في لا قانونية التمديد للعضوين في المجلس العسكري
مدّد وزير الدفاع موريس سليم سنّ تقاعد عضوَي المجلس العسكري لدى وزارة الدفاع اللواء الركن بيار صعب حتى 27/09/2025، واللواء الركن محمد مصطفى إلى 04/10/2028، سنداً للقانون الرقم 317 الصادر في 21/12/2023، والذي قضى بـ«تمديد سن تقاعد قائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية الذين يمارسون مهامهم بالأصالة أو بالوكالة أو بالإنابة ويحملون رتبة عماد أو لواء، ولا يزالون في وظائفهم بتاريخ صدور القانون لمدة سنة من تاريخ إحالتهم إلى التقاعد»، وهو تمديدٌ، في رأينا، غير سليم من الناحية القانونية للأسباب الآتية:أولاً، استهدف القانون الرقم 317 قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية فقط الذين خاطبهم قانون الإنشاء (قانون الدفاع الوطني بالنسبة للأجهزة العسكرية، وقانون تنظيم الأمن الداخلي بالنسبة للأجهزة الأمنية)، وذلك بذكر صلاحياتهم الشخصية اللصيقة بهم، وبالتالي فإن المادة 27 من قانون الدفاع الوطني التي عدّدت صلاحيات المجلس العسكري لا تجيز الاستنتاج بأنها تخوّل أعضاء المجلس العسكري صلاحيات شخصية بمعزل عن المجلس، بل تعني أنها أعطت الأهمية للمجلس كهيئة جماعية لا مجموع اعضائه كلٍ بمفرده، أيّ أن صفة «القادة» مرتبطة بصلاحيات اختصها القانون في شخص بعينه، مما يعني أن قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية هم الأشخاص الذين ذكرهم القانون بعينهم وخصّص لهم صلاحيات قيادية من دون اقترانها بالهيئة الّتي يتنمون لها.
ثانياً، إن نصّ القانون واضحٌ لا يحتمل تفسيرات متعددة، اذ قال بالتمديد للقادة الذين يحملون رتبة لواء او عماد، على اعتبار أن هناك اشخاصاً في قوى الأمن الداخلي، من الناحية القانونية، من عداد القادة ولا يحملون رتبة لواء او عماد، مما يعني أنه ليس كلّ لواء مخاطباً بالنص ما لم يكن من قادة الأجهزة الأمنية، الأمر الذي دفع المشرّع إلى تخصيص وتعريف القادة المستفيدين من التمديد، وإبراز تمايزهم بصفة خاصة لا تشكّل حالة مستقلة الا بقدر ارتباطها بصفة أصلية، وهي قيادة جهاز أمني أو عسكري، بدليل أن الأسباب الموجبة للقانون الرقم 317 عبّرت عن نيّة المشرع وإرادته، حينما ذكرت قائد الجيش ومدير عام قوى الأمن الداخلي، وهو تفسيرٌ يتماشى مع منطلقات مذهب «التفسير العلمي» الذي يفسّر النص على ضوء النيّة الحقيقية للمشترع، حيث يمكن استنتاجها في متن القانون أو في أسبابه الموجبة.
ثالثاً، من الثابت أن القانون الذي استند اليه وزير الدفاع محدّد الأجل، أيّ أنه مدّد سن تقاعد الأجهزة الأمنية لمدة سنة فور صدوره، في حين أن التمديد المشكو قد تجاوز هذا الأجل، وبالتالي يكون قد تخطّى نطاق تطبيقه من حيث الأشخاص والزمان، وهو تجاوزٌ غير مبرّر، ما لم يأتِ التمديد وفق المادة 55 من قانون الدفاع الوطني، عندئذ يجاز ذلك في كلّ مرّة تتوافر شروطها: اذا كان الأشخاص المستفيدون منه في وضع اعتلال صحي، او اذا صدر قرار عن وزير الدفاع بناءً على اقتراح قائد الجيش وذلك في حالة الحرب او في عند اعلان حالة الطوارئ او عند تكليف الجيش المحافظة على الأمن، بينما لم يجرِ إصداره سنداً للمادة 55، لعدم توافر شروطها.
لذلك، نستطيع القول إن مبدأ المشروعية في المؤسسات الرسميّة صار مجرد وجهة نظر تخضع لأهواء الناطقين به، حيث يُحجب أو ينهض فور أن تقرّر السلطة ظروف تطبيقه أو استبعاده!
جهاد اسماعيل
كاتب وباحث دستوري