ملفّ سلامة «نام» في بيروت و«شغّال» أوروبياً: تعطيل التحقيق يحرم لبنان من عائدات الأملاك المحجوزة
نجح الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة في تحييد نفسه وشركائه عن يوميات الحياة اللبنانية، وبات بالكاد يُذكر حتى عند الحديث عن سرقة أموال المودعين. وُضِّب تقرير شركة التدقيق الجنائي في أدراج القضاة، وخفّ إلى حدّ الانطفاء وهج التحقيقات في ملف الحاكم السابق وشقيقه رجا سلامة ومساعدته مريان الحويك وكل من يظهره التحقيق متورطاً في سرقة القرن.لكن، في وقت ينام فيه القضاء اللبناني على حرير ذاكرة اللبنانيين القصيرة، تتواصل التحقيقات الأوروبية في ملفات آل سلامة المتعلقة بتبييض نحو مليار دولار، وخصوصاً بعد الادعاء على رياض سلامة في كل من فرنسا وألمانيا وملاحقته من قبل الأنتربول، وإدراجه ونجله نادي وشقيقه رجا وصديقته آنا كوزاكوفا ومستشارته الحويك على لائحة العقوبات في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا.
في آخر مستجدات التحقيقات المفتوحة في لوكسمبورغ، التي أصدرت مطلع العام الماضي قرارات بحجز أصول مرتبطة بالتّحقيق في حقّ سلامة ونجله وشقيقه وكوزاكوفا، علمت «الأخبار» أن رجا سلامة تراجع عن طلب استئناف الحجز بما خص شركتَي Black River وWhite River properties. وفي اتصال مع «الأخبار»، قال عزيز سليمان، رئيس «جمعيّة ضحايا الممارسات الاحتيالية والجرائم الماليّة في لبنان» (الجمعية التي ادّعت على سلامة وشركائه بالتعاون مع منظمة «شيربا»)، إنه تبلغ أول من أمس خبر تراجع رجا عن التقدم بطلب استئناف لفك الحجز عن أصول الشركتين، «ما يبقيهما تحت قبضة السلطات القضائية في لوكسمبورغ. ولذلك لن يعقد القاضي الجلسة التي كانت مقررة للنظر في الطلب». وعُلم أن من بين أسباب تراجع رجا سلامة عن طلب فك الحجز التكاليف التي يتكبّدها نتيجة ردّ الطلب في كل مرة.
بالتوازي، كانت شركة Fulwood invest sarl (مملوكة من رياض سلامة ويديرها ابنه نادي) قد تقدمت بطلب مماثل لاسترداد الأصول التي حُجز عليها بقرار من قاضية التحقيق مارتين كراوس في 23 آذار 2022. وقد ادّعى مدير الشركة المؤقت المحامي يان بادن أن له الحق في الأصول المسجلة في الحسابات المصرفية المفتوحة لدى BGL BNP PARIBAS SA (IBAN LU97 0030 5176 1966 1000 برصيد دائن قدره 25,341.27 يورو، وIBAN LU12 0030 5176 1971 2000 برصيد دائن قدره 400,523.53 جنيه استرليني، وIBAN LU36 0030 5176 1981 4000 برصيد دائن قدره 54.48 دولاراً). لكن القاضي رأى أنه «يبدو من التحقيق الذي تم إجراؤه أن الأصول التي يطلب استردادها قد تشكّل عائدات الجرائم المرتكبة، ما يضعها في خانة المصادرة اللاحقة من قبل النيابة العامة. ولأن استرداد الأصول المصادرة يلحق الضرر الجسيم بحقوق الأطراف المدنية، قررت غرفة المحكمة ردّ طلب الاسترداد»، علماً أن شركة Fulwood هي واحدة من شركات رياض سلامة في لوكسمبورغ ويديرها ابنه نادي. وقد اشترت الشركة عقاراً في غرب لندن في حزيران 2020 بقيمة 7.8 ملايين دولار، يدرّ إيجاره نحو نصف مليون دولار سنوياً، كما اشترت عقاراً ثانياً في وسط لندن في كانون الأول 2020 بقيمة 6.5 ملايين دولار.
محكمة لوكسمبورغ ترفض طلبات فك الحجز عن أملاك سلامة وكوزاكوفا
من جهة أخرى، رفضت محكمة لوكسمبورغ أيضاً طلب شركة STOCKWELL INVESTISSEMENT SA فك الحجز عن أصولها عبر المحامي نفسه يان بادن، الذي ادّعى الحق في استرداد الأموال المودعة في الحساب المفتوح لدى مصرف JULIUS BAER EUROPE SA. وبلغت قيمة الموجودات في هذا الحساب حتى تاريخ 24 آذار 2022 نحو 8 ملايين و387 ألف يورو. تجدر الإشارة الى أن شركة stockwell التي أسّسها سلامة في لوكسمبورغ عام 2015 برأسمال قدره 5 ملايين يورو، ترتبط مباشرة بشركة bet sa المؤسسة في لوكسمبورغ أيضاً، وصاحبة الحق الاقتصادي فيها آنا كوزاكوفا.
الخطير في كل ما يحدث أوروبياً أن التحقيقات تسير بوتيرة سريعة، ما سيقود الى محاكمات سريعة تنتهي باستحواذ هذه الدول على الأموال المختلسة من دون أن يكون للبنان أيّ حصة فيها نتيجة تعليق الملف القضائي وتعطيله. وبالتالي من مصلحة القضاء اللبناني القفز فوق النزاعات والعراقيل لمحاكمة سلامة وشركائه سريعاً. وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن النيابة العامة التمييزية تلقّت أخيراً من البنك المركزي قرصاً مدمجاً يتضمّن داتا حول حسابات سلامة ونجله نادي وصديقته كوزاكوفا ومساعدته الحويك بعد تجميد حساباتهم ورفع السرية المصرفية عنها بطلب من رئيس هيئة التحقيق الخاصة، الحاكم بالإنابة، وسيم منصوري، استجابة للعقوبات الأميركية عليهم. وقد حوّلها القاضي غسان عويدات الى قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي لاتخاذ الإجراءات المناسبة، ما يعني بـ«اللغة اللبنانية» المزيد من المماطلة وإضاعة الوقت… إلا في حال قرر القاضي القيام بواجبه.
المصدر:”الأخبار”