إيران ترفع ميزانيتها العسكرية 200%: الردّ على إسرائيل آتٍ
بعد أربعة أيام على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف إيران، فجر السبت الماضي، والذي أجمع المحلّلون على أنه ردّ محدود ولم يرتقِ إلى مستوى يحقّق لتل أبيب إعادة بناء قوّتها الرادعة، تستمر التكهنات حول كيفية ردّ إيران المحتمل على الهجوم، في ظل الضبابية التي تكتنف المساعي الدبلوماسية في هذا السياق. وفيما أكّد مسؤولون إيرانيّون أن بلادهم عازمة على الردّ، الذي لا يزال نطاقه وتوقيته غير معلوميْن بعد، تتعالى التهديدات الإسرائيلية والأميركية لطهران، والتي يراد منها على ما يبدو كبح الأخيرة ومنع ما سمّته واشنطن «خطأ الرد واتخاذ أي خطوة انتقامية».
وقال رئيس الأركان الإسرائيلي، هرتسي هليفي، أمس، إنه إذا أطلقت إيران مجدداً رشقة صاروخية في اتجاه إسرائيل، فإن جيشه سيردّ باستخدام «قدرات لم نستخدمها من قبل». وبحسب صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أضاف هليفي، في حديث إلى جنود إسرائيليين في قاعدة «رامون» الجوية، جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة – والتي كانت طاولتها الصواريخ الباليستية الإيرانية في الرد الأول على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق -، إنه «إذا ارتكبت إيران الخطأ وأطلقت وابلاً آخر من الصواريخ على إسرائيل، فسنعرف كيف نصل إلى إيران، وسنصل بقدرات لم نستخدمها من قبل، وسنضرب بقوة شديدة كلاً من الإمكانات والأماكن التي تركناها من قبل». وأضاف: «أننا نقوم بذلك لسبب بسيط للغاية، وهو أننا لم ننتهِ بعد، وما زلنا في منتصف الطريق». ولم تمضِ عدة ساعات على تصريحات هليفي، حتى حذّر البنتاغون، بدوره، مجدداً، من إمكانية قيام إيران بالرد على الهجوم الأخير، مشدداً على أنه «علينا الاستعداد لجميع حالات الطوارئ التي قد تحصل في المنطقة».
في غضون ذلك، ورغم المحاولات المتكرّرة لكبح الرد، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قال إن هجوم السبت «لم ينتهِ»، مضيفاً، في تصريحات أمام أعضاء الكنيست من حزب «الليكود» أول من أمس، أنه «من يعتقد بأن ضربة واحدة كافية لإنهاء الأمر فهو مخطئ». وبحسبه، فإن التهديد الإيراني يتكوّن من 3 محاور؛ الأول، هو «محاولة السيطرة على الجليل، ومنطقة غلاف غزة»؛ والثاني هو «الترسانة الكبيرة» من الصواريخ الباليستية لدى إيران، والتي زعم أن الرد يحول دون قدرة إيران على إنتاج المزيد منها. أما الثالث، فهو «سعي إيران لامتلاك سلاح نووي». وفي السياق نفسه، كشفت «القناة الـ13» أن إسرائيل تخطط لهجوم آخر على إيران رداً على استهداف منزل نتنياهو في قيسارية شمالي حيفا، موضحة أن المسؤولين الإسرائيليين «يناقشون عدة خيارات للرد».
ومع ذلك، لا تزال خطط نتنياهو الجامحة تلقى انتقادات من المستوى العسكري الإسرائيلي، إذ اعتبر الجنرال في الاحتياط، يسرائيل زيف، أن الضربة في إيران «تمنحنا فرصة أُخرى لترتيب جميع الجبهات من جديد. كانت إيران الأمل الأخير للتنظيمات «الإرهابية»، والآن، يعرفون أن الخلاص لن يأتي من هناك». لكنه، في الوقت نفسه، أشار إلى أن «جرّ إسرائيل إلى حرب استنزاف طويلة، يمكن أن يكون هدفاً انتقامياً في جميع الجبهات، وسيؤدي إلى فشل إسرائيل في إعادة البناء والعودة إلى روتين الحياة الطبيعية، الأمر الذي سيشكل ضرراً استراتيجياً خطِراً جداً بالنسبة إليها». وأضاف أن «الكرة في ملعب إسرائيل إلى حد بعيد جداً، والسؤال المنطقي الآن، أكثر من أيّ وقت مضى، هو عمّا إذا كانت هذه الحكومة تعرف كيف تتخذ قرارات أبعد من الضربات العسكرية. بما معناه، اتخاذ قرارات سياسية شجاعة تستغل الإنجازات العسكرية وتترجمها كي تغدو نتائج على شكل ترتيبات. هذا سيسمح لإسرائيل بإعادة تأهيل نفسها، بعد الأثمان الغالية والكبيرة والمؤلمة التي دفعتها خلال العام الماضي».
الحرس الثوري: سترون في الأيام القادمة ضربات أقوى ضدإسرائيل
واللافت أنه فيما دأب المحللون، خلال اليومين الماضيين، على تفسير تعقيدات المشهد الإقليمي وتفصيل استراتيجيات التوازن واستعراض القدرات العسكرية لدى الجانبين، أي إيران وإسرائيل، أعلنت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، أمس، أن سلطات إيران «تخطط لزيادة ميزانيتها العسكرية بنحو 200%»، علماً أن البرلمان الإيراني صادق على الخطوط العريضة لميزانية 2025 التي قدّمتها الحكومة، على أن يوافق عليها النواب رسمياً خلال عملية تصويت مقرّرة في آذار المقبل. كما أكدت مهاجراني، خلال مؤتمرها الصحافي الأسبوعي، أن «إسرائيل ستتلقّى الرد»، لافتة إلى أن تحديد نوعيته يعود إلى المجلس الأعلى للأمن القومي. بدوره، جدّد «حرس الثورة» تهديداته بتوجيه ضربات أقوى إلى إسرائيل قريباً، قائلاً، على لسان مساعد «الحرس» للشؤون التنسيقية، محمد رضا نقدي: «سترون في الأيام القادمة ضربات أقوى ستوجه إلى إسرائيل، وسيتفاجأ الإسرائيليون بإجراءات وابتكارات جديدة». كما أكد أن الإسرائيليين «سيتكبدون خسائر كبرى».
ويأتي هذا بعدما شهدت أروقة «مجلس الأمن»، أول من أمس، تبادلاً للاتهامات بين إيران وإسرائيل بتهديد السلام في الشرق الأوسط، وذلك خلال الجلسة التي طالب بعقدها وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، لإدانة ضربات الكيان على إيران، محذّراً من أن «التصرفات الإسرائيلية تمثّل تهديداً خطيراً للسلم والأمن الدوليين وتزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط». بدوره، قال السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، إن «العدوان الإسرائيلي على إيران واضح ولا يحدث بشكل منعزل. هذا الهجوم العدواني جزء من اتجاه أوسع ومستمر للعدوان والإفلات من العقاب، تزعزع به إسرائيل استقرار المنطقة بأسرها». وأضاف أن «انتهاكات إسرائيل المستمرة والمنهجية للقانون الدولي وعدوانها على إيران وجرائمها في فلسطين ولبنان وسوريا واليمن والتي تهدد بشكل مباشر السلام والأمن الدوليين، تتطلب إدانة لا لبس فيها وإجراء حاسماً من المجلس». كما كرّر السفير الإيراني التهديدات بالرد على الضربات الإسرائيلية، وحذّر من أن «جمهورية إيران الإسلامية تحتفظ بحق الرد على هذا العمل العدواني في أي وقت تختاره»، مؤكداً مع ذلك أنها تفضّل «دائماً» اللجوء إلى «الدبلوماسية لحل المشكلات الإقليمية».
في المقابل قال المبعوث الإسرائيلي، داني دانون، إن الكيان دافع عن نفسه بعد «الهجوم الصاروخي» في الأول من أكتوبر. وأضاف: «لقد وعدنا بأن أفعالهم لن تمر بلا رد»، وإسرائيل «وفت بوعودها». وادّعى أن «إيران زرعت العنف والفوضى والدمار في أنحاء الشرق الأوسط. وهذا العنف لا يقتصر على حدود إسرائيل، بل يهدد الاستقرار الإقليمي والأمن العالمي». أما الولايات المتحدة فكررت دعم حليفتها إسرائيل. وقالت السفيرة الأميركية، ليندا توماس غرينفيلد: «رسالتنا إلى إيران تبقى واضحة: إذا اختارت القيام بمزيد من الأعمال العدوانية ضد إسرائيل أو ضد الأفراد الأميركيين في المنطقة، فستكون هناك عواقب وخيمة. لن نتردد في التصرف دفاعاً عن النفس».
إلى ذلك، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر مطّلعة قولها إنه «تم نقل» أريان طباطبائي، وهي مسؤولة في البنتاغون يشتبه في قيامها بتسريب وثائق استخباراتية أميركية حول خطط الهجوم الإسرائيلي على إيران، إلى منصب جديد، حيث ستكون لديها «قدرة أقل على الوصول إلى المعلومات السرية». ورغم نفي وزارة الدفاع تورطها في التسريب، أكّدت الصحيفة أن طباطبائي، وهي أميركية من أصل إيراني، ستشرف الآن على مجال تعليم وتدريب القوات في مكتب وزير الدفاع، لويد أوستن.
الأخبار