مجالس الأوقاف | دار الفتوى مصرّة: تعيين لا انتخاب
تُشارف ولاية المجالس الإدارية الوقفية التابعة لدار الفتوى في المناطق على الانتهاء، فيما لا مؤشرات توحي بأن الدار تعدّ لإجراء الانتخابات، إذ إن مفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان قرّر منذ نحو 9 سنوات وقف العمل بصناديق الاقتراع، والاكتفاء بالتعيين وفق القانون الذي يجيز له ذلك والتجديد للمجالس سنة إضافيّة.ذريعة دريان للتعيين كانت غياب التوافق بين الأعضاء المنتخبين عام 2015 بسبب اختلاف انتماءاتهم الحزبيّة، ما أدّى إلى فقدان الإنتاجيّة داخل «المجالس المتنافرة». لكن مُعارضي التعيين يؤكدون أنّ تعيينات المفتي على مدى السنوات السابقة لم تنتج انسجاماً بين الأعضاء يحسّن أداء المجالس، بل «قامت على المحسوبيات إرضاءً للمرجعيات السياسية ولمقرّبين من دريان ومفتي المناطق، وغالباً ما كانت تميل وفق أهواء الطرف السياسي الأقوى». وعليه، لم تُحقّق التعيينات هدفها الأساسي بتنمية الأوقاف، فضلاً عن «شللٍ» ضرب بعض الدوائر لافتقارها إلى رؤساء وموظفين كما في صيدا مثلاً. أضف إلى ذلك أن القانون منح المجالس الوقفية في بيروت والمناطق استقلاليّة ماليّة كاملة وسلطة إداريّة جزئيّة، ما يخوّلها مثلاً تأجير العقارات من دون العودة إلى اللجنة الإداريّة والوقفيّة في «المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى» في حال كانت مدّة الإيجار لا تتجاوز ثلاث سنوات. وبالتالي، فإنّ معظم القرارات التي تتخذها هذه المجالس تمرّ «مرور الكرام» في «المجلس الشرعي» للمصادقة عليها من دون أن يكون له رأي فيها، أو قدرة على مراقبتها، ما يثير شكوكاً غير مؤكدة حول وجود شبهات فساد.
«مخالفات وقفيّة»
ويلفت أعضاء في «المجلس الشرعي» إلى مُخالفات ترتكبها المجالس كإحالة موازناتها أو قطع الحساب الى المجلس بعد سنوات من انتهاء العمل بها. فقبل أشهر مثلاً، صادق المجلس على موازنة عام 2021 العائدة لأحد مجالس الوقف. وباتت «المصادقات المتأخرة» أشبه بعرفٍ في معظم المجالس، باستثناء المجلس الإداري لأوقاف بيروت و«مؤسسات الدكتور محمّد خالد الاجتماعية»، فيما لم يأت التشدّد الذي يُمارسه رئيس اللجنة الوقفيّة، محافظ جبل لبنان القاضي محمّد مكاوي، بنتائج مرجوّة، في ظلّ تمسّك المجالس في المناطق بالقانون الذي منحها استقلالية مالية.
رغم المخالفات وشبهات الفساد وانعدام الرقابة يتفادى المفتي فتح معركة مع المستقبل
رغم ذلك، لم تلق هذه الحجج والمخالفات التي حصلت على مرأى من بعض أعضاء «المجلس الشرعي» السابق آذاناً صاغية في دار الفتوى تقنعها بضرورة إجراء انتخابات المجالس بدل التعيين. فيما الهمس في دار الفتوى يؤكد أن دريان ينوي التجديد للأعضاء المُعيّنين سابقاً مع إمكانيّة تعيين جُدد في بعض المراكز. ويؤكد مقربون من المفتي أنّ «النيّة موجودة» للتجديد، لتفادي فتح جبهة جديدة على غرار ما حصل في انتخابات «الشرعي» قبل أشهر، وخصوصاً مع «تيّار المستقبل» الذي يسيطر على معظم المراكز في هذه المجالس. وقد دفع ذلك ببعض المشايخ، الأسبوع الماضي، إلى إصدار بيانٍ حمل توقيع «علماء السنّة في لبنان» طالبوا فيه دريان بـ«ضخ دم جديد في الأوقاف»، بعدما «سئمنا من نفس الوجوه والمحسوبيات والتبعيات لمفتي المناطق وأعوانهم. فالمجلس المتجانس لم يأت بخير، وكأننا نسير سير السلطة الفاسدة».
لينا فخر الدين