أخبار لبنانية

أميركا تبدأ «تقنين» السلاح | إسرائيل تحت الضغط: الاتفاق… أو الاتفاق؟

هل بدأت الولايات المتحدة تمارس ضغوطاً فعلية على الحكومة الإسرائيلية، لإلزامها بالمضيّ في صفقة التبادل التي ارتضاها الأميركيون، ولو بهامش تعديلات غير جوهرية؟ حتى أيام قليلة مضت، بدا الحديث عن تلك الضغوط أقرب إلى تكهنات وربما أمنيات، إلا أنه مع قبول حركة «حماس» مقترح صفقة التبادل الذي تلقّته من الوسطاء، مصر وقطر والولايات المتحدة بالطبع، يبدو أن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، عازمة على تسليط ضغوط جدّية نسبياً، لدفع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وحلفائه في الكيان، إلى قبول الصفقة التي يراها الأميركيون مدخلاً إلى مرحلة جديدة في إسرائيل، وغزة، والشرق الأوسط، مع ما لها من تأثيرات عالمية، خصوصاً داخل الولايات المتحدة. وفي هذا السياق، وبعد صدور العديد من التسريبات، أعلنت واشنطن تعليق شحنة أسلحة كانت متوجّهة إلى تل أبيب، وهي – بحسب المعلومات – عبارة عن صواريخ دقيقة من الحجم الثقيل، تُستعمل في عمليات التدمير الكبرى، وقد استُعملت في قطاع غزة مرات كثيرة. ووفق التقارير الإعلامية، فإن الشحنة المعلّقة تحوي 1800 قنبلة، تزن الواحدة منها ألفي رطل (907 كيلوغرامات)، و1700 قنبلة تزن الواحدة منها 500 رطل (226 كيلوغراماً). وطبقاً لمسؤول أميركي تحدّث إلى وكالة «رويترز»، فإنه «بينما كان الإسرائيليون على وشك اتخاذ قرار بشأن اجتياح رفح، بدأنا بعناية بمراجعة عمليات الإرسال المقترحة لأسلحة معينة إلى إسرائيل قد تُستخدم في رفح». وتابع المسؤول: «نتيجة لهذه المراجعة أوقفنا شحنة أسلحة الأسبوع الماضي». وبدوره، قال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، في إحاطة أمام «الكونغرس»، أمس، «(إننا) نراجع حالياً بعض شحنات المساعدات الأمنية لإسرائيل في سياق الأحداث الجارية في رفح»، مستدركاً: «لم نتّخذ قراراً نهائياً بشأن كيفية التعامل مع شحنة الأسلحة المعلّقة (…) ولم نصدر أي قرار حتى الآن بعدم إرسال أسلحة إلى إسرائيل». كما كرّر أوستن أن «على إسرائيل ألا تشن عملية عسكرية في رفح، من دون خطة تأخذ في الاعتبار أمن وسلامة المدنيين»، مذكّراً بـ«(أننا) لا نزال نعارض أي عملية عسكرية كبرى في رفح».وفي سياق متصل، نقلت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية، عن مسؤولين أميركيين قولهم إنه «يتوقّع تسليم إدارة بايدن تقريرها هذا الأسبوع بشأن التزام إسرائيل بمذكّرة الأمن القومي». أما الخارجية الأميركية، فقد أشارت، في بيان، إلى «العمل على إنهاء التقرير الذي سيُقدّم إلى الكونغرس حول ما إن كانت إسرائيل انتهكت القانون الدولي». ويُعدّ ذلك بمثابة مستوى آخر من الضغط على إسرائيل؛ إذ في حال أفاد التقرير بأن الأخيرة تخالف مذكّرة الأمن القومي التي وقّعها بايدن، والقانون الدولي، فإن الإدارة سيكون لها «الحقّ» القانوني في وقف صادرات السلاح إلى الكيان.

«حماس» مستعدّة لبحث «المقترح الذي قبلته وليس بحث مقترح جديد»


في المقابل، نقلت قناة «سي إن إن» الأميركية، عن مصدر مطّلع، قوله إن «مسؤولين إسرائيليين أعربوا لمسؤولين أميركيين، عن إحباطهم بشأن توقف شحنات الأسلحة». وقال هؤلاء إن «هذه الخطوة قد تعرّض مفاوضات صفقة الرهائن للخطر»، وطلبوا من واشنطن أن تمارس ضغطاً «على حماس وليس على إسرائيل». كما نقل موقع «واللا»، عن مصدر مطّلع، قوله إن «إسرائيل أعربت للولايات المتحدة عن خيبة أملها لا لتعليق إرسال الذخائر فقط، بل لتسريب الأمر للإعلام». وبدورها، نقلت قناة «إن بي سي» عن مسؤول إسرائيلي إشارته إلى أن «التوتر (بين إسرائيل وأميركا) تصاعد بعد سماح واشنطن بصدمنا من قبول حماس مقترح وقف إطلاق النار».
في غضون ذلك، كان مدير «وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية»، وليام بيرنز (الذي عاد إلى العاصمة المصرية مساء أمس)، يلتقي برئيسَي «الموساد» و«الشاباك»، بعد لقائه نتنياهو في وقت سابق، قادماً من جولة المفاوضات في القاهرة، والتي شاركت فيها وفود كل من «حماس» ودولة الاحتلال وقطر والولايات المتحدة. وبحسب ما نقلت وسائل الإعلام العبرية عن مسؤول إسرائيلي مطّلع على المفاوضات، فإن «إسرائيل لا ترى مؤشرات إلى تقدّم المفاوضات»، في حين أعلن «البيت الأبيض» أن «المحادثات بشأن اتفاق رهائن محتمل في غزة مستمرّة، والفجوة بين الجانبين يمكن جسرها». وفي المقابل، قال المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي في حركة «حماس»، طاهر النونو، في مقابلة تلفزيونية، إن الحركة مستعدّة لبحث «المقترح الذي قبلته وليس بحث مقترح جديد»، مضيفاً: «ندرك أن الموافقة على المقترح المطروح تصبّ في مصلحة الشعب الفلسطيني». ورأى أن «موقف واشنطن منحاز إلى الاحتلال، وعليها أن تضغط على تل أبيب لتقبل بالمقترح المطروح».
من جهتهم، يحرص المسؤولون المصريون، على إحاطة مداولات جلسات التفاوض في القاهرة، خلال اليومين الماضيين، بدرجة عالية من السرّية. لكنّ مصدراً مصرياً مشاركاً في المفاوضات قال، لـ«الأخبار»، إن «النقاش في القاهرة تعقّد، ليس فقط على خلفية رفض إسرائيل الانسحاب في نهاية المرحلة الأولى من الصفقة، ورغبتها في تأخير الانسحاب إلى المراحل اللاحقة، إضافة إلى مسألة الأسرى الأحياء والأموات، ولكن أيضاً لهشاشة الضمانات التي يمكن أن تضمن سير الاتفاق في حال الموافقة الإسرائيلية عليه». وكشف المصدر أن «ثمّة مقترحات مصرية جديدة لحلحلة الأزمة، لكن في مقابل المرونة التي تُبديها المقاومة، نواجه مراوغة وتصعيداً إسرائيلييْن». وإذ يخشى المصريّون فشل المفاوضات وانفلات التصعيد في رفح، مع ما يعنيه ذلك من مخاطر كبرى بالنسبة إلى مصر، فقد عُقدت، في سبيل تجنّب هذا السيناريو، في اليومين الماضيين، اجتماعات ومناقشات بين مسؤولين مصريين وأميركيين لعدة ساعات، طالبت خلالها القاهرة بضرورة ممارسة ضغوط جدّية على تل أبيب.

مقترحٌ بتسليم «رفح» لشركة أميركية خاصة
ما ينقله المسؤولون المصريون من مقترحات وأفكار لإدارة معبر رفح، بعد احتلاله من قبل الجيش الإسرائيلي، يتضمّن إمكانية إدارة المعبر من جانب شركة أميركية خاصة، يتم تكليفها من قبل السلطة الفلسطينية، بناءً على اتفاقية المعابر بين الأخيرة وإسرائيل لعام 2005. وإذ يُفترض أن يتم ذلك تحت إشراف أميركي – أوروبي، فستكون «الشركة الخاصة مسؤولة عن إرسال كشوف أسماء المغادرين والواصلين إلى القطاع إلى السلطات الإسرائيلية»، بحسب مصادر مطّلعة. ويأتي هذا الاقتراح كحلّ وسطي مؤقّت، بحسب المصريين، ولا سيما في ضوء رفض الأخيرين تنسيق الحركة على المعبر مع الجانب الإسرائيلي بشكل مباشر. وفي المقابل، تؤكد المقاومة الفلسطينية أنها ترفض تواجد أي قوة غير فلسطينية هناك، وأنها «ستتعامل معها كقوة احتلال».

الأخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *