مؤشراتُ مشاركة أكثف: إيران انتخبت… وتنتظر رئيسها
طهران | أدلی الإيرانيون، أمس، بأصواتهم في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، لاختيار خلف للرئيس الإيراني الراحل، إبراهيم رئيسي، وسط معلومات حصلت عليها “الأخبار” تفيد بأن نسبة المشارکة تجاوزت، بحلول الساعة الثامنة والنصف مساءً، النسبة في الجولة الأولى (40%)، ووصلت عند الساعة التاسعة والنصف إلى 44.5%، علماً أن وزارة الداخلية الإيرانية قرّرت تمديد التصويت حتى منتصف الليل، ما من شأنه إضافة 5% إلى 10% إلى هذه النسبة، على أن تُعلن نتائج الدورة الثانية، ظهر الیوم السبت.وانطلقت عملية الاقتراع داخل إيران وخارجها، عند الساعة الثامنة صباحاً بالتوقيت المحلي، واستمرت حتى الساعة السادسة مساءً، ثم جرى تمديدها تباعاً. وشهدت انتخابات، أمس، سباقاً متقارباً بين المرشحَين، الإصلاحي مسعود بزشكيان، والأصولي سعيد جليلي. وأدلى الأول بصوته، رفقةَ وزير الخارجية السابق، محمد جواد ظريف، في أحد مراكز الاقتراع جنوبي طهران، فيما توجّه الثاني، يرافقه محسن منصوري، رئيس مقرّ حملته الانتخابیة ونائب الرئيس الإیراني للشؤون التنفيذية، إلى مدينة قرجك القريبة من طهران، للإدلاء بصوتيهما.
وكانت الجولة الأولى من الانتخابات جرت في الـ28 من حزيران الماضي، بين المرشحين الأربعة: مسعود بزشكيان، سعيد جليلي، محمد باقر قاليباف، ومصطفى بور محمدي. وشارك في تلك الجولة، نحو 24 مليون ناخب، أي ما نسبته 40% من الناخبين، لكنّ أيّاً من المرشحين لم يحصل على الأغلبية التي تخوّله الفوز بكرسي الرئاسة، فذهبت الانتخابات تالياً إلى جولة إعادة تنافس فيها المرشحان اللذان حصلا على العدد الأكبر من الأصوات، وهما: بزشكيان (10.415.991 صوتاً، أو 42.5%)، وجليلي (9.473.298، أو 38.6%).
من جهته، قال المرشد الأعلی الإیراني، علي خامنئي، بعد الإدلاء بصوته في الجولة الثانیة للانتخابات، إن الشعب الإیرانی سیختار “المرشح الأفضل”، مضیفاً أن “حماسة الشعب واهتمامه في المشارکة أصبحا أكثر من ذي قبل، وإذا كان الأمر كذلك، فهذا أمر يبعث على السرور”. وکان خامنئي وصف المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية، بـ”المهمّة جداً”، إذ قال، في تصريحات أدلى بها الأربعاء، إن “الجولة الأولى من الانتخابات لم تشهد مشاركة كما كان متوقعاً”، مؤكداً أن “الاعتقاد بأن مَن لم يشارك في الانتخابات في الجولة الأولى يعارض النظام، هو اعتقاد خاطئ بالمطلق”.
من المتوقّع أن تقام مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، في أوائل آب المقبل
وأعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الإیرانیة، ناصر کنعاني، من جهته، أن التقارير الواردة من السفراء ورؤساء الممثليات الإيرانية تؤكد أن مشاركة المواطنين الإیرانیین في الخارج في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، ارتفعت مقارنةً بالأسبوع الماضي، مؤكداً أن “المشاركة الرائعة للشعب في الانتخابات ستفتح فصلاً جديداً في تعزيز قوة البلاد على الساحتَين الإقليمية والدولية”. وبدوره، قال الرئيس الإيراني بالوكالة، محمد مخبر، خلال جولته على لجنة الانتخابات في وزارة الداخلية الإيرانية، إن “ثمة إقبالاً أفضل ممّا شهدته الجولة الأولى من الانتخابات”، مطمئناً الشعب الإيراني إلى أن “الحكومة تقف على الحياد بين المرشحَين”، وتعتبر صون أصوات الشعب في الانتخابات “خطاً أحمر”. وأضاف: “الحكومة تقوم بالإشراف على الانتخابات بحيادية وترصدها بدقّة، وذلك عبر اللجان الموزّعة في كل أنحاء البلاد للحفاظ على سلامتها”. وجاءت تصریحات مخبر بعدما اتّهم أنصار بزشکیان، الحكومة الحالیة بعدم الحياد في الانتخابات، في إشارة إلی وجود بعض مسؤوليها في الحملة الانتخابیة لسعید جليلي، ومن بينهم محسن منصوري، رئيس حملته الانتخابیة ونائب الرئيس الإیراني للشؤون التنفيذية.
وعشية الجولة الثانية من الانتخابات، جرت مناظرتان تلفزيونيتان مباشرتان بين المرشحَين، كان لهما انعكاس واسع على الأجواء السياسية والإعلامية في إيران، إذ شكل الاتفاق النووي (JCPOA) ورفع العقوبات وكيفية إدارة الإنترنت ومسألة الحجاب، محاور نقاش بزشكيان وجليلي. وانتقد المرشح عن التيار الإصلاحي، حكومة رئیسي، مشدداً على ضرورة رفع العقوبات من طریق التفاوض مع الغرب لحلّ المشاكل الاقتصادية في البلاد، فیما دافع منافسه الأصولي عن حكومة الرئيس الراحل، معتبراً نفسه استمراراً لنهج رئیسي، وله آراء مناهضة للغرب ومنتقد للاتفاق النووي.
ومن المتوقّع أن تقام مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، في أوائل آب المقبل. وبعد هذا الحفل، يكون أمامه أسبوعان لتقديم تشكيلة حكومته إلى البرلمان الإيراني للحصول على الثقة. ويتسلّم الرئيس التاسع منصبه، في وقت تواجه فيه البلاد قضايا صعبة، ولا سيما في ظلّ ارتفاع منسوب التوترات في المنطقة، فضلاً عن تزايد الخلافات بين إيران والغرب حول البرنامج النووي، واستمرار المشاكل الاقتصادية في ظلّ العقوبات.
محمد خواجوئي