هاريس تختار نائبها: حرب غزة «تحسم» المنافسة
في أول مهرجان انتخابي يشاركان فيه معاً، خصّصت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، مساحة واسعة لـ«تقديم» مرشحها لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات الرئاسية القادمة، في محاولة لتحويل حاكم ولاية مينيسوتا، تيم وولز، من سياسيّ غير معروف نسبياً، إلى «نجم» حزبي، قبل تشرين الثاني المقبل. ولتحقيق هذا الهدف، لجأت هاريس إلى سرد «قصة وولز المدرب»، الذي نشأ في بلدة صغيرة في ولاية نبراسكا، قبل أن يصبح مدرّساً في الثانوية، ومدرباً لكرة القدم، تمكّن من جعل فريق لم يحقق أي بطولة، «بطلاً» للولاية، في إشارة، طبعاً، إلى قدرته على «إنجاز المهمات الصعبة»، قبل أن «يشجعه» طلابه على الترشح لمنصب سياسي.وبالإمكان القول إن إعلان هاريس عن اختيارها وولز، بعدما انحصرت المنافسة، أخيراً، بينه وبين حاكم ولاية بنسلفانيا، جوش شابيرو، كان بمنزلة «مفاجأة» لكثيرين، ولا سيما أنّ التوقعات كان تميل لمصلحة شابيرو. على أنّ موقف الأخير من الحرب في غزة، والمنحاز بشكل كبير إلى إسرائيل، هو ما جعل، طبقاً لعدد من المراقبين، هاريس تحسم قرارها باختيار وولز، الذي بات بمنزلة خيار «آمن» بالنسبة إلى الجزء الأكبر من الديموقراطيين. وطبقاً لبعض وسائل الإعلام الغربية، فإن المنافسة بين وولز وشابيرو كشفت عن صراع داخل الحزب الديموقراطي، بين الجناح اليساري الذي أيد وولز، وأعضاء آخرين اعتبروا أن على الحزب أن يحتضن «المعتدلين»، ويركز على ولاية بنسلفانيا الحاسمة، عبر اختيار شابيرو.
وطبقاً لتقرير نشره «معهد بروكينغز»، فقد روّج السناتور، بيرني ساندرز، لوولز وأشاد باختياره، كما فعل عدد من القادة التقدميين الآخرين، ما يعني، على الأرجح، أنّ هاريس لمست أن اختيارها له سيُلاقي حماساً في أوساط «جناح ساندرز»، فيما سيسير الديموقراطيون الآخرون بهذا الخيار، «من دون الكثير من التذمر العلني». وإلى جانب انتقاداته للمعارضين لإسرائيل في الولايات المتحدة، فقد أضعف تأييد شابيرو لـ«القسائم التعليمية»، التي تجعل المدارس الخاصة تستفيد من المال العام، شعبيته في أوساط «الجناح اليساري». كما حارب عضو «مجلس الشيوخ» عن ولاية بنسلفانيا، جون فيترمان، شابيرو، ووجه إليه جملة من الانتقادات اللاذعة، بما في ذلك اتهامات بوضع «طموحاته الشخصية» قبل كل شيء. من جهتهم، لجأ بعض مؤيدي شابيرو إلى ورقة «معاداة السامية» للدفاع عنه، وتبرير الاتهامات الموجهة ضده، ولا سيما أنّ المرشح من أصول يهودية.
ساهمت مواقف شابيرو الداعمة لإسرائيل في جعل خيار هاريس يقع على وولز
وتحوّل وولز، الذي كان، في بداياته، عضواً مؤيداً لحمل السلاح في منظمة «الاتحاد القومي للأسلحة»، إلى «اليسار» خلال مسيرته السياسية، ووضع خلال ولايته «جدولَ أعمال تقدمياً» لا لبس فيه، طبقاً لمراقبين، ما جعل فريق حملة الرئيس السابق، دونالد ترامب، يندد، الثلاثاء، بخيار هاريس لمنصب نائبها، واصفاً وولز بأنه «متطرف ليبرالي خطر»، معتبراً أن «حلم هاريس وولتز، بجعل الولايات المتحدة على صورة كاليفورنيا، يشكل كابوساً لكل أميركي». وخلال التجمّع الانتخابي الذي أقيم في ولاية فيلادلفيا، بدا أن هنالك «انسجاماً» واضحاً بين هاريس وولز، فيما هاجم الأخير ترامب ونائبه جاي دي فانس، بشراسة، واصفاً الرئيس السابق بأنه «رجعيٌّ ويزرع الفوضى والانقسام»، ويهدف إلى «تقويض الحريات»، «ومساعدة الأغنياء». وتابع: «زادت جرائم العنف في عهد دونالد ترامب، وذلك من دون ذكر الجرائم التي ارتكبها بنفسه»، في تعليق أثار ضحك الجمهور وهتافه. وباللهجة الساخرة نفسها، قال وولز، متحدثاً عن نائب ترامب: «ككل الأشخاص العاديين الذين نشأت معهم في وسط البلاد، درس جي دي في (جامعة ييل)، وموّل مليارديريو (وادي السيليكون) حياته المهنية، ثم كتب كتاباً حصد واحداً من أكبر المبيعات، ينتقد فيه تلك الفئة».
وطبقاً لمراقبين، قد تنجح هاريس ومعها نائبها في الاستمرار في «إنعاش» القاعدة الشعبية الديموقراطية، في وقت بدأت فيه بعض استطلاعات الرأي تميل بوضوح إلى مصلحتها. وبالحديث عن الأرقام، وتزامناً مع تعيين هاريس لوولز، أظهر استطلاع رأي أجرته شركة «SurveyUSA»، أن هاريس تتقدم بثلاث نقاط على ترامب (48% مقابل 45%)، وبأربع نقاط وفقاً لاستطلاع أجرته شركة «Morning Consult» (48% مقابل 44%)، ونقطة واحدة بحسب إحصاء أجرته شركة «يوغوف» بالتعاون مع شبكة «سي بي أس» (50% مقابل 49%).
الأخبار