أخبار عربية ودولية

موسكو تزخّم مسار التطبيع | أنقرة – دمشق: «شروحات» متبادلة

في تأكيد روسي جديد على إصرار موسكو على المضيّ قدماً في وساطتها لفتح الأبواب المغلقة بين دمشق وأنقرة، زار وفد روسي تقني، برئاسة المبعوث الخاص للرئيس الروسي في سوريا، ألكسندر لافرنتييف، العاصمة التركية، حيث أجرى لقاءً مع مسؤولين أتراك، على رأسهم نائب وزير الخارجية، نوح يلماز. ولم يخرج اللقاء بأيّ بيان مشترك يوضح تفاصيل ما تمّت مناقشته، باستثناء بيان مقتضب تركي ذكر أن «ممثلين عن المؤسسات المعنية بالشأن السوري» حضروا لقاءً جرى فيه «تبادل وجهات النظر». ويجيء اللقاء بعد أيام من تأكيد وزير الخارجية التركي، حاقان فيدان، استمرار بلاده في مسار التطبيع مع دمشق، وإعلانه أنه خلال تواصله مع الحكومة السورية «لمس انفتاحاً سورياً»، وأن «أنقرة لم تُبلّغ بأيّ شروط مسبقة حتى الآن». ونفى فيدان، في الوقت ذاته، ما تردده وسائل الإعلام التركية، التي تخرج كل يوم بتقرير جديد يحدد موعداً لإجراء لقاء بين الرئيس السوري بشار الأسد، ونظيره التركي رجب طيب إردوغان، موضحاً أن «هناك فقط إعلاناً عن وجود إرادة للقاء»، على حدّ تعبيره.الوزير التركي، الذي كان يرأس الاستخبارات التركية وتولّى مهمة التواصل مع الحكومة السورية خلال مفاوضات سابقة بوساطة روسية وإيرانية، استفاض، في تصريحاته التي نشرتها صحيفة «صباح» التركية، في شرح الموقف الحالي بين البلدين، في ظل الملفات العديدة الشائكة والمتداخلة، والتي يتطلب التوافق عليها جولات عديدة من الحوار. وتتضمّن تلك الملفات مسألة اللاجئين السوريين الذين ترغب تركيا في التخلص من عبئهم، وقضية «الإدارة الذاتية» الكردية التي يقودها حزب «الاتحاد الديموقراطي» الذي تعدّه تركيا امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف على لوائح الإرهاب التركية، وإصرار دمشق على انسحاب الجيش التركي من الأراضي السورية والقضاء على الفصائل «الإرهابية»، بما فيها الفصائل المتشددة المنتشرة شمال غرب البلاد. وقال فيدان، مخاطباً دمشق، في ما يشبه الردّ على التصريحات الأخيرة للرئيس الأسد الذي رأى أن عودة العلاقات بين البلدين تتطلب العودة إلى الأوضاع ما قبل عام 2011: «خذوا لاجئيكم، ودمّروا الإرهابيين في أرضكم، وأنا سأسحب جنودي. دعني أرى المؤشرات بأنك ستنشئ هيكلاً إدارياً لن يرسل لي لاجئين مرة أخرى ولن يشكل تهديداً أمنياً. عندما يتمّ طرح الشروط، لديّ المزيد من الشروط»، مستدركاً بأن سحب القوات التركية «يتطلب إجراء مفاوضات» لتحقيقه.

بالنسبة إلى المعارضة، فإنّ أيّ رسالة موجّهة من تركيا يجري التعامل معها على أنّها أمر يجب تنفيذه


من جهتها، نقلت صحيفة «الوطن» السورية عن مصادر إعلامية لم تسمّها، حول زيارة لافرنتييف إلى أنقرة، أن الأخير بحث مع الوفد التركي ملف إعادة إطلاق مسار «اللجنة الدستورية» المجمد، منذ أن رفضت دمشق وموسكو الاستمرار في عقد اللقاءات في جنيف السويسرية، على خلفيّة تخلّي الأخيرة عن حياديّتها وانضمامها إلى العواصم التي فرضت عقوبات على روسيا. والجدير ذكره، هنا، أنه بعد محاولات عديدة لاختيار مكان جديد لعقد اللقاءات، التي أجهض معظمها بسبب تعنّت المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، وإصراره على استكمال اللقاءات في جنيف وفقاً للرغبة الأميركية، يجري العمل في الوقت الحالي على تحقيق توافق على استضافة بغداد لها، باعتبار العراق بات يلعب دوراً بارزاً في الوساطة السورية – التركية، ويستعد لاستضافة وفود من البلدين لإطلاق الحوار.
وفي وقت ذكرت فيه الصحيفة السورية أن «مبعوث الرئيس الروسي أجرى لقاء مع وفد من المعارضة السورية المقيمة في تركيا، حيث سعى خلال هذا اللقاء إلى حث المعارضة السورية على التوجه صوب بغداد»، نفى كل من «الائتلاف» و«هيئة التفاوض» المعارضين، واللذين ينشطان من إسطنبول، هذه الأنباء، وأكدا، في بيانين منفصلين، أنهما لم يجريا لقاءً مع لافرنتييف. وفي السياق، يوضح مصدر سوري معارض، في حديثه إلى «الأخبار»، أنه «بالنسبة إلى المعارضة، فإنّ أيّ رسالة موجّهة من تركيا يجري التعامل معها على أنها أمر يجب تنفيذه، لذلك لا حاجة إلى إجراء لقاء مع المعارضة السورية»، لافتاً إلى أن اللقاء حضره «مسؤولون أتراك أمنيون يعملون في الملف السوري، ويبدو أن المسؤول الروسي حمّلهم رسالة إلى هيئة التفاوض بضرورة الانخراط في مسار الدستورية». ويضيف المصدر أن «لقاءات عديدة أجرتها وفود من المعارضة السورية مع مسؤولين روس خلال السنوات الماضية، بينها المشاركة في مؤتمر الحوار في سوتشي عام 2018، والذي شهد مشاركة كبيرة من المعارضة السورية التي سافرت بناءً على أوامر تركية»، مستغرباً، في هذا السياق، نفي «الائتلاف» و«هيئة التفاوض» إجراء لقاء مع المبعوث الروسي، وكأن اللقاء خروج عن نهج هيئات المعارضة السورية التي سارت منذ نشأتها عام 2011 على الطرق التي رسمتها الدول التي تدعمها، وعلى رأسها تركيا.

علاء حلبي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *