، فإنّ تداعيات ضم الضفة على الأردن تبدو «مقلقة» بشكل خاص، وقد لا تقتصر على إمكانية «رفض الأردن المشاركة في عملية دفاع صاروخي عن إسرائيل في المستقبل فحسب»، بل إنها قد «تعرّض بقاء النظام الأردني الصديق للولايات المتحدة للخطر»، فيما «آخر ما تحتاجه الولايات المتحدة هو دولة فاشلة أخرى في الشرق الأوسط، خاصة مع الاضطرابات الأخيرة المستمرة في سوريا».
وطبقاً لبعض المؤشرات، يبدو أنّ ترامب يأخذ المخاوف المشار إليها بالاعتبار، ويستشعر «مزيداً من الفوضى» في الشرق الأوسط مستقبلاً، إلى حدّ حديث الباحث وعضو «مركز ديان» في «جامعة تل أبيب»، يشوع مئيري، في منشور عبر «أكس»، عن أنّ الرئيس المنتخب «ذكر في آخر محادثة مع نتنياهو، أنّه من الضروري الاستعداد لاحتمال اضطرار إسرائيل إلى غزو الأردن في حالة وقوع انقلاب إسلامي» فيها، ومنع إيران من «الاستثمار فيه».
من جهتها، تفيد صحيفة «جيروزاليم بوست» بأنّ ترامب أوضح، خلال محادثات خاصة، بأن ضم مناطق في الضفة الغربية «غير مطروح على الطاولة»، بحسب مصادر مطلعة. وتردف الصحيفة أنّ كبار المسؤولين الجمهوريين حذروا إسرائيل من متابعة مخطط الضم، بينما يستعد ترامب لتولي منصبه، فيما اعتبر أحدهم أنّ مثل ذلك القرار سيكون «خطأً»، نظراً إلى أنّ إسرائيل في وضع دولي صعب، «وهو سيُلحق ضرراً أكبر بها»، لا سيما أنّ ترامب وفريقه يعطون «الأولوية» لأهداف أخرى في المنطقة، بما في ذلك إحياء «اتفاقات أبراهام»، وتأمين التطبيع بين إسرائيل والسعودية، ومواصلة الضغط على إيران.

ريم هاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *