مراوحة في رفح: العدو لا يتقدّم… والمقاومة تتربّص
غزة | في اليوم الثالث للعملية البرّية في شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حافظت الدبابات الإسرائيلية على تمركزها في المناطق التي وصلت إليها، ولم تقم حتى وقت متأخر من ليل أمس، بأي محاولة تقدّم في الأحياء العمرانية المأهولة من مثل الشوكة والجنينة والسلام، حيث بقيت الدبابات متمركزة في محيط معبر رفح البرّي و«محور فيلادلفيا» شرق المدينة. في المقابل، تمكّنت «كتائب القسام»، خلال اليومين الماضيين، من استهداف دبابة «ميركافا» كانت تتحرك في المناطق المفتوحة التي وصل إليها التوغّل، فيما واصلت الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة مشاغلة القوات المتوغّلة، إذ أعلنت «سرايا القدس» أن مقاوميها قصفوا بقذائف الهاون من العيار الثقيل جنود العدو وآلياته في محيط منطقة المطار شرق رفح، وأن مقاوميها دكّوا بقذائف الهاون النظامية قواته في منطقة الشوكة، فيما جدّدت «كتائب القسام» قصفها لموقع «كرم أبو سالم» العسكري بمنظومة صواريخ «رجوم» 114 ملم القصيرة المدى.المستوى الحالي من الاشتباك، والذي لا تحتل فيه القذائف والصواريخ القصيرة المدى الصدارة، يُعزى إلى أن حجم التوغّل محدود، علماً أن نوعية السلاح الذي تستخدمه المقاومة في حرب المدن والأزقة، والمتمثّل في القذائف المضادة للدروع من مثل «الياسين 105» والـ«آر بي جي» و«التاندوم»، ذات مديات قصيرة جداً. لذا، فإن بقاء العملية البرّية في عمقها وحجمها الحاليين، يمنع استخدام الجزء الأكبر من سلاح المقاومة وتكتيكاتها. لكن تمركز القوات في مساحة معلومة استخبارياً لمدة طويلة، يسمح بتطوير خطط الهجوم والالتفاف والمباغتة. وبناءً على ذلك، ستحمل تغيّرات الميدان في الساعات المقبلة، الوجهة التي ستمضي فيها هذه الحرب، ما بين تعميق قوات العدو العملية وتوسيعها في رفح، أو القبول بورقة وقف إطلاق النار الحالية.
مستوى الاشتباك الحالي، والذي لا تحتل فيه القذائف القصيرة المدى الصدارة، يُعزى إلى أن التوغّل محدود
وعلى «محور نتساريم» في وسط القطاع، تحوّلت مواقع العدو ونقاطه المستحدثة إلى أهداف تقليدية وسهلة، وأصبح الاستهداف بقذائف الهاون عملاً يومياً. وبدا واضحاً، أمس، أن القصف صار متاحاً لكلّ الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة، ففيما أعلنت «كتائب القسام» أن مقاوميها قصفوا قوة مشاة غرب «محور نتساريم» بقذائف الهاون، قالت «سرايا القدس» إن مقاتليها قصفوا الموقع نفسه بوابل من قذائف الهاون. غير أن اللافت كان دخول الأذرع العسكرية للفصائل الصغيرة على خط العمل في هذا المحور، حيث أعلنت كلٌّ من «كتائب المجاهدين» و«كتائب شهداء الأقصى – لواء العامودي» و«مجموعات الشهيد جهاد جبريل» التابعة لـ«الجبهة الشعبية – القيادة العامة»، أنها تمكّنت من إطلاق رشقات صاروخية ودفعات من قذائف الهاون في اتجاه نقاط العدو المستحدثة في «نتساريم». ويعكس تمكّن تلك الفصائل من نشر مقاطع مصوّرة لعمليات تربيض الصواريخ والقذائف، ثم الرصد والإطلاق، تحكّماً كاملاً بعناصر الميدان وأريحية في كل تفاصيل العمل. وفي مقابل ذلك التركيز، لم يجد جيش العدو مساحة للرد على كل ضربة تتعرّض لها قواته، سوى منازل الأهالي في أحياء الزيتون والتفاح والدرج وشرق مخيم جباليا، حيث طاول قصفه مساء أمس منازل مأهولة وأراضيَ فارغة وركاماً لمنازل كان قصفها في وقت سابق.
يوسف فارس