أخبار عربية ودولية

رائحة موت في رفح: أين يذهب الغزيّون بأنفسهم؟

غزة | في الوقت الذي تتصاعد فيه التهديدات الإسرائيلية بتوسيع العملية العسكرية تجاه مدينة رفح، التي تحوّلت إلى أكبر تجمّع للنازحين في قطاع غزة، يعيش أكثر من مليون ومئتي ألف، هناك، ظروفاً معيشية قاسية، يضاعفها القلق الذي يعتري هؤلاء، وسط غياب أيّ خطة لليوم التالي، في حال بدأت العملية البرية في المدينة بالفعل. ويأتي ذلك فيما باتت إمكانية تمدّد العدوان الإسرائيلي إلى رفح، من وجهة نظر المقاومة، غير بعيدة، ولا سيما أن العدو يحاول في المرحلة الحالية زيادة الضغط في كل محاور القتال، لتحقيق مزيد من المرونة في اشتراطات الفصائل على طاولة التفاوض.وخلال الأسبوع الماضي، شرعت الطائرات الحربية في قصف العشرات من المنازل المأهولة، ما تسبّب باستشهاد العشرات من النازحين في رفح، علماً أن الخصوصية التي تحيط المدينة التي لا تتجاوز مساحتها الـ 6 كيلومترات، هي أن كل طرقاتها وشوارعها والمساحات الفارغة فيها، مزدحمة بمئات الآلاف من الخيام، حيث لم يبقِ الأهالي متراً واحداً فارغاً إلا شغلوه، إلى الحد الذي وصل فيه زحف الخيام، إلى الشريط الحدودي الفاصل مع مصر. وهذا الأخير، مساحة رملية جرداء، ساهم مئات الآلاف من النازحين والسكان في مدينة خانيونس، في ملئه تماماً. ويقول مصدر في «إدارة لجنة الطوارئ» في المدينة: «في البداية، فتحنا المساجد والمدارس والمقارّ الحكومية لاستقبال النازحين، بعدما اكتظت مدارس الأونروا بالأهالي. وفي الوقت الحالي، تزدحم منازل السكان الأصليين بالعشرات من العائلات، حيث استقبل الناس معارفهم، ثم نصبوا لهم خياماً على أبواب المنازل. والآن ينام الأهالي في الشوارع وعلى أبواب المحالّ التجارية والأسواق». ويضيف المصدر، في حديثه إلى «الأخبار»: «في حال توجّه العدو إلى اجتياح بري في المدينة، فإن أكثر من مليون نازح لن يجدوا وجهةً يلجأُون إليها»، لافتاً إلى أن «أيّ تقدم بري إسرائيلي يرافقه قصف مدفعي عنيف، وكل قذيفة عشوائية ستسقط في أي مكان في المدينة، ستزهق أرواح العشرات».
على أن الأوضاع الاقتصادية في مدينة رفح ليست أفضل حالاً ممّا عليه الحال حتى في شمال قطاع غزة. ورغم أن «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين» (أونروا) لا تزال تمارس مهامها حتى اليوم، فإن الكتلة البشرية الهائلة، ضاعفت من استهلاك البضائع والسلع كافةً. وفي السياق، يقول نبيل حسين، وهو نازح من شمال غزة، قضى شهرين في مدينة خانيونس، ونزح أخيراً إلى رفح: «الأوضاع في رفح سيئة جداً، اشتريت خيمة لتؤويني وعائلتي من المطر والبرد، بكلفة تعدّت الـ 1500 دولار. ليست هناك أزمة حادة في الطحين، لكن سعر حفاضات الأطفال مثلاً، ارتفع من 20 شيكلاً إلى 200 شيكل، وسعر الخميرة من 5 شواكل إلى 60 شيكلاً. هذه أسعار أكبر من قدرة أغنى الأغنياء». الأسوأ من ذلك، وفقاً للرجل، «هو حالة القلق التي نعيشها: رفح مدينة صغيرة، ومزدحمة بالمساجد التي يسكنها الناس، وفي حال تكرر سلوك الاحتلال في شمال غزة وخانيونس في المدينة، فإن مجازر بالآلاف ستقع».
أما أمّ محمد المصري، فقد عاشت خلال الأسبوع الماضي ما هو أقصى من كل ما سبق من أهوال. تقول في حديثها إلى «الأخبار»: «مرض طفلي، بعدوى غريبة. جُلت في كل المدينة بحثاً عن الدواء الذي وصفه الطبيب فلم أجده. وبعد ثلاثة أيام من البحث، وجدته أخيراً، وقد ارتفع سعره من عشرة شواكل إلى 100. لم أستطع شراءه، فيما أرى أولادي يقاسون أعراض المرض كل يوم».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *