حزب الله في الإمارات: استعادة حرية المعتقلين سياسياً
على مدار سنوات طويلة، لم يكُن ملف الموقوفين اللبنانيين في الإمارات محطّ اهتمام لبناني، إلا لدى قلّة قليلة اختارت الدفاع عنهم وحمل لواء قضيتهم. فجريمة توقيف مقيمين لبنانيين على أرض غير لبنانية واعتقالهم وتعذيبهم وحتى قتلهم بعدَ تلفيق التهم لهم لأسباب مذهبية وسياسية، كانت «حلالاً» بالنسبة إلى فريق لبناني سياسي – إعلامي «سيادي» معجب إلى حدّ الذوبان بدولة «الإقامات الذهبية» و«الحلم الأميركي» بصبغته الخليجية إلى حدّ أن مجرّد الإدانة أو تناول خبر الموقوفين كان مستحيلاً عند هؤلاء ومتجاهلاً من قبلهم.إلا أن خبر زيارة مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا للإمارات، والمحددة بمهمة محصورة فقط بمصير الموقوفين، أعاد الملف إلى الواجهة وصارَ مادة مسموحاً التداول لها من قبل هؤلاء الذين فتحوا المجال لمخيّلاتهم وذهبوا بعيداً في تحليل أبعاد الزيارة وربطها بمسارات إقليمية وتحولات مرتبطة بما تفرزه الحرب في غزة على مجمل أوضاع المنطقة. بقدرة قادِر، أصبحت للفريق اللبناني القدرة على تناول ملف الموقوفين ليسَ من باب الحرص عليهم كمواطنين لبنانيين تعرّضوا للظلم، بل لأنهم وجدوا فيه وسيلة جديدة لاتهام حزب الله بفتح بازار المقايضات السياسية في هذه اللحظة الحساسة التي تمر بها المنطقة.
لكن بعيداً عن إدخال الملف في حفلة الجنون السياسي الحاصل منذ تاريخ «7 أكتوبر» فإن زيارة صفا محصورة فقط بمتابعة ملف الموقوفين في الإمارات، وفقَ ما قالت مصادر سياسية بارزة أشارت إلى أن «هذه الزيارة أتت بعد مسار طويل من المحادثات بدأ منذ حوالي ستة أشهر». وكشفت المصادر أن «الإمارات حاولت أكثر من مرة فتح قنوات للتواصل المباشر مع الحزب بينما كان الأخير يرفض هذا الأمر، ووقتها كان الملف في حوزة المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي أوكِلت إليه مهمة متابعته، وأدّت الاتصالات التي قامَ بها آنذاك إلى إطلاق سراح عدد منهم عام 2021، إذ أفرجت الإمارات يومها عن ثمانية لبنانيين عادوا إلى بيروت بموجب اتفاق بين السلطات اللبنانية ونظيرتها الإماراتية لإطلاق سراحهم، وذلك بعد توقيفهم لأشهر عدة في الدولة الخليجية لاتهامهم بالتعامل مع حزب الله». كذلك وُعد إبراهيم بالنظر في إطلاق بقية المعتقلين في أي مناسبة وطنية أو دينية مقبلة. غير أن الملف لم يُغلق، واستمرت الإمارات في اعتقال عدد من المواطنين، إلى أن اضطرت منتصف العام الماضي إلى الإفراج عن خمسة معتقلين لبنانيين بعد وفاة أحد الموقوفين، غازي عز الدين، في سجنه، ودفنه في الإمارات.
المحادثات بدأت منذ ستة أشهر ولا أبعاد سياسية للزيارة
وفيما يفترض أن يعود صفا من الإمارات اليوم، تقول المصادر إن هناك معلومات عن إمكان أن يصطحب الموقوفين معه بعد الإفراج عنهم وهم: عبدالله هاني عبدالله (الخيام – محكوم مؤبّد)، علي حسن مبدر (صيدا – مؤبّد)، أحمد علي مكاوي (طرابلس – محكوم 15 سنة)، عبد الرحمن طلال شومان (كفردونين – مؤبّد)، أحمد فاعور (الخيام – محكوم 15 سنة)، فوزي محمد دكروب (زقاق البلاط – مؤبّد)، وليد محمد إدريس (البقاع – محكوم 10 سنوات).
وكشفت المصادر أن «فتح قنوات التواصل بين الإمارات والحزب أتى بعدَ وساطة من دولة إقليمية»، علماً أن مساعيَ بذلها مسؤولون أمنيون لبنانيون لدى نظرائهم السوريين ولدى الحكومة العراقية للتوسط لدى الإمارات لإقفال هذا الملف. وأكّدت المصادر أن «الاتصالات التي كانت قائمة أحيطت بسرية تامّة ولم يكن أحد على علم بها ولا حتى حلفاء الحزب في الداخل الذين استوضحوا عن ذلك بعد تسريب الخبر، وأن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أوكلَ المهمة لصفا، باعتبارها أمنية بامتياز ولا أبعاد سياسية لها»، جازمة بأن «ملف الموقوفين هو الملف الوحيد الذي يبحثه صفا في الإمارات ولا علاقة لزيارته بالملف الرئاسي ولا ملف الحرب».
المصدر:”الأخبار”