مزاعم «إنجازات» أمنية بالجملة: إسرائيل تمهّد لتوسيع عدوانها
رام الله | انهالت، خلال الأيام الماضية، البيانات من جهاز «الشاباك» وشرطة الاحتلال، في شأن الكشف عن خلايا من المستوطنين، نجحت الاستخبارات الإيرانية في تجنيدها لتنفيذ عمليات داخل إسرائيل، بما في ذلك اغتيال شخصيات وعلماء. وتفرض سلطات العدو، عادةً، رقابة محكمة على المعلومات العسكرية والأمنية، إذ لا تسمح بنشر ما لا تريد تسريبه إلى الجمهور، وهو ما تجلّى خصوصاً خلال حربَي غزة ولبنان، وتحديداً لجهة حجم الخسائر العسكرية من جنود وآليات ومواقع. ولذا، فإن ما يُنشر من معلومات عن تلك الخلايا، يبقى في دائرة الاستفهام، ولا سيما لناحية التوقيت، حيث يأتي في ظلّ استعداد إسرائيل للردّ على الهجوم الإيراني.
ووفقاً لمراقبين، فإن سلطات الاحتلال ترى أن تلك الإعلانات قد تقوّي موقف حكومة بنيامين نتنياهو أمام الحلفاء الدوليين، كما تعتبره مبرّراً لشنّ هجوم «قاتل ودقيق» على إيران، وفق ما هدّد به وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت. وقال الخبير الأمني والعسكري الإسرائيلي، يوسي ميلمان: «تتزايد ظاهرة الإسرائيليين المستعدّين للتجسّس لصالح إيران وتنفيذ عمليات اغتيال لشخصيات إسرائيلية مقابل المال. الشاباك أعلن عن خمس حالات خلال هذه المدّة».
وتبدو الإعلانات الإسرائيلية متشابهة في مضمونها، وإن اختلفت في بعض تفاصيلها؛ إذ كشفت مصادر عبرية أن النيابة العامة قدّمت، أمس، لائحة اتهام ضدّ فلاديمير فرخوفسكي (35 عاماً)، ونسبت إليه تهمة «التواصل مع عميل أجنبي، وحمل ونقل سلاح، والتآمر على تنفيذ عمل إرهابي، وخطّ كتابات على الجدران ضد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ومحاولة اغتيال عالم إسرائيلي». ووصفت النيابة، «العميل الأجنبي»، بأنه «كيان يعمل من قِبَل أجهزة الاستخبارات في إيران»، وأنه «تواصل مع المتّهم من خلال عدة حسابات على منصة تلغرام». وبحسب لائحة الاتهام، فإنه طُلب من المتهم تسلّم مسدّس من موقع معيّن، ليستخدمه في قتل عالم إسرائيلي، مقابل مبلغ قدْره 100 ألف دولار تعهّد «العميل الأجنبي» بدفعه للمتهم، فيما اقترح الأول أن يساعد الثاني على الهروب إلى روسيا بعد تنفيذ عملية القتل.
وجاء هذا الكشف، بعد ساعات فقط من تقديم نيابة الاحتلال لوائح اتهام ضدّ مستوطنَين اثنَين نُسبت إليهما تهمة «التخابر مع الاستخبارات الإيرانية»، ومحاولة تنفيذ «عملية اغتيال»، بحسب بيان صادر عن «الشاباك» والشرطة. وقالت المصادر العبرية إن الخلية التابعة لجهات استخبارية إيرانية، سعت إلى تجنيد مستوطنين في إسرائيل، وإن «الشاباك» والشرطة اعتقلا أحد سكان مدينة رمات غان، ويدعى فلاديسلاف فيكتورسون (30 عاماً)، وزوجته آنا برنشتاين (18 عاماً) التي «شاركت في تنفيذ قسم من المهامّ». كذلك، جرى اعتقال شخص ثالث، وفق البيان الذي أضاف أنه «خلال التحقيق، تبيّن أنه، منذ شهر آب الماضي، كان فكتورسون على اتصال، من خلال الشبكات الاجتماعية، مع جهة تحمل اسم Mari Hossi»، وأن هذا الاتصال جرى باللغة العبرية». وتابع البيان: «نفّذ فيكتورسون، بتوجيه من مصدر إيراني، مهامَّ مختلفة، بينها رش كتابة غرافيتي، وتعليق منشورات، ووضع أموال وإحراق مركبات في منطقة متنزه اليركون في تل أبيب». ولاحقاً، طُلب من فيكتورسون، «إلحاق أضرار ببنية تحتية للاتصالات وأجهزة صرافة آلية، وإضرام النار في أحراج، وتم توثيق قسم من هذه الأعمال، التي تلقّى لقاءها مبلغ 5 آلاف دولار». وبحسب نتائج التحقيق، وافق فيكتورسون على تنفيذ مهمّة اغتيال شخصية إسرائيلية، وإلقاء قنبلة في اتجاه منزل، فيما سعى إلى الحصول على أسلحة، من بينها بندقية قناصة ومسدسات وقنابل صوتية. أيضاً، طُلب منه العثور على مشرّدين بهدف تجنيدهم من أجل تنفيذ مهامّ أخرى، والتقاط صور لمتظاهرين خلال الاحتجاجات في إسرائيل.
ترى سلطات الاحتلال أن الإعلان عن مخطّطات إيرانية لتنفيذ عمليات أمنية داخل إسرائيل قد يقوّي موقف نتنياهو أمام الحلفاء
وعلى رغم أن أجهزة الاحتلال الأمنية دأبت بين فترة وأخرى على الكشف عن مثل هذه القضايا في الإعلام، لكن هذه الإعلانات ازدادت أخيراً، ما قد يُعتبر دليلاً على نجاح الاستخبارات الإيرانية في اختراق الإسرائيليين. وكانت أجهزة الأمن الإسرائيلية أعلنت، في الـ19 من أيلول الماضي، اعتقال مستوطن، في آب، بتهمة التورّط مع جهاز الاستخبارات الإيراني، الذي جنّده، وطالبه بتنفيذ مهامّ أمنية داخل إسرائيل، بما فيها جمع معلومات، وتنفيذ عمليات اغتيال تستهدف نتنياهو، وغالانت، ورئيس «الشاباك» رونين بار. ولفتت المصادر العبرية إلى أن المشتبه فيه هو رجل أعمال أقام لفترة طويلة في تركيا، حيث له علاقات تجارية واجتماعية مع أشخاص من أصول تركية وإيرانية، وتم تهريبه بسيارة عبر معبر حدودي برّي قرب مدينة فان الواقعة في شرق تركيا، إلى إيران، التي التقى فيها عناصر من أجهزة الأمن الإيرانية.
كما زعمت السلطات الإسرائيلية، في 18 أيلول، أن «حزب الله» يقف خلف التفجير الذي وقع في تل أبيب قبل نحو عام في إحدى الحدائق العامة، وكان عبارة عن محاولة اغتيال فاشلة استهدفت وزير الأمن ورئيس الأركان الإسرائيلي الأسبق، موشيه يعالون. وبدا لافتاً أن تلك الإعلانات الإسرائيلية جاءت بالتزامن مع تنفيذ الاحتلال عملية تفجير أجهزة «البيجر» في لبنان، والتي أسفرت عن استشهاد وإصابة آلاف اللبنانيين.
احمد العبد