قلق متنامٍ في إسرائيل: «مهرجان» العقوبات الدولية يتوسّع
تتحضر دول تُعد «صديقة لإسرائيل» لتوسيع دائرة العقوبات على كيانات وشخصيات إسرائيلية مرتبطة بالاستيطان. ويأتي قرار هذه الدول، وفقاً لصحيفة «هآرتس»، في أعقاب الرأي الاستشاري الذي أعلنته، نهاية الأسبوع الماضي، «محكمة العدل الدولية» في لاهاي، والذي عدّ الوجود الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة «غير قانوني». ويقدّر مسؤولون إسرائيليون رفيعون أن كل الدول والأطراف التي فرضت عقوبات على كيانات مرتبطة بالاستيطان، ومن بينها الولايات المتحدة، بريطانيا، الاتحاد الأوروبي، فرنسا، كندا، وأخيراً اليابان، ستعلن قريباً عن جولة جديدة من العقوبات، كما ستنضم إليها دول لم تتخذ بعد إجراءات مشابهة. ويربط المسؤولون العقوبات الجديدة المتوقع فرضها، بإجراءات وتصريحات صدرت عن وزير المالية، والوزير في وزارة الأمن، بتسلئيل سموتريتش، الذي يعمل عبر صلاحياته في الإدارة المدنية على ضمّ فعلي للمستوطنات في الضفة. ووفقاً لما نقلته الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي مطلع على الموضوع، فإن القرارات القادمة «ستكون أكثر إيلاماً من سابقاتها».وكان تكشّف، في نهاية الأسبوع الماضي، أن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، ناقشت فرض عقوبات على الوزيرين، إيتمار بن غفير، وسموتريتش، في خطوة من شأنها، إن أقرّت، أن تشكل سابقة في الضغط الأميركي على أنشطة اليمين المتطرف في إسرائيل. ووفقاً لمسؤول أميركي، فإن «القرار بفرض عقوبات على الوزيرين لم يُتخذ بعد، غير أنه يتم التداول به في الوزارات (الأميركية) ذات العلاقة. وفي الماضي، كان هناك رفض قاطع في البيت الأبيض لهذه الفكرة، لكن اليوم هناك مسؤولون مؤثرون في الإدارة يتحدثون بنبرة مختلفة». ومن جهته، يدرس الاتحاد الأوروبي توسيع العقوبات ضد الكيانات الاستيطانية عقب قرار «العدل الدولية»، علماً أنه أعلن، أخيراً، عن عقوبات ضد منظمة «الأمر 9» التي تعترض طريق شاحنات المساعدات الإغاثية للقطاع، وتعتدي على سائقيها وتنهب وتحرق محتوياتها.
إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، ناقشت فرض عقوبات على الوزيرين بن غفير وسموتريتش
وفي هذا الإطار، ذكر «هآرتس» أن دائرة العقوبات في الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية بعثت برسالة إلى المحامي الحقوقي الإسرائيلي، إيتاي ماك، جاء فيها أن «الاتحاد الأوروبي يبحث في معلومات تتعلق أيضاً بمسؤولين إسرائيليين رسميين بمستوى رفيع»، لكنها لم تذكر أسماء المرشحين للعقوبات في رسالتها. ومع ذلك، فإن مسؤولاً أوروبياً قال للصحيفة إنه «إن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على بن غفير وسموتريتش، فإن الاتحاد لن يبقى بمنأى عن ذلك». كما أن فرنسا وبريطانيا، اللتين حقق فيهما اليسار نتائج كاسحة في الانتخابات، تخططان أيضاً، بدورهما، لمزيد من العقوبات. وكان حذّر وزير الخارجية البريطاني، دايفيد لامي، الأسبوع الماضي، أثناء زيارته إسرائيل، مسؤولين في دائرة صنع القرار من أن الخطوات التي يدفع بها سموتريتش في الضفة من شأنها أن توسّع دائرة العقوبات ضد شخصيات ومنظمات تعمل تحت لواء الحركة الاستيطانية، منبهاً إلى أن العقوبات التي فُرضت حتى الآن على منظمات من بينها «ليهافا» و«الأمر 9»، هي مجرد «طلقة البداية».
ويسود الأوساطَ اليمينية في إسرائيل، قلق من أن العقوبات ستتوسع لتشمل منظمة «أمناه» التي تعد رأس الحربة في مشروع البناء الاستيطاني. وفي الشهر السابق، دخلت المنظمة إلى قائمة العقوبات الكندية، فيما تسود خشية من إدخال مزيد من المنظمات في دائرة العقوبات الأوروبية. ونقلت «هآرتس» عن ديبلوماسي أوروبي قوله إنه لم يصدر قرار بخصوص هذه المنظمة، «وعلى ما يبدو، فإن هذا أمر لم نكن سندرسه قبل سنة، لكن يتم بحثه اليوم. ويوجد تغيير حقيقي، وإسرائيل ليست منصتة إليه بشكل كاف». أما حكومة اليابان، التي تمثل دولة حليفة لإسرائيل في شرق آسيا، فنشرت، أمس، قرارها بفرض عقوبات ضد أربعة مستوطنين متورطين في أعمال عنف ضد الفلسطينيين. وقال مسؤول إسرائيلي، تحدث مع الصحيفة، إن «قرار اليابان ذو أهمية كبيرة، فهو يثبت أن دولاً أخرى لم تفرض عقوبات من قبل، تنضم إلى المهرجان».
إلى ذلك، تراهن الحكومة الإسرائيلية على عودة الرئيس السابق للولايات المتحدة، دونالد ترامب، عبر فوزه في الاستحقاق الرئاسي في تشرين الثاني، لإزالة كل العقوبات التي فرضت على مسؤولي اليمين المتطرف في إسرائيل. ورغم هذا، فإن ولاية الرئيس الحالي أمامها نحو ستة أشهر حتّى تنتهي، وقد يتخذ فيها الأخير قرارات بعقوبات إضافية. كما أن إسرائيل لا تقدر، حتى في حالة فوز ترامب وإزالة العقوبات، على أن تؤثر في قرار دول وأطراف أخرى كبريطانيا والاتحاد الأوروبي وغيرهما.
بيروت حمود