أخبار عربية ودولية

تلاسن إيراني – تركي حول سوريا | طهران لأنقرة: التفتوا إلى إسرائيل

طهران | قبل نحو ثلاثة أشهر، حينما سقط الرئيس السابق، بشار الأسد، الحليف الاستراتيجي لإيران في سوريا، وحلّ محله زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المدعوم من تركيا، دخلت طهران وأنقرة في مواجهة فعلية. وهي مواجهة أبرزت التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، ضد إيران، وردّ المسؤولين الإيرانيين عليها، أبعاداً جديدة منها. وقال فيدان، في مقابلة مع قناة «الجزيرة» بثّتها الجمعة الماضي، إن ايران دفعت «ثمناً باهظاً» للحفاظ على نفوذها في العراق وسوريا، مضيفاً أنه «عندما كان قاسم سليماني على قيد الحياة، قلت له ذلك.

لكنني أرى أن إيران قد تعلّمت درساً كبيراً في المرحلة الجديدة من التطورات الأخيرة»، معتبراً أنه «لا العرب ولا الأتراك ولا الأكراد ولا الإيرانيون، ينبغي أن يبحثوا عن الهيمنة على الآخرين وخلق إزعاج أو تهديد». واتّهم إيران بدعم القوات الكردية السورية، قائلاً: «إذا كنتم تدعمون مجموعة في بلد آخر لإثارة الفوضى، فمن الممكن أن يقوم بلد آخر بدعم مجموعة داخل بلدكم للهدف ذاته».

ورداً على تلك التصريحات، أعاد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إلى الأذهان دور إسرائيل في المنطقة، وموقف تركيا منه. وقال إن «إسرائيل، وبعد أيام من سقوط دمشق على يد قوات مدعومة تركياً، نفّذت هجمات واسعة النطاق على المنشآت والبنى التحتية العسكرية والدفاعية السورية، وحتى المراكز العلمية والبحثية للبلد، ودمّرت أكثر من 90% منها، واحتلت كل مرتفعات الجولان. واستولت على أجزاء واسعة ومهمة من الأرض السورية». وأضاف أن الاحتلال الإسرائيلي «يسيطر حالياً على أهم مصادر المياه السورية وينتهك باستمرار سلامة أراضي سوريا وسيادتها الوطنية»، مضيفاً أن «كل هذه الأحداث وقعت تحت حكم هيئة تحرير الشام التي تدعمها تركيا».

كما شدّد على أن «إيران دعمت دائماً المقاومة، لكنها تصدّت بالتزامن مع ذلك، بمصداقية للسلوكيات المناقضة للقانون والإرهاب». وأشار إلى أن إيران كانت أول بلد يندّد بالانقلاب العسكري في تركيا، ومن أوائل الدول التي رحّبت بإلقاء «العمال الكردستاني» السلاح، واعتبرته خطوة هامة على طريق تدعيم الأمن في هذا البلد الجار.

أما رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، إبراهيم عزيزي، فوصف تصريحات فيدان بـ «الوقحة»، وقال إن «إيران ركّزت في مجال السياسة الخارجية دائماً على سياسة حسن الجوار والاحترام المتبادل مع بلدان المنطقة. لذلك، يتعيّن على الأشخاص إلقاء نظرة على المواقف الإيرانية قبل أن يدلوا بأي وجهة نظر». وشدّد على أن «تركيا يجب أن تعلم أن المستقبل الذي تصبو إليه وأحلامها في سوريا لن تتحقق»، مضيفاً: «لا بد من التذكير، كما قال قائد الثورة الإسلامية، بأن الشبان الشجعان والمؤمنين والثوريين، هم الذين سيرسمون مستقبل سوريا».

برلماني إيراني: تركيا يجب أن تعلم أن أحلامها في سوريا لن تتحقق


وكان ساد العلاقة بين إيران وتركيا على مدى العقدين الأخيرين، مزيج من التنافس والتعاون، في حين تحوّلت سوريا خلال السنوات الأخيرة إلى واحدة من القضايا محل الخلاف بين الطرفين، والتي اشتدّت حدة التنازع في شأنها في الأشهر الثلاثة الأخيرة التي أعقبت سقوط الأسد وانسحاب القوات الإيرانية من سوريا. وفي هذا السياق، قال المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، قبل نحو ثلاثة أشهر من دون أن يسمي تركيا، إنه إلى جانب اسرائيل وأميركا، ثمة «بلد جار» كانت له يد في ما جرى في سوريا.

ويأتي تصاعد التراشق الكلامي بين طهران وأنقرة حول موضوع الأكراد في المنطقة، في أعقاب زيارة رئيس الاستخبارات التركية، إبراهيم قالين، طهران في 8 شباط الماضي، حيث التقى مسؤولين في حكومة الرئيس مسعود بزشكيان وبحث معهم موضوع حزب «العمال الكردستاني» والوضع في سوريا. والجدير ذكره، هنا، أن أحد التحديات الرئيسية التي تواجهها المجموعة الحاكمة في سوريا حالياً، هي القوات شبه العسكرية الكردية الحاكمة في الشمال الشرقي من البلاد، والتي تنظر إليها تركيا دائماً على أنها تهديد، واستهدفت مواقعها مراراً.

وفي المشهد السياسي والإعلامي الإيراني، لقيت تصريحات فيدان ردود فعل حادّة؛ إذ قالت صحيفة «إيران» الحكومية في مقالها الافتتاحي متوجّهة إليه: «أنتم تعلمون علم اليقين أن إيران تعاونت معكم دائماً في مكافحة الإرهاب. لذلك، فإن الزعم بأن إيران تدعم قوات سوريا الديمقراطية، لا أساس له. ويجب أن تطلبوا وقف هذا الدعم من أميركا، لا من إيران». وتابعت: «أيها السيد فيدان! نعم، صحيح أنه من غير المقبول دعم مجموعة ما ضد سيادة وحكم بلد آخر. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو، لماذا دعمتم أنتم المجموعات السورية المعارضة لنظام الحكم في سوريا؟ ولا يخفى على أحد كيف تم تنظيم وتجهيز وإعداد هيئة تحرير الشام، لتتمكّن من استغلال الظروف غير المؤاتية للجيش السوري، للتحكّم بمصير البلاد».

بدورها، أكّدت وكالة أنباء «تسنيم» القريبة من الحرس الثوري، في مقال، أن «تركيا غير مؤهّلة للحديث عن السياسة الإقليمية لإيران»، مضيفة أن «أنقرة تنحو باللائمة على سياسة إيران الإقليمية وتعتبرها خطأ، غير أن إلقاء نظرة على سجلّ تركيا في مجال السياسة الخارجية للعقد الأخير على الأقل يظهر أن تركيا اعتمدت سياسة خارجية حافلة بالأخطاء على المستويين التكتيكي والاستراتيجي». وأشارت إلى السياسة المتأرجحة لأنقرة تجاه مصر بعد سقوط محمد مرسي، والإمارات، ومقتل جمال خاشقجي، وروسيا في العقد الأخير، وقالت: «في جميع هذه الحالات، ذاقت أنقرة مرارة الفشل والهزيمة، واضطرت إلى تقديم الاعتذار للطرف الآخر، وإعادة الوضع إلى ما كان عليه سابقاً».

محمد خواجوئي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *