دريان يُمدّد لمجالس الأوقاف مجدّداً: الانتخاب ممنوع!
للسنة التاسعة على التوالي، يُكرّس مفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان التمديد على الانتخاب في المجالس الإدارية الوقفية التابعة لدار الفتوى في المناطق. فقد عمد دريان أخيراً إلى التمديد للمجالس التي انتهت ولايتها، على أن يقوم بالإجراء نفسه في المناطق الأخرى تباعاً. وإذ يجيز القانون للمفتي التمديد للمجالس لسنة واحدة، يبرّر الأخير لجوءه إلى التمديد باعتبار أنّ الانتخابات تُفرز مجالس غير متجانسة في الأفكار والسياسة، ما يؤدي إلى «تفخيخها» من الدّاخل، وخفض إنتاجيّتها.غير أن هذه «النظريّة» لا تقنع أنصار فتح صناديق الاقتراع، وذلك، ببساطة، لأنّ المجالس الحالية المُمدّد لها غير منتجة هي الأُخرى، وهو ما يُمكن مُلاحظته من تدنّي رواتب المشايخ وموظفي الأوقاف، وغياب المشاريع الاستثماريّة لمعظم العقارات الوقفيّة في بيروت والمناطق، بسبب افتقاد المجالس إلى متخصّصين في مجال إدارة الأعمال والتسويق وعقد الصفقات التي من شأنها تغذية صناديق «الدّار»، إذ فشلت المجالس في معظم المناطق في تسويق عقاراتها التي بقي معظمها من دون استثمار، ولم تُتابع قضائياً التعدّيات على الأوقاف في أكثر من منطقة، ولا أفلحت في إدخال تغييرات على عقود تأجير عقاراتها بمبالغ زهيدة لعشرات السنوات، ولا في تحصيل الديون المستحقة على بعض المرجعيات السياسية ورجال الأعمال الذين استأجروا هذه العقارات سابقاً ثم أخلوها من دون تسديد البدلات!
كل هذا لم يقنع المفتي بأهمية الانتخاب، كما لم تقنعه اعتراضات بعض الأعضاء خلال جلسة «المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى» الأخيرة ومطالباتهم بالذهاب نحو خيار الانتخاب بدلاً من التمديد لإدخال دم جديد إلى المجالس من حملة الشهادات وأصحاب الخبرة في تنمية الأوقاف واستثمارها، بل إن دريان، «فجّر» مفاجأته بأنّه في صدد التمديد لمدير عام الأوقاف الإسلاميّة الشيخ محمّد أنيس الأروادي الذي، للمفارقة، يحمل شهادة في الطب العام بعيداً عن مجال الأعمال والإدارة، إضافة إلى تجاوزه سن الـ70 عاماً. وبرّر المفتي قراره بالتمديد للأروادي باعتباره «الأكفأ»، وأن «عهده هو الأنجح على الإطلاق». ورداً على اعتراضات أعضاء المجلس الشرعي على التمديد للأروادي، في الجلسة التي كانت صاخبة، كان ردّ دريان «شديد اللهجة»، مؤكداً أنّ «قرار التمديد من عدمه يعود لي فقط، ولا أحد يستطيع أن يفرض عليّ متى أُمدّد ولمن أمدّد أو لا أمدّد، فهذه هي صلاحياتي».
يبرّر المفتي التمديد لمجالس غير منتجة بالخشية من انتخاب مجالس… غير منتجة!
ويتهم بعض أعضاء المجلس الشرعي المفتي بأنه يتصرّف كـ«إمبراطور دار الفتوى»، لافتين إلى أنّ غياب المرجعيّات السياسيّة أدّى إلى تعاظم دور المفتي سياسياً ودينياً، في ظل إيحاء تيّار «المستقبل» بأنّه غير معنيّ بالكثير من المعارك التي يخوضها دريان، وعلى رأسها التمديد للأروادي والمجالس الوقفيّة.
وقد أدّى شيوع خبر التمديد لمدير عام الأوقاف إلى امتعاض العديد من المشايخ وموظفي الأوقاف الذين ينادونه بـ«الجنرال» بسبب «تعامله بفوقيّة».
وفي سياق متصل، ساد الاستياء بين مشايخ دار الفتوى في الجنوب بعد استبعاد ممثّل بلدة الضهيرة عن المجلس الوقفي لمدينة صور واستبداله بعضو من بلدة أخرى، مشيرين إلى أن تغييب الضهيرة التي نالت النصيب الأكبر من الاعتداءات الإسرائيليّة إضافة إلى وجود أكبر عدد من المساجد فيها، يوحي بـ«ظلمٍ مقصود بحق البلدة».
لينا فخر الدين