طيف صدّام يعطل انتخاب رئيس البرلمان: الصوت بـ350 ألف دولار!
بغداد – فجرت نتائج الجولة الأولى للتصويت على انتخاب رئيس جديد للبرلمان خلفاً لمحمد الحلبوسي المُبعد بقرار قضائي، أزمة كبيرة بين القوى السياسية المنضوية في «الإطار التنسيقي» من جهة، وبين الكتل السنية من جهة أخرى. وكشفت مصادر سياسية أن تعطيل الجولة الثانية قبل أيام ورفعها، جاءا بقرار من خارج البرلمان وتحديداً من زعيم «ائتلاف دولة القانون»، نوري المالكي، لسدّ الطريق أمام فوز النائب شعلان الكريم عن حزب «تقدم» (بزعامة الحلبوسي) المُتّهَم بتمجيد حزب «البعث» والرئيس السابق صدام حسين. والسبت الماضي، افتتح مجلس النواب فصله التشريعي الجديد بجلسة خاصة لانتخاب رئيس له، بحضور 314 نائباً شاركوا جميعهم في التصويت في الجولة الأولى، والتي أظهرت نتائجها فوز الكريم من حزب «تقدم» بـ152 صوتاً، ومن بعده النائب سالم العيساوي وهو مرشح تحالف «السيادة» بـ97 صوتاً. أما النائب محمود المشهداني عن تحالف «عزم»، فحظي بـ48 صوتاً، وهو المرشح الوحيد الذي يدعمه «الإطار التنسيقي» وخاصة المالكي. ووفقاً للنظام الداخلي للبرلمان، فإن من المفترض أن تجري جولة التنافس الثانية بين أول فائزين بالجولة الأولى، لكن الجلسة رُفعت السبت بعد مشادات كلامية بين النواب، إلى إشعار آخر. ويقول نائب عن «الإطار التنسيقي»، رفض الكشف عن اسمه، لـ«الأخبار»، إنه «على رغم وجودي في البرلمان منذ ثلاث دورات، إلا أنني لم أرَ هكذا جلسة تحوّلت إلى مزاد لشراء صوت النائب بـ350 ألف دولار مقابل أن يصوّت لمصلحة مرشح معين، وهذا مثير للاشمئزاز والقرف». ويبين أن «الجولة الأولى كانت في بدايتها طبيعية وهادئة، لكن في نهايتها غامضة ومثيرة للاستفهامات»، لافتاً إلى أن «الاعتراض الرئيس هو على المرشح شعلان الكريم كونه بعثياً، وعليه ملاحظات كثيرة منها مشاركته في ساحات الاعتصام قبيل دخول داعش إلى محافظة الأنبار. وهذا ما ولّد رفضاً علنياً له ليس فقط من نواب الشيعة، وإنما حتى من الكرد. ولكن للأسف هناك نواب يمثلون الشيعة صوتوا له». ويشير النائب إلى أن «النائب الأول لرئيس البرلمان، محسن المندلاوي، كان حائراً ما بين ضغط القوى الشيعية من ائتلاف دولة القانون تحديداً، الذين يرفضون الكريم، وهو الفائز في الجولة الأولى بأعلى الأصوات ويحتاج فقط إلى 13 صوتاً لحسم الجولة، وبين القوى السنية. ثم جاءه اتصال من خارج البرلمان وتحديداً من المالكي ليعطل الجلسة أو يرفعها». ويتابع أن «حسم ملف اختيار رئيس البرلمان سيطول كثيراً، ولا سيما بعد الأزمة الأخيرة، وإصرار كل جهة على مرشحها. نحن نرى محمود المشهداني الأقرب ولديه الخبرة الكافية والنضج السياسي والاعتدال لإدارة البيت التشريعي».
ومن جانبه، يرى النائب عن «ائتلاف دولة القانون»، فراس المسلماوي، أن «الجلسة احتوت على محالفات للدستور والقوانين الخاصة بالنظام الداخلي لمجلس النواب. وهناك خلل في التعاطي مع الجولات، ولا سيما أن هناك نواباً لم يكونوا مطلعين على سيرة المرشح لرئاسة مجلس النواب وتاريخه السياسي والطائفي وتمجيده لحزب البعث». ويضيف المسلماوي، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «الخطوات المقبلة عديدة، ومنها تحرّك بعض النواب وتقديم كتاب رسمي لهيئة المساءلة والعدالة لشمول النائب شعلان الكريم بالمساءلة والعدالة. لكن لن نسكت على هذا الأمر، ولا حتى على كونه عضواً في البرلمان. فقد ذهب نواب إلى المحكمة الاتحادية وقدّموا طعناً بعدم صحة عضوية شعلان الكريم كنائب في مجلس النواب، فهو مرفوض تماماً».
في المقابل، يعتبر القيادي في حزب «تقدم»، محمد الغريري، أن «تحريك مقاطع فيديوية قديمة في مواقع التواصل الاجتماعي قبل الجلسة ضد مرشحنا النائب شعلان الكريم، هو استهداف واضح»، لافتاً، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «على ائتلاف دولة القانون إصدار بيان صريح يرفض فيه ترشيح شعلان الكريم، حتى لا ندخل في سجالات ومشكلات أثناء الجلسة». ويتابع أن «مقاطع كهذه موجودة لمرشحين آخرين مثل محمود المشهداني المدعوم من الإطار التنسيقي والمالكي، وهو يمجّد فيها الجهة الفلانية المحظورة، ويقول إنه ليس هناك زعيم بعد الزعيم (صدام حسين)، فهل من يتبنّى الدكتور محمود حاسبه على المقاطع لو الأمر فقط على مرشح تقدم؟». أما الباحث في الشأن السياسي، غالب الدعمي، فيرى أن «ما حدث من فوضى وسجالات داخل البرلمان مخجل ويسيء إلى سمعة الدولة. وهكذا تصرفات تجعل المواطن يبتعد كثيراً ولا يقدّر العمل البرلماني الذي يشرع القوانين ولا يثق به».
المصدر:”الأخبار”