أخبار عربية ودولية

في انتظار الردّ المحتوم… جبهات نتنياهو الداخلية لا تسكن

تقدّر المنظومة الأمنية الإسرائيلية أن إيران و«حزب الله» وأطرافاً أخرى في محور المقاومة الذي تقوده الأولى، «لن يتراجعوا عن تنفيذ التهديدات بالثأر، الذي من المتوقع أن يكون في المستقبل القريب»، وفق المحلل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل. ويوضح هرئيل أنه على الرغم من أنّ «ما من تغيير في التقدير الاستخباري الأساسي الذي يشير إلى أن الإيرانيين وحزب الله ليسوا راغبين، حالياً، في حرب شاملة في الشرق الأوسط، ثمّة تخوّف من أن يؤدي تبادُل الضربات بين الأطراف إلى موجة من التصعيد قد يصعب إيقافها»، فيما تقدّر مصادر أمنية أن الهجوم «سيتركز على المواقع العسكرية والأمنية في شمال إسرائيل ووسطها».ويستبعد هرئيل أن يتراجع الأمين العام لـ«حزب الله»، السيد حسن نصر الله، عما توعّد به أخيراً، ومن ضمنه مهاجمة تل أبيب إذا ما هاجمت الأخيرة بيروت. ومع ذلك، بحسب المحلّل، «قد يتوخّى حزب الله الحذر بشأن مهاجمة منشآت بنية تحتية استراتيجية في إسرائيل، على غرار منصات الغاز في البحر الأبيض المتوسط، لأن البنية التحتية للطاقة اللبنانية مكشوفة جداً، وحزب الله يعرف أن إسرائيل قادرة على تعطيل شبكة الكهرباء في لبنان لفترة طويلة، عبر ضربات جوية بسيطة نسبياً».
وعلى رغم أن «حزب الله» تجنّب الانضمام إلى الهجوم السابق الذي شنّته إيران في 13 – 14 نيسان/ أبريل الماضي، لكن هذه المرة، هناك تهديدات من الحزب نفسه، إلى جانب تهديدات من حركة «أنصار الله» في اليمن، بالمشاركة في الهجوم، ما يعني، وفقاً لهرئيل، أن «إسرائيل ستُهاجم من جميع الاتجاهات، على الأرجح، وأن جزءاً من النيران سيأتي من لبنان – وهو ساحة قريبة نسبياً، ودولة تحتوي على كمية كبيرة من الصواريخ بعضها دقيق، فضلاً عن الطائرات المسيّرة». ولذلك، «من المتوقع أن تواجه منظومة الدفاع الجوي والطائرات الاعتراضية تحدّياً أصعب مما حدث في هجوم إيران السابق». وبمعزل عن التهديدات الحازمة التي يطلقها المسؤولون الإسرائيليون، «بات من الواضح أن طبيعة الرد الإسرائيلي ستعتمد أيضاً على نجاح الهجوم الإيراني؛ إذ سيكون لحجم الدمار والخسائر البشرية تأثير في صدور القرار الإسرائيلي بشأن طبيعة الرّد»، وفقاً للمحلل نفسه.
كذلك، يتطرّق هرئيل إلى إحباط الرئيس الأميركي، جو بايدن، من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على الرغم من أن الولايات المتحدّة تتجنّد للمرة الثالثة للدفاع عن إسرائيل منذ اندلاع الحرب في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، عازياً ذلك الإحباط إلى الشروط التي ما فتئ نتنياهو يضعها على مقترح الصفقة، ما يصعّب الأمر على «حماس». فبحسبه «يدّعي رئيس الوزراء نفسه أنه يريد التقدم في الصفقة، لكنه يضع شروطاً أصعب على حماس، تركّز على الحفاظ على التموضع الإسرائيلي في محورَي نتساريم وفيلادلفي، بعكس مواقف كبار قادة المنظومة الأمنية، الذين يعتقدون أن إسرائيل يجب أن تتنازل عن هذه المطالب لإتمام الصفقة وإنقاذ حياة الرهائن الذين ما زالوا أحياء».

هرئيل: من المتوقع أن تواجه منظومة الدفاع الجوي «تحدّياً أصعب» ممّا حدث في هجوم إيران السابق


وكما يرى، فإنه كلما طالت الحرب، «يتضح أن هناك مسارين متوازيين: أولهما يتمثل في المواجهة العسكرية مع حماس، والتي امتدت أيضاً لتشمل حزب الله والحوثيين، وإيران بصورة أكبر. أمّا المستوى الثاني، فهو الصراع من أجل البقاء الشخصي لنتنياهو، ومحاولته إبطاء وإحباط الإجراءات القضائية المتعلقة بمحاكمته». وبحسب هرئيل، فإنّ «حاجة نتنياهو إلى البقاء في السلطة تدفعه الآن إلى مواجهات صعبة مع المنظومة الأمنية ومع الإدارة الأميركية، اللتين تختلفان معه بشأن طريقة العمل التي اتّخذها، وتعتقدان أنه يعطّل، عن سبق إصرار وترصّد، التوصل إلى صفقة بشأن المختطفين».
من جهته، وفي إطار قراءته لتفاعلات «طنجرة الضغط» الإسرائيلية، يرى الباحث ووزير الشتات الإسرائيلي سابقاً، نحمان شاي، أن على نتنياهو أن يتذكر أمراً واحداً من علاقته ببايدن وهي كلمة «Don’t»، وهذه المرة ليس في سياق العلاقات الأميركية – الإسرائيلية، وإنما في سياق الشؤون الداخلية؛ إذ «سيكون من الأفضل أن يتعلم نتنياهو أمراً آخر مطروحاً على طاولته: متى سيقيل وزير الأمن، يوآف غالانت، وكيف. إذاً، سيكون من الجيد أن نقول له «Don’t»، ومن الأفضل له أن يستمع إلى الأصوات المتصاعدة من الشعب: «Don’t, Bibi don’t»».
والسبب وراء ما تقدّم، وفقاً لمقالة شاي في صحيفة «معاريف»، هو أن لنتنياهو «باعاً طويلاً من العلاقات المضطربة مع وزراء الأمن الإسرائيليين، فهو عادةً ما يمنح المنصب ويأخذ الصلاحيات والنفوذ والقوة، ويترك لهم الإخفاقات»، وذلك عبر تاريخ طويل يمتد من يتسحاق مردخاي، مروراً بموشيه يعالون، ثم إيهود باراك، وأفيغدور ليبرمان، وصولاً إلى غالانت. هؤلاء جميعاً «كانت علاقته معهم مضطربة ومهتزّة، وقد نجح في التخلص منهم واحداً تلو الآخر، ولكن ليس من اللحظة الأولى (التي تسلّموا فيها مناصبهم)، وإنما بالتدريج.. والآن حان دور غالانت». وعلى الرغم من التوتر المتصاعد، وانتظار إسرائيل الرّد من طهران وبيروت، وحساسيّة الوضع، يسعى نتنياهو إلى إقالة غالانت، والسبب أنه «من الصعب عليه أن يدير علاقة مع وزراء أمن أقوياء ومسيطرين. لكن ما العمل، ووزير الأمن هو الأقوى في الحكومة وله علاقة بكل جوانب حياتنا، اقتصادياً واجتماعياً وخارجياً، وقبل أي شيء أمنياً، فمن دونه لا وجود لإسرائيل؟». ويتابع شاي هازئاً: «لكن نتنياهو «سيد الأمن»، بفضله صمدت إسرائيل، ولذلك هل من داعٍ لوزراء آخرين؟».
وبحسب شاي، فإن «غالانت هو مجرد خُرقة صفراء، بالنسبة إلى نتنياهو، أو حمراء. إنه مستقل، يتألّق بالقوة والتصميم، ويعرف أن مستقبله السياسي هو خارج الليكود. ولذلك، ليس لديه ما يخسره، وهو يتصرف بثقة، ويعبّر عن رأيه ومواقفه علناً. ماذا يريد منه نتنياهو؟ أن يسير خلفه، ويقوم بما يريده. إنه مخطئ». ويشير إلى أن «غالانت والقيادة الأمنية في إسرائيل توصلوا إلى استنتاج مفاده بأن نتنياهو مخطئ؛ حيث إن حساباته ليست موضوعية، ومصلحته الشخصية، وليست مصلحة الدولة، هي التي تعنيه». كما أنه منذ اندلاع الحرب، «يتمسك غالانت بإبداء رأيه بصورة مستقلة، ويكشف أيضاً مواقف نتنياهو علناً، وينتقدها. هل هذا صحيّ؟ لا. وهل هذا ممكن؟ نعم، لأنه لمصلحة الدولة. ومصلحة الدولة ومواطنيها تسبق أيّ شيء آخر، وبصورة خاصة في هذا التوقيت».
مع ذلك، «يبدو أن نتنياهو توقّع أن يستقيل غالانت، وكان هذا سيريحه، وسيقول ها هو مسؤول من المستوى السياسي استقال وتحمّل المسؤولية، وتنتهي القصة عند هذا الحد». لكن غالانت لن يستقيل بإرادته، ولا يبدو أنه ينوي القيام بذلك. والمحاولة الأولى لإقالته أدّت إلى احتجاجات جماهيرية كبيرة جداً، ولذا، «على نتنياهو أن يخاف (من إقالة غالانت)، فهذه الأيام ليست أياماً عادية، وأعصاب الجمهور مشدودة للغاية». وبناءً على ما تقدّم، ولاحتمالية أن تؤدي إقالة نتنياهو لغالانت، وحتّى للمستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، إلى احتجاجات عارمة، يرى شاي أن «على المستشارين، رسميين وغير رسميين، منع نتنياهو من فعل ذلك الآن. لأن على المستشارين الحفاظ على المسؤول عنهم، ومنعه من ارتكاب أخطاء، والتأكد من أنه لا يقوم باستفزازات، ولا يتعلق بأوهام، لأنه لا يستطيع تحقيقها… عليهم أن يقولوا له كلمة واحدة: Don’t».

بيروت حمود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *