تفاصيل مثيرة عن غريم ترامب: هل يكون العنف السياسي «مفاجأة أكتوبر»؟
لم تضيِّع حملة المرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، الكثير من الوقت للمطالبة بالمزيد من التبرعات، على ضوء ما قال «مكتب التحقيقات الفيدرالية» إنها محاولة اغتيال ثانية يتعرّض لها ترامب في أقل من شهرين، جعلت من «العنف السياسي» إحدى أبرز سمات السباق الرئاسي لهذا العام. وفي أعقاب الحادثة، انقسمت الآراء حول ما إذا كانت محاولة الاغتيال المزعومة ستؤثر فعلياً على نتائج استطلاعات الرأي، وتقلب، بالتالي، نتائج الانتخابات التي ستدور بعد أقل من خمسين يوماً. وأشار تقرير نُشر على موقع «ذا كونفرسيشن» الأسترالي، إلى مُصطلح انتخابي في السياسة الأميركية، يُعرف بـ«مفاجأة أكتوبر»، ويصف حدثاً يغيّر قواعد اللعبة، عبر إلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بأحد المرشحين من جهة، وتعزيز فرص منافسه من جهة أخرى، ما يؤدي إلى قلب النتائج الرئاسية. ويعتبر الموقع أنّه بالنظر إلى الموسم الانتخابي الحالي، فإنّ العنف السياسي قد يكون بمثابة «مفاجأة أكتوبر» لهذا العام، ويؤثر، فعلياً، على نتائج الانتخابات. ويُذكّر التقرير كيف أنّ ترامب عمد إلى تسييس محاولة الاغتيال الأولى التي تعرّض لها خلال «المؤتمر الوطني» للحزب الجمهوري، فيما روّج بعض حلفائه، بمن فيهم المرشح لمنصب نائب الرئيس، جي دي فانس، لكون «رسائل الديموقراطيين» المليئة بالكراهية هي السبب خلف تلك المحاولة. وبالفعل، يبدو أنّ ترامب وفريقه اتّبعا الاستراتيجية نفسها بعد محاولة الاغتيال الأخيرة، إذ حمّل ترامب، الإثنين، «خطاب» منافسته كامالا هاريس والرئيس جو بايدن، والذي اتهما فيه ترامب بأنه يشكل «تهديداً للديموقراطية»، مسؤولية الحادثة، علماً أنّ كلاً من بايدن وهاريس ندّدا بما جرى. على أن بعض المراقبين رأوا أن محاولة الاغتيال لن يكون لها أي تأثير يُذكر على نتائج الانتخابات، معتبرين أن على ترامب أن يضع نصب عينيه المحاولة الأولى وتداعياتها. ويعبّر تقرير أوردته مجلة «ذا تايم» الأميركية عن الرأي المشار إليه بوضوح، لافتاً إلى أنّ الصورة الحالية تبدو مختلفة تماماً عن تلك التي ظهر فيها المرشح الجمهوري في منتصف شهر تموز، عندما خرج رافعاً قبضته وملطخاً بالدماء من «مسرح بنسلفانيا». وحتى في ذلك الوقت، عندما افترض العديد من المراقبين من كلا الجانبين أن إطلاق النار قد «حسم الانتخابات»، بعدما تحوّل ترامب إلى «شهيد حيّ»، فإنّ استطلاعات الرأي تغيّرت بـ«شكل طفيف»، علماً أنّ بايدن كان لا يزال هو منافسه، وكانت محاولات إقناعه بالتنحي عن السباق آنذاك، جارية على قدم وساق. وتتابع المجلة أنّ الرؤساء الأميركيين السابقين الذين تعرضوا لمحاولة اغتيال شهدوا زيادة «مؤقتة» في تأييد الناخبين، من دون أن يستمر الحال طويلاً.
«مهووس» أوكرانيا
وهذه المرة، لفتت شخصية منفذ محاولة الاغتيال الأنظار، نظراً إلى «انغماسه» الكبير في الشأن السياسي، وحياته المليئة بالمحطات الاستثنائية. إذ كان المتهم الذي تم اعتقاله، رايان روث، يدعو باستمرار إلى تعزيز قدرات تايوان الدفاعية في مواجهة الصين، وحاول الانضمام فعلياً إلى الجهود الحربية «دفاعاً عن أوكرانيا». وفي السياق، أوردت صحيفة «وول ستريت جورنال» تقريراً جاء فيه أن روث كان قد شجع، في كتاب نشره بنفسه، على اغتيال ترامب بسبب قرار الأخير الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران. ويصف الكتاب الذي نُشر عام 2023، وهو بمثابة يوميات لروث، محاولات الأخير للانضمام إلى معركة أوكرانيا ضد روسيا، وآرائه السياسية، بما في ذلك خيبة أمله من ترامب، بالإضافة إلى معارضته خروج الولايات المتحدة من أفغانستان عام 2021، وقرارات السياسة الخارجية الأخرى، والتي وصفها بـ«الأخطاء الفادحة».
وفي نيسان 2022، وصل روث إلى كييف، في وقت كانت فيه المدينة مهجورة إلى حد كبير، وسعى إلى إقامة علاقات مع الغربيين الآخرين الذين جاؤوا لتقديم المساعدة. وفي تغريدة عبر «تويتر» آنذاك، نشرها على الحساب الرسمي للرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، لفت روث إلى أنّه «موجود في كييف ويخطط لإقامة مدينة من الخيام في العاصمة، لجذب المقاتلين الأجانب»، مشيراً إلى أنّه «يمكننا جمع الدعم والكثير من المعدات». وطبقاً لشخصين تعرّفا على روث هناك، فقد تم رفض طلبه بالانضمام إلى الخدمة العسكرية، ما دفعه إلى تسخير جهوده لتجنيد أفراد للانضمام إلى «الفيلق الدولي» للدفاع عن أوكرانيا. وفي وقت لاحق، دار خلاف بين روث والفيلق المشار إليه، وسط اتهامات للرجل بأنّه «يدّعي» الانتماء إلى الجماعة. وتتابع المصادر أنّه بعد إحباطه من عدم قدرته على اختراق الدوائر العسكرية في أوكرانيا، وجّه روث جهوده لتعزيز إنتاج الأسلحة ووارداتها، محاولاً عقد صفقات لإنتاج الطائرات المسيّرة في أوكرانيا، وقام برحلات إلى الدول المجاورة لهذا الهدف.
كما حاول روث حشد دعم شبيه لتايوان، فيما تدور الشكوك أيضاً حول «فعالية» مساعيه تلك. وأوردت شبكة «سي إن إن» الأميركية تقريراً جاء فيه أن المشتبه فيه دعا باستمرار إلى تعزيز دفاعات تايوان ضد الصين. وعلى خطى «فيلق أوكرانيا»، يُصنّف روث، على أحد المواقع الإلكترونية – المسمّى «فيلق الأجانب» للدفاع عن تايوان – على أنّه مُنسق «مركز المتطوعين الدوليين»، وهي جماعة تزعم أنها «تجنّد عسكريين ومدنيين سابقين من جميع أنحاء العالم»، ممّن هم مستعدون للدفاع عن تايوان في حال اندلاع حرب مع الصين. على أنّه بعدما تواصلت «سي إن إن» مع أكثر من عشرة أشخاص مدرجين على الموقع على أنهم «مؤيدون» للجماعة، قال هؤلاء إنهم «لم يسمعوا عن المجموعة أو أنشطتها»، وحتى لم يسمعوا عن روث من قبل، زاعمين أنّهم «لا يعرفون كيف تمت مشاركة أسمائهم ومعلومات الاتصال الخاصة بهم على الموقع الإلكتروني المؤيد لتايوان».
إلى ذلك، لدى روث سجلّ حافل بالجرائم، إذ تظهر السجلات الرسمية أنه متورط في العديد من الدعاوى القضائية منذ التسعينيات، وأدين بالسرقة عام 1997، ولديه قائمة طويلة من مخالفات المرور. وفي عام 2002، أدين بحيازة «سلاح دمار شامل»، إذ ذكرت الصحافة المحلية آنذاك، أنه تم القبض عليه وبحوزته سلاح آلي، بعد اشتباك مع الشرطة. أيضاً، أكدت السلطات المحلية والفيدرالية في تحقيقاتها أن روث تأخر مرات عدة في دفع الضرائب المترتبة عليه. كما حُكم عليه، عام 2008، بدفع عشرات آلاف الدولارات بسبب دعاوى قضائية مختلفة ضده.
ريم هاني