سوريا تتقدّم على غزة: التطبيع ثمناً لوقف الحرب
يستعدّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لزيارة إلى واشنطن الإثنين المقبل، هي الثالثة له منذ عودة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض. ويأتي ذلك على وقع ما يُشاع عن ضغوط يمارسها الأخير لإقناع الإسرائيليين بوقف إطلاق النار في قطاع غزة مع حلول الأسبوع المقبل، في إطار صفقة لتبادل الأسرى مع حركة «حماس»، تمهّد لمرحلة «إنهاء الحروب» التي روّج لها ترامب أثناء حملته الانتخابية، وتوسيع «اتفاقات آبراهام» التي رعاها في ولايته الأولى، لتطال دولاً عربية جديدة، وفي مقدّمتها سوريا.
وبحسب محلّلين، إذا كانت تلك الضغوط تكتسب جدّية مع سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، ولا سيّما أنّ ترامب حرص على التمهيد لزيارة نتنياهو، بجملة تصريحات خاطب فيها القادة الإسرائيليين قائلاً: «أبرموا الاتفاق في غزة، واستعيدوا الرهائن»، ومن ثم باجتماع عقده في الساعات الماضية مع وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، إلا أنّ علامات استفهام لا تزال تحيط بحقيقة موقف الإدارة الأميركية الداعم لإسرائيل، وتحديداً لحكومة نتنياهو، التي تعهّد ترامب أخيراً بـ«إنقاذ» رأسها من المحاكمة، توازياً مع إعلان وزارة الخارجية الأميركية موافقتها على بيع معدّات توجيه قنابل ودعم متّصل بها لإسرائيل بقيمة 510 ملايين دولار.
ماذا في زيارة نتنياهو في شأن غزة؟
في إطار التمهيد للصفقة الكبرى، من المتوقّع أن يبلّغ ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بضرورة تأجيل مسألة تفكيك حركة «حماس»، والتركيز على استعادة الأسرى لديها، والقبول بإبرام هدنة أولية معها. وبحسب ما كشفه مسؤول إسرائيلي لموقع «أكسيوس»، فإنّ «هناك اهتماماً مشتركاً من كِلا الجانبين بتقديم مشهدية انتصار بعد الحرب مع إيران»، وإنّ وجهتَي نظر الزعيمين «متقاربتان أكثر من أي وقت مضى، رغم ما شهدته علاقتهما من توتّرات» في فترات سابقة. وأشار الموقع الأميركي إلى أنّ اللقاء المرتقب بين ترامب ونتنياهو سيشكل «فرصة للزعيمين لترسيخ سرديّتهما حول نجاح العملية العسكرية ضد إيران، ومناقشة الخطوات المشتركة بينهما في المنطقة مستقبلاً».
تحبّذ تل أبيب الاحتفاظ بجانب كبير من العقوبات على دمشق كـ«وسيلة ضغط» لتسريع مسار المفاوضات
وفي الإطار نفسه، لفتت مجلة «فورين بوليسي» إلى أنّ تزامن حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي عن «فرص حقيقية» لاستعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة، مع دعوات البيت الأبيض إلى وقف الحرب على القطاع، يمكن عدّها «تحولاً محتملاً في نظرة الأول إلى أهداف حكومته في الحرب، والتي لطالما كانت تعطي الأولوية لهزيمة حماس» على حساب أي اعتبار آخر، بما في ذلك استعادة الأسرى.
سوريا: أسئلة التطبيع والجولان
وفي ما يخص استكمال «مسار آبراهام»، وتمهيد الطريق نحو تدشين علاقات دبلوماسية بين سوريا وإسرائيل، أشار «أكسيوس» إلى وجود تباينات في الرؤى بين واشنطن وتل أبيب؛ ذلك أنّ الأولى «تفضّل مساراً تدريجياً (للتقارب) يركّز على البناء التدريجي للثقة، ومن ثم تحسين في العلاقات الثنائية على مراحل»، في حين تميل الثانية إلى «الحصول على ضمانات (مسبقة) بأنّ أي محادثات ستؤدّي في النهاية إلى اتفاق سلام شامل وتطبيع للعلاقات الدبلوماسية».
كما ثمة خلافات أميركية – إسرائيلية في شأن جدوى الإبقاء على جانب كبير من العقوبات على دمشق، وهو خيار تحبّذ تل أبيب الاحتفاظ به كـ«وسيلة ضغط» لتسريع مسار المفاوضات مع السوريين، في حين ترى واشنطن أنّ التخفيف من حدّته يوفّر «فرصة شاملة لإنعاش الاقتصاد السوري»، على حدّ قول المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم باراك.
وفي السياق نفسه، لمّحت وكالة بلومبرغ إلى وجود ضغوط من واشنطن على تل أبيب لتغيير طريقة مقاربة الأخيرة للملف السوري، مشيرة إلى أنّ مواقف المسؤولين الإسرائيليين حول انفتاحهم على السلام مع سوريا، تحمل دلالات على «تغيير في موقفهم» حيال هذا الملف، والذي كان يميل إلى العداوة مع الحكومة السورية الجديدة، بدعوى «جذورها الإسلامية».
الأخبار