أخبار عربية ودولية

أميركا تفتح باب المفاوضات غير المباشرة: المقاومة عند موقفها وعين العدو على رفح

غزة | القاهرة | بدأ، أمس، فعلياً، أول أيّام المفاوضات الجدّية بين حركة «حماس» والعدو الإسرائيلي، بشكل غير مباشر، بحضور الوسطاء المصريين والقطريين في القاهرة. وبعد وصول وفد من الحركة، برئاسة نائب رئيسها في قطاع غزة، خليل الحيّة، إلى القاهرة، يُتوقّع وصول وفد إسرائيلي معنيّ بالتفاوض إلى العاصمة المصرية، خلال وقت قريب، بعد حسم المستوى السياسي موقف «تل أبيب» من ردّ «حماس» على «اتفاقية الإطار»، التي انبثقت عن اجتماع باريس، والذي كان الإسرائيليون جزءاً منه. وعلى خط مواز، طلب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، من وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، تأجيل طرح الجزائر مشروع قرار وقف إطلاق النار في غزة في «مجلس الأمن الدولي». وبحسب مصادر دبلوماسية عربية، فإن «بلينكن يسعى إلى الوصول إلى وقف إطلاق نار ضمن صفقة، قبل طرح مشروع القرار الجزائري على التصويت، لذلك، هو يطلب مهلة أيام قليلة للتقدّم بالمفاوضات على طريق الوصول إلى اتفاق». وبحسب هذه المصادر، فإن «الأميركيين يتجنّبون تعطيل مشروع قرار جديد يطالب بوقف الحرب، خصوصاً في ظلّ قرار محكمة العدل الدولية الأخير، والذي سيُؤخذ في الاعتبار في أي مناقشة في مجلس الأمن».وبحسب مصادر قيادية في حركة «حماس»، تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن «وفد الحركة الذي يرأسه الحيّة، وصل إلى القاهرة أمس، وهو يحمل موقفاً إيجابياً للتوصّل إلى اتفاق يؤدّي إلى وقف الحرب بشكل كامل، فيما يُتوقّع أن تتكثف المفاوضات بعد وصول الوفد الإسرائيلي الذي يحمل ردّ الكيان». وأبلغ المصريّون وفد الحركة بأنهم في صدد الحصول على ردّ من قبل الحكومة الإسرائيلية، فيما أبلغت «حماس»، المصريين، بأن «حديث أطراف داخل دولة الاحتلال، وخاصة بنيامين نتنياهو، عن ممارسة ضغط عسكري تجاه قطاع غزة لدفع الحركة إلى خفض سقفها والقبول بصفقة تبادل أسرى دون وقف الحرب، لن يتم القبول به». وكان العدو جرّب، خلال الأشهر الأربعة الماضية، الضغط عسكرياً بكل قوة لدفع «حماس» إلى القبول بالإفراج عن الأسرى، «وفشل في تحقيق أي من أهدافه، بل وفشلت قواته العسكرية في استعادة أي أسير على قيد الحياة، والحركة مستعدّة للصمود لأشهر طويلة، وأكثر مما يتخيّل الاحتلال، وهي لن تتنازل عن موقفها الذي تم تقديمه ضمن المسوّدة الأولى للردّ على مقترح اتفاق الإطار»، بحسب المصادر نفسها. وتشير هذه الأخيرة أيضاً إلى أن «المفاوضات قد تستمرّ لعدة أيام وصولاً إلى أسبوعين في القاهرة، قبل بدء تنفيذ الاتفاق بشكل فعلي، وهذا الأمر مرتبط بدرجة أساسية بالردّ الإسرائيلي ووصول وفد العدو»، فيما تؤكد مصادر مصرية أن «مفاوضات مكّوكية غير مباشرة ستنطلق بين وفد حماس ووفد دولة الاحتلال، في حال كان ردّ الحكومة الإسرائيلية المُنتظر، إيجابياً».
وفي الوقت عينه، يُنظر في الكيان إلى تصريحات رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، المرتفعة اللهجة، على أنها جزء من عملية التفاوض. وقال مراسل الشؤون السياسية في صحيفة «هآرتس»، يونتان ليس، أمس، إن «نتنياهو لم يغلق الباب أمام صفقة على الرغم من تصريحاته». وأكّد أن «نتنياهو لم يعلن عن وقف المحادثات، أو أن إسرائيل تتخلّى عن المقترح (…) واكتفى بالقول إن إسرائيل لم تلتزم بذلك»، بينما اعتبرت مصادر سياسية تحدثت إلى الصحيفة نفسها، أن «تصريحات نتنياهو ضدّ الصفقة قد تساهم في تحضير الأرضية لمفاوضات في الأيام والأسابيع القريبة». واعتبر مسؤول إسرائيلي، لم تسمّه «هآرتس»، أن «حماس صاغت ورقة لا يمكن لإسرائيل قبولها، ولكنها قد تحمل مؤشرات إلى أن الحركة مستعدّة لإدارة مفاوضات وربما أيضاً مفاوضات جدية لاحقاً». وبحسب مصدر سياسي آخر، فإن «تصريحات نتنياهو بشأن عمليات الجيش الإسرائيلي المرتقبة في رفح ومخيمات أخرى للاجئين، من شأنها أن تزيد الضغط على الحركة على أمل تليين موقفها». لكنّ المصدر ذاته أشار أيضاً إلى أن هذه «مغامرة خطيرة».
بدورهم، يميل الأميركيون أيضاً إلى الاعتقاد بأن ردّ «حماس» يفتح المجال للتفاوض والوصول إلى نقاط وسطية. وهذا ما عبّر عنه منسّق الاتصالات الاستراتيجية في «البيت الأبيض»، جون كيربي، أمس، عندما قال إن «أجزاء من ردّ حماس كانت إيجابية للغاية، وأخرى نعتقد أنها تحتاج إلى مزيد من العمل»، مضيفاً: «متفائلون بشأن التوصّل إلى اتفاق». أما في قضية رفح، فقال كيربي إن «مليون فلسطيني موجودون في رفح، والجيش الإسرائيلي مسؤول عن حماية المدنيين هناك»، رغم «(أننا) لا نرى أي مؤشرات على اعتزام إسرائيل تنفيذ عملية واسعة النطاق في رفح»، متابعاً أن «أي عملية عسكرية في ظل الظروف الحالية في رفح ستكون بمثابة كارثة على المدنيين هناك».

شهدت المحادثات بين المسؤولين المصريين ونظرائهم الإسرائيليين «سجالات حادّة» حول قضية رفح


وفي السياق نفسه، شهدت المحادثات بين المسؤولين المصريين ونظرائهم الإسرائيليين في القاهرة، «سجالات حادّة» حول قضية رفح، قبل أن يغادر الوفد الإسرائيلي، حاملاً التأكيد المصري على «رفض أي خطوة من شأنها المساس بمدينة رفح، وضرورة وقف الهجمات التي تُنفّذ على المدينة الحدودية»، بحسب مصادر مصرية مطّلعة تحدثت إلى «الأخبار». كما أبلغت القيادة المصرية، الإسرائيليين، بأنها «ستتخذ قراراً فورياً بتعليق العمل باتفاقية السلام في حال تنفيذ المخطط الإسرائيلي باقتحام رفح بشكل منفرد في ظل الوضع الإنساني الحالي». وكان نقل مسؤولون إسرائيليون في لجان الاتصال الأمني بين الكيان ومصر، رغبتهم في «التوصّل إلى موافقة مصرية على بعض التحركات»، وهو أمر «رفضته مصر حتى الآن»، بحسب المعلومات. لكنّ المصادر الفلسطينية، لا تنفي إمكانية أن يتوصّل الجانبان، المصري والإسرائيلي، إلى «تفاهم» حول شكل ومدى العملية العسكرية الإسرائيلية المفترضة في رفح.
إلى ذلك، شهدت المنطقة الحدودية بين قطاع غزة ومصر استنفاراً للجيش المصري، بعد قصف الجيش الإسرائيلي عدة نقاط على طول الشريط الحدودي خلال اليومين الأخيرين، توازياً مع زيادة وتيرة التصريحات الإسرائيلية حول وجود قرار ببدء عملية عسكرية في مدينة رفح. وشوهدت حوّامات مصريّة فوق الشريط، فيما سُجل انتشار قوات تأمين على الأرض لسدّ أي ضرر يصيبه، مع استمرار تعلية السور العازل.
وفي موازاة حراك القاهرة، وصل مساء أمس، إلى الرياض، وزراء خارجية عرب للمشاركة في «اجتماع وزاري تشاوري بشأن غزة».

المصدر:”الأخبار”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *