«القسّام» تثأر لدماء السيّد: عام الحرب لم يكسر غزّة
غزّة | وجّه الكمين الذي وزع الإعلام العسكري التابع لـ«كتائب القسام» مشاهده، مساء أمس، رسائل تتجاوز الجانب المعنوي والأخلاقي المتمثل في تنفيذ انتقام لروح الأمين العام لـ«حزب الله»، السيّد الشهيد حسن نصر الله، وأرواح شهداء لبنان، إذ إن تنفيذ عملية مركّبة بعد قرابة عامٍ كامل من الضغط العسكري المركّز من معظم فرق الجيش الإسرائيلي، بكل تلك الروحية والجرأة والزخم، وفي منطقة جغرافية منبسطة وسهلة التضاريس، يقدم إشارات إلى ما يمكن أن تكون عليه حال المقاومة الإسلامية في لبنان، والتي تمتلك خبرة وتضاريس وإمكانات ميدانية تتجاوز ما تمتلكه المقاومة المحاصرة في القطاع بعشرات المرات.ويبدأ المقطع الذي نشرته «القسّام» باستعراض لعمليات مسح ورصد جوي لمسرح الكمين شرق منطقة الفخاري في مدينة خانيونس، ما يعني أن المقاومة لا تزال تمتلك، حتى اليوم، الإمكانات والقدرة العملانية التي تؤهلها للتخطيط لهجمات مدروسة ومخطط لها بعناية وفي منطقة لا تبعد عن الشريط الحدودي مسافة تتجاوز الكيلومتر الواحد. وترصد كاميرات المقاومين آليات العدوّ ودباباته وهي في حالة كمون وتخفٍّ، فيما تنقسم مراحل تنفيذ الكمين إلى ثلاث؛ الأولى استهداف حفار «قادوح» هندسي ودبابة «ميركافا» وجرافة «دي ناين». أما المرحلة الثانية، فتم خلالها استهداف دبابة «ميركافا 4» وناقلتَي جنود، وجرافتَين من نوع «دي ناين»، ثم تفجير حقل ألغام معدّ سلفاً في قوة هندسية، فيما تمكن المقاومون، في المرحلة الثالثة، من استهداف دبابة «ميركافا 4» وجرافتين «دي ناين». وبالمحصلة، استهدف المقاومون، خلال هذه العملية، 11 آلية عسكرية وقوة هندسية راجلة، في حيّز جغرافي كان من المفترض أن يكون «آمناً»، ولا سيما بعد تعرّضه طوال قرابة عام كامل للمئات من الغارات وعشرات عمليات التوغل والتمشيط.
وبحسب المقطع، تتمكّن زمرة قتالية في ذلك المكان الحدودي – وبرغم الرقابة من الطائرات المسيّرة ومناطيد الرصد وطائرات «الكواد كابتر» -، من تنفيذ عملية تستهدف كامل القوة المتوغلة، بوسائط حربية هي قذائف «الياسين 105» التي يظن العدوّ أن مخزونها نضب تماماً من حوزة المقاومة، ما يعني أن عمليات التصنيع متواصلة خلال الحرب. كذلك، يتسلل المقاومون إلى نقطة متقدمة ويقومون بزرع حقل من العبوات الناسفة، ينفجر بطواقم الهندسة في حيّز جرى تأمينه مسبقاً.
تؤكد المقاومة من خلال رسائل التضامن الميدانية المتتالية عرفانها وامتنانها لـ«حزب الله» والشعب اللبناني
وقبل استعراض مشاهد التنفيذ، يوجّه ضابط العملية رسالة المقاومة في القطاع إلى «شركاء الدم والمصير في المقاومة الإسلامية في لبنان»، قائلاً: «اليوم، ومن هذا المكان الطيّب المبارك، نثأر لكل شهدائنا الأبرار، ولكي يعلم العالم كله أن غزة ومجاهديها الأبطال لا ينسون من وقف إلى جانبهم وعلى رأسهم الشهيد السيد حسن نصر الله، الذي استشهد واغتيل على يد الغدر». وأضاف: «اليوم نثأر إلى جانب المجاهدين في المقاومة اللبنانية الشقيقة لدماء السيّد حسن نصر الله ودماء كل شهداء لبنان وشهداء فلسطين، ونحن إخوة الدم والسلاح». من جهتها، كانت «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، قد بثّت عدداً من المهمات القتالية، مرفقة بصورة الشهيد نصر الله إلى جانب الأسلحة والمدافع وراجمات الصواريخ.
ويمكن القول إن ما تريد المقاومة إيصاله من مشاهدها المصوّرة، أن جيش الاحتلال لم يستطع تحقيق الانتصار الناجز على المقاومين في غزة برغم صعوبة الظروف وتعقيدها وضراوة الغارات والمعارك وتركيزها على حيّز جغرافي لا تتجاوز مساحته الـ 365 كيلومتراً مربعاً، وسط جغرافيا منبسطة لا تعطي للمقاومين أيّ فرصة للمناورة. في المقابل، تستطيع المقاومة التأقلم مع وسائل الرقابة المتطورة، وهي تتمكن منذ عام من تنفيذ مهام قتالية مدروسة ومخطط لها بعناية شديدة، مؤكدة أنها تستطيع مواصلة حرب الاستنزاف وحرمان جيش الاحتلال من أيّ فرصة للكمون والتقاط أنفاسه في منطقة يحاول إيهام مجتمعه بأنه أنهى القتال فيها. أيضاً، تؤكد المقاومة من خلال رسائل التضامن الميدانية المتتالية عرفانها وامتنانها لـ«حزب الله» والشعب اللبناني، الذي سجّل موقفاً لا يمكن أن يقفز عنه التاريخ.